الرحلة الأخيرة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الرحلة الأخيرة

  نشر في 09 يوليوز 2021 .

من أي رأسٍ سأخرج الآن؟ ومن أي كأسٍ سأتقيّأ؟

كآنت أُمسية مُضحكة لكنها بكَت في آخر ساعاتها، كانت تُمطر بتعبٍ وآضح ربما السمآء هي من تتقيأ ألمها الليلة و قد أضطرُ لتأجيل حزني ، لنحترم الأدوار قليلاً لا بأس ..!

لكنني لم أنهي حديثي في رأسي بعد ، لا يزآل طعم النبيذ في لسآنِ مشآعري الهآربة و لا يزآل تأثيره يفتلُ رأسي و يقتلُ كل محاولاتي بالتكلّم، كنتُ أنتظرُ بآقة ورد عند بآبٍ عتيق ، لكنّه انهار قبل وصول وردتي الحمرآء ، أقول ربما الطقس سيء أو أن هذه السنة غآضبة، كانت قد خآنتها الرزنامة..

لم تحدث الأيّام كما يجب و لم تلتزم بأوقاتها المعتادة ، كانت في حالةِ هجوم على كل مخططاتي، لكن لا بأس.. 

كانت هنا رحلتي الأخيرة !

و هل لي أن لا أُلاحظ تعثّراتي ؟ . .

إنني أخطو نحوَ السماء و سرعان ما تسحبني الأرض لبطنها ، إنني أبحث عن النجوم و سرعان ما تحرقني ..

هل لي أن أنجو مرة واحدة .. أو قليلاً ؟

ليسَ المشهد نفسه ، لكنّه العجزَ نفسه ، و ليست مشنقتي و لكنّها مصيَدتي ..

كنتُ أحاول الكلام و في كل مرة كانَ يبتلعني قبلَ أن أبوحَ بهِ، كنتُ أحاول النهوض و كل الصخور تحطّمني ، و كنتُ في حربٍ مع اليأس و في كلّ مرة يرهقني ..

لستُ هنا بقصدِ الحديث ولا الفضفضة .. إنني هنا بقصدِ التّنفس قليلاً و محاولة هضم ما يحزنني ، كانت فكرة بائسة حينَ حاولت التعبير عمّا يهدّ روحي تلك ، كنت أتعثّر بكل حروفي و أشتبكُ بها كخيوطٍ عتيقة لا تُعتَق ..

كنتُ أشبه كل شيء سوى أمنياتي ، كنتُ أشبه حظّي السيء و شيء من الكوارث الطبيعية و الصُدفة التي تُفسد اللحظات الجميلة ، كل شيء بدآخلي بقي على شكلِ لوحة خرساء لا هي تستطيع التكلّم ولا الناظر إليها يستطيع سماعها ، لازلتُ أرى نفسي ككل مرة .. كمشهدٍ قصير من فيلمٍ بلا صوت باللونَيْن الأبيض و الأسود ، كنهايةٍ مفتوحة يُساء تفسيرها، لازلتُ أُصادف الخيبات في كلّ ممر و كل أمنية ، و لازلت أمشي في ضيقٍ و كأنني لا أرى ..

هل كنتُ في غفلةٍ عن ما جرى؟ .. أم كنتُ الغفلةُ في كل ما جرى؟

منذُ سنين و أنا أحرق أنفاسي خلف شيء واحد .. خلفَ إثبات وجودي هُنا ، كل ما أردتهُ يوماً أن أرى نفسي قريبة من المكان الذي أستحقّه ، أن أشعر و لو لمرة واحدة بأقدامي على الأرض و أنها قادرة على حملي بكل ما أحملُ من أسى ، و في كل مرة كنتُ أفشل بذلك..

ربما الأمر لا يتعلّق بحظّي السيء ، ربما أنا لا أليق بتلك الأمنيات أو أنني نسيتُ دآخلي فارغاً و تناولتُ أمنية من تحتِ التُّراب ..

لستُ في صدد المواجهة الآن ، أنا فقط أشعر بالتعب الشديد و كلّ ما أفكر به هو قيلولة تُجيب ذهني الممزق عن بعضٍ من الأسئلة التي فاتَ أوانها ، انتهَت صلاحية الإجابات المُحتمَلة ، أريد فقط أن أنسى ولو لمدة قصيرة كرمشةِ العَيْن ، لكن أعلم تماماً بأنني لن أنسى و لن أحاول تجديد مساري و أمنياتي سأنام و هي تحت وسادتي و سألتقي بها ربما في كابوسٍ مُريع ، و كلّ شيء يقف في وجهي و بكلّ عداوة ، جميع الأبواب تطرق نفسها بوجهي و لستُ أعثُرُ على منفذٍ أو ثقب باب .

إنني أحاول هضم ما يحزنني هنا ، هضم كل تلك المحاولات الفاشلة ، في أول خطوة جديّة لي و في أول أمل يميلُ ناحيتي ، و في أول خيط أُمسك به و أول شُعلة تضيء أمام عيني المُنطفئة ، تعثّرتُ بالقَدَر و خاصَمني كلّ شيء ، أغلَقَت البداية نفسها أمامي و رمَت بوجهي نهاية عميآء بلا نُقطة إنطلاق ..

جميع الخسارات تُباغتني و من كل مكان تلتوي نحوي ..




  • Mais Soulias
    الكتابة ليست مجرد ورقة وقلم , إنما حوار بين الإحساس والصمت ، أكتب لأنني أشعر، لأنني.. أريد أن أحيا لا أن أنجو❤
   نشر في 09 يوليوز 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا