حملات التشجيع على القراءة تذكر محاسنها، وكيف أنها مرتبطة بالرقي وما إلى ذلك؛ لكن نفع القراءة لا يحصل إن لم يكن بصيرا منتقيا، ولا يكتمل إلا بتوجيه قد يبدو مناقضا، ألا وهو: لا تقرأ! لا تقرأ كل شيء، ولا تقرأ أي شيء، وإلا انقلبت الفائدة المرجوة ضررا. فكما أن من المتفق عليه أن جودة القراءة ليست بالكم، فكذلك ينبغي ألا تتحول الوسيلة إلى غاية تُطلَب بغض النظر عن المضمون.
ما فائدة أن أنغمس في قراءة كتاب لملحد شهير؟ أي باب من الضرر أفتحه على نفسي بذلك! لكن، أليس الخوف على الإيمان علامة على ضعفه أو قلة اليقين؟ هل معنى ذلك التسليم أن الكاتب يدك حصون الإيمان وأنك تتحاشى الاطلاع عليه حتى تسلم؟ والجواب: من قال لك إن الإيمان ورسوخه مسألة عقلية بحتة؟ إن الشك المتسلل قد يكون نفسيا عاطفيا لا يتطرق للأدلة الشرعية والعلمية والمنطقية ولا بالأحرى ينقضها، ولكن ربما اهتز تعظيم الدين لدى الشاب المسلم المحب للثقافة، وربما تمادى به الأمر إلى أن يطرح المسلمات والقطعيات للنقاش، نازلا بها إلى مهاوي الظن والاحتمال. لا يعني هذا أن الكاتب الملحد الشهير يدك حصون الإيمان -وأنّى له- ولكن أخشى أن ينهار صرح الإيمان في قلبي أنا لقلة زادي؛ والعاقل يطلب الثبات على الحق ولا يعرّض نفسه للأفكار الهدامة.
فليقرأ الكتابَ العالم الدارس المختص وليفندْه؛ أما المسلم البسيط، وإن كان متعلما وقارئا، فالأولى أن يشتغل بما ينفعه.
مقالات ذات صلة
-
محمد أنديشأسجل بصوتي كتبا مسموعة.