رؤى الحجاز

فيصل البكري

حينما كنت طفلآ وأنا ألعب مع أبناء الجيران داخل الحديقة القابعة في منتصف حارتي التي أسكن فيها دون إكتراث للوقت وهو يمر مسرعآ معتقدآ بأن جميع من كان معي هم أصدقاء أوفياء.

كنت أظن أن كلمة "حب" التي تتردد على مسامعي ما هي إلا "قلب" لونه أحمر وفي منتصفه سهم صُنع من أغصان الزيتون.

وأكبر الأوجاع الذي يتألم منها الإنسان

لا تتعدى "وخزة إبرة" نأخذها على مضض حينما نشعر بالمرض.

فيما لا يوجد أصعب من الإستيقاظ باكراً مع أذان الفجر للذهاب لمسجد الحارة ومن ثم إلى المدرسة.

وما أصعب ذلك اليوم حينما أقف متلعثمآ أمام معلمي لحل مسألة في مادة الهندسة خوفآ من أن لا يستقيمان الخط الموازي للأخر.!

كنت أظن بأن أكبر جريمة أقترفتها في طفولتي عندما أدخل خلسة عن أعين الرقباء لسرقة قطعة من حلوة العيد الموجودة داخل صندوق خشبي في غرفة الزوار بمنزل أسرتي. وأكبر الذنوب حينما ألقي بحقيبة المدرسة حين عودتي في صالة المنزل وأنا أعلم بأن في داخلها كتاب الله.

فكم تألمت عندما أرى قطعة "خبز" ملقاة على قارعة الطريق.

أذهب مسرعآ لأضعها بجوار إحدى أسوار المنازل بعد وضع قبلة بريئة عليها.

تربيت على أن "الجار" خط لا يمكن تجاوزه فنحن وهم أسرة واحدة في العادات والقيم والتقاليد دون الإهتمام بالنسب والأسماء والشكل والألوان والثراء.

في طفولتي كنت أظن أن الجميع يتمنى الخير لغيره. وأن كل من يحلف بالله صادقآ. وكل من يتخذ على عاتقه عهداّ يفي به ولا يخون.

فكم يراودني يقيني بأن الأصدقاء وحدهم "طوق نجاة" وأن القلوب ببساطة تلين ولا تقسوُ مهما تلقت من صدمات.

يا ليتها تعود تلك الأيام وذلگ الزمن الجميل دون أن أرى الوجه القبيح لعالم اليوم وأنا أستقبل به صباحي كلما أشرقت شمس يومٍ جديد والله الموفق...