يحيي الأرمن في الرابع والعشرين من شهر إبريل ذكرى ما يعرفونه بـ «المذبحة الأرمنية» أو «الإبادة الجماعية للأرمن» والتي يتهمون الأتراك (جنود الدولة العثمانية آنذاك) بالقيام بها في سنة 1915 خلال أحداث الحرب العالمية الأولى، والتي ترفض تركيا الاعتراف بكونها «مذبحة» أو «إبادة».
ومع اقتراب الذكرى المئوية لتلك الأحداث يتجدد الجدل الذي يثار بشكل سنوي من خلال تصريحات ساسة العالم الغربي التي تدعو تركيا للاعتراف بمسؤوليتها التاريخية عن «إبادة وتشريد» الأرمن، وكان أبرزها هذا العام تصريح البابا فرنسيس بابا الفاتيكان التي قال فيها إن «أول إبادة جماعية في القرن العشرين وقعت ضد الأرمن».
إلى ذلك تبنى البرلمان الأوروبي خلال جلسته يوم الأربعاء 15 أبريل قراراً باعتبار 24 أبريل يومًا لذكرى «الإبادة الأرمنية» داعيًا تركيا لـ«التصالح مع الماضي والاعتراف بالمسؤولية والشروع في مصالحة حقيقية».
أثارت تلك الأفعال من قبل الأوروبيين حفيظة الأتراك (حكومة ومعارضة على حد سواء)؛ حيث قامت تركيا باستدعاء سفيرها لدى الفاتيكان، وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إن تصريحات البابا «متحيزة» و«غير لائقة»، فيما وصف الرئيس رجب طيب أردوغان تلك التصريحات بـ«الكلام الفارغ»، من جانبه طالب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض حكومة بلاده بإعداد صيغة «ردٍ جماعيّ» على قرار البرلمان الأوروبي، واصفًا مصطلح الإبادة الأرمنية بـ«المزعوم».
وتختلف الروايات التي يستند إليها كل من الأرمن وخصومهم الأتراك في توصيف تلك الأحداث التاريخية التي جرت قبل 100 عام...
الرواية الأرمنية:
تتلخص رواية الأرمن في أن الأتراك قابلوا محاولات بعض الأحزاب الأرمنية الحصول على حكم ذاتي لمناطق انتشارهم شرق الأناضول بحملة إبادة مدروسة عن طريق القتل والتهجير القسري.
ويقول الأرمن إن ضحايا تلك الأحداث يتراوح عددهم ما بين 1 إلى 1.5 مليون شخص، كما نتج عنها تشريد عشرات الآلاف الذين لجأوا إلى سورية ولبنان ومصر وغيرها من الدول.
وتعترف أكثر من 20 دولة حول العالم بهذه الرواية معتبرين أن ما جرى كان إبادة جماعية بمعنى الكلمة، وصوت العديد من برلمانات تلك الدول على قرارات تحمل تركيا المسؤولية عن هذه «الإبادة».
الرواية التركية للأحداث
تختلف الرواية التركية عن نظيرتها الأرمنية في توصيف طبيعة وشكل تلك الأحداث التاريخية؛ حيث يؤكد العديد من الباحثين أن ما حدث لم يكن سوى نوع من ردة الفعل الطبيعية على تحالف الأحزاب الأرمنية المسلحة مع الروس خلال الحرب العالمية الأولى (وكان الأرمن حينها تحت سلطة الدولة العثمانية، وروسيا طرف مقابل للعثمانيين في الحرب)، ويشيرون إلى أن قتلى الأحداث لا يتعدى عددهم 300 ألف قتيل، كما يتهم المؤرخون الأتراك الأرمن بارتكاب العديد من المجازر والفظائع بحق السكان المسلمين في الولايات الشرقية من الدولة.
وفي هذا الصدد يقول الأكاديمي التركي أرول كورجي أوغلو، مدير مركز أبحاث العلاقات التركية الأرمنية بجامعة أتاتورك، إن العصابات الأرمنية قتلت 519 ألف مسلم تركي خلال تلك الفترة.
ويضيف أوغلو أن نشاط الأرمن حول العالم وسعيهم لإجبار الدول على الاعتراف بـ«مزاعمهم» هدفه تحريف الحقائق التاريخية من أجل التغطية «على جرائمهم التي ارتكبوها بحقّ المسلمين».