(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ)
خواطر حول الآية، بقلم طارق حنفي......
نشر في 21 ديسمبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
لقد تفنن الإنسان منذ القدم فى تأليه الكثيرين من دون الله، عبد الشمس والنجوم، وعبد الحيوان والشجر والنهر، وعبد الأرواح والجن، كما عبد الأصنام والأوثان، وحتى بعد بعثت النبيين والمرسلين والتعريف بالله سبحانه وأنه الإله الواحد الأحد الخالق، المستحق وحده بالعبادة، وحتى مع التعريف بملائكته وأنبيائه، نجد أن هناك منهم من عبد الأنبياء والملائكة من دون الله!!!!!!!!! ووفقا للآية الكريمة سيدخل النار كل من عبد غير الله ومعه الإله الذى عبده.......... فما معنى حصب جهنم؟؟؟؟؟ وهل سيدخل النار معهم من عبدوهم من الملائكة والنبيين؟!!!!!!
قالوا فى تفسير الآية الكريمة: إنكم أيها المشركون بالله، العابدون من دونه الأوثان والأصنام، أنتم وما تعبدون من دون الله من الآلهة.....(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يعني الآلهة ومن يعبدها، (حصب جهنم) وأما حصب جهنم، فقال بعضهم: معناه وقود جهنم، وهو نفس معنى الآية (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، وقالوا: الحصب هو الشجر، وقال آخرون: بل معناه حطب جهنم، وقالوا: وإستثنى من ذلك من عبد من دون الله، وهو لله طائع ولعبادة من يعبد كاره كالملائكة والنبيين وهو معنى الآية (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ)....
والله أعلم نقول: إن جهنم كغيرها من أصناف مخلوقات الله المجبولة على الطاعة، التى لا تعرف من أمرها غير طاعة الله وتسبيحه، هي لا تقبل ولا تتصور من الأساس أن يكون هناك مخلوقات تستطيع أن تعصي الله، ولما كانت جهنم قد أخذت من جبروت الله وكبريائه وغضبه في خلقها، فقد آثرها الله بالمتكبرين والمتجبرين من خلقه. ولما كان من صفاتها وصفات القائمين عليها من الملائكة الغلظة والشدة، جعلها الله عذابه للعاصين والمشركين، لا تأخذها بهم شفقة ولا رحمة، هى لا ترضى أن يكون هناك كافر أو مشرك بالله الجبار العظيم دون أن تنتقم منه، يغيظها ويؤججها ذلك الشعور بوجود الكافر والمشرك أو العاصي، والذى معه تزمجر وتريد أن تنقض على ذلك العاصى أو المشرك والكافر بالله بمجرد أن تراه من بعيد (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا)....
وكما ورد في القرآن الكريم، فإن وقود النار هو الناس والحجارة (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) لكن ومع الشرح السابق لجهنم وصفاتها وخلقها، هل تحتاج النار حقا لوقود أو حطب لتشتعل أوتستمر فى الإشتعال؟، أم أن هناك معنى آخر؟!!!!! إن معنى الآية هو: أن ما يؤجج نار جهنم ويزيدها سعيرا هو عندما ترى المشرك وصنمه، الحجارة هنا ترمز إلى الأصنام، ليست الأصنام بالمعنى المادى ولكن الصنم المعنوى، صورة المعبود الذى سيطر على قلب الكافر من دون الله، الشريك الذى إحتل جزء من قلب المشرك بالله، سواء أكان ملاك أم نبى، شمس وقمر أو شجر .....إلخ، فهى بالفعل موقدة إتقاد ذاتي (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ), وعندما تطلع على الأفئدة (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) وترى فيها صورة ذلك الإله والذى ترسخ فيه حتى إستحال صنما لهو سبب غضبها وهياجها وزيادة لهيبها، هو وقودها وحطبها. هى إذا ليست فكرة حطب ووقود ولكنها فكرة السبب والحافز، فالذى يحفز النار على الإستعار هو وجود مثل أولئك المشركين ورؤية صور من يعبدون من المخلوقات العاجزة من دون الله العظيم الواحد القهار وهي تحتل حيز من قلوبهم!!!!!! وطالما تواجد فيها الكفار والمشركون ستستمر فى السعير والزمهرير.......هي إذا ليست فكرة تعذيب الإنسان ومعبوده من دون الله فى النار، ولكن تعذيب الإنسان لأنه هو المخير الذى إختار، ومعه صورة ذلك المعبود المنطبعة فى قلبه، ليتذكر أن معبوده هذا من دون الله هو سبب دخوله النار، وهو في حد ذاته نوع من العذاب له يورث في نفسه الحسرة والندم. وليعلم علم اليقين أن ما يعبد من دون الله مجرد أسماء وليست آلهه وإلا ما تركوهم يدخلون النار ويتعذبون فيها................
وصل اللهم وسلم وبارك على محمد الأمين المبعوث رحمة للعالمين، اللهم آته الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته، اللهم آته ما يستحقه واجزه ما هو أهل له، اللهم احشرنا تحت لوائه وأوردنا حوضه واجعلنا من شفعائه يا رب العالمين.........
طارق حنفي
-
طارق حنفيأعرض خواطري حول بعض الآيات القرآنية والقضايا الدينية والفلسفية، بما يجود به الله علي.. أتحري الدقة فيما أنقل عن خواطري بحيث لا تعارض أقوال علماء الدين.. حيث أعتمد في كتاباتي على طرح أسئلة ثم بالتحليل والمنطق أحاول الوصول ...
التعليقات
لكن لدي استفسار استاذ طارق... من خلال هذه الاية حاولتم إعطاء معنى لفكرة "هل تحتاج جهنم حقا لما يجعلها موقدة؟"... و عللتم أنها مخلوق يرفض أن يكون هناك من يشرك بالله فيشتد غضبها و هذا ما يجعلها موقدة.
أنا فقط أسأل هل هذا التفسير هو تفسير شخصي و اجتهاد مبني فقط على الخيال؟ أم أن هناك تأصيلا له من خلال أقوال العلماء و ما جاء في الاثر؟
و شكرا لكم على هذه الوقفات القرآنية التي نحتاجها كثيرا للاستفادة و التذكير.