الموت بلا شك نتيجة حتمية للحياة ،ولكن الله سبحانه ينجينا منه أحياناً ليعطينا المزيد من الأوقات ،فكم من أشخاص نجوا منه سواءً في الجو ،أو في الأرض ،أو في البحر مع تعدد المواقف.. أذكر جيداً بعض منها: عندما كنت امتطي حصاناً حيث لم استطيع السيطرة عليه بعدما رأى طريق العودة إلى الإسطبل فأخذ يركض كالريح إلى أن دخل فيه ،ولم يخفف سرعته ،وكان من المفترض أن أرتطم في الجدار المبني من الاسمنت والحجارة الموجود في المدخل ،إلا أنني وجدت نفسي منبطحاً على جنبي في الأرض ،وكأنني أتلقب في فراشي , وكأنه حلم .. واذكر جيداً طريق عودتي مع بعض اقاربي من مكة المشرفة ،حين أراد سائق السيارة أن يدخل محطة لتعبئة الوقود ،وكان في مقدمتها بعض الرمل الخفيف، فأخذت السيارة تزحف من طريق العودة ,وبالكاد توقفت في منتصف طريق الذهاب, ولم يسمع قائد المركبة إلا صراخ الركاب بأن يتحرك بسرعة قبل وقوع الحادث الأليم .. كذلك عندما زرت مدينة "القريات" ،وكنا نتجه إلى البر ،إلا أن قائد المركبة أراد تحدي سيارة أخرى بالسرعة ،فأخذ يسابق إلى أن فقد السيطرة وأمست السيارة في منتصف الطريق الدولي المؤدي إلى "الأردن" ,وكنا في انتظار ارتطام شاحنة ضخمة بنا ،حيث كان الصمت سيد الموقف ،والعرق يتساقط ،إلا أن صاحب الشاحنة تفادانا برجولة، وانجانا الله سبحانه من حادث أليم ..و أيضاً قبل أيام خرجت من العمل متجهاً للمنزل وعندما تحولت الاشارة من الأحمر إلى الأخضر انطلقت مباشرة متجهاً لليسار، وفجأة أوقفت السيارة تماماً دون شعور ،حيث كان قائد مركبة متهور يقود بسرعة جنونية ،ويخطف الاشارة وهي بالجهة اليسرى بالنسبة لي كسائق ،وربما كان بيني وبينه فقط سنتيمترات .
قال الشاعر :
الموت لاشك آتٍ فاستعد له
إن اللبيب بذكر الموت مشغول
لكل منا ربما مواقف عديدة مع النجاة ولكن هل ندرك قيمة هذه الحياة التي وهبنا الله اياها دون استهتار بها مع الاستشعار بأن في كل مرة نجاة هي بمثابة حياة جديدة كتبها الله لنا ربما سوف نسأل عن ماذا فعلنا بعدها ،وهل شكرنا الله عليها وتبين ذلك في أعمالنا ،وتذكرنا اولئك الذين رحلوا عنا وصاروا تحت التراب، وامنياتهم التي كانوا عليها بأن يعودوا للحياة ،ويتعرفوا على الله أكثر. لنستشعر أن كل يوم جديد يمر علينا هو هبة منه سبحانه حري بنا شكرها ،وأن النجاة الحقيقة هي النجاة من النار ،وأن الموت لا مناص منه في هذه الدنيا قال الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ).
-
mohammed alhashimطالما أنت على قيد الحياة.. ازرع شجراً تترك أثراً بعد رحيلك.