من أي رأسٍ سأخرج الآن؟ ومن أي كأسٍ سأتقيّأ؟
كآنت أُمسية مُضحكة لكنها بكَت في آخر ساعاتها، كانت تُمطر بتعبٍ وآضح ربما السمآء هي من تتقيأ ألمها الليلة و قد أضطرُ لتأجيل حزني ، لنحترم الأدوار قليلاً لا بأس ..!
لكنني لم أنهي حديثي في رأسي بعد ، لا يزآل طعم النبيذ في لسآنِ مشآعري الهآربة و لا يزآل تأثيره يفتلُ رأسي و يقتلُ كل محاولاتي بالتكلّم، كنتُ أنتظرُ بآقة ورد عند بآبٍ عتيق ، لكنّه انهار قبل وصول وردتي الحمرآء ، أقول ربما الطقس سيء أو أن هذه السنة غآضبة، كانت قد خآنتها الرزنامة..
لم تحدث الأيّام كما يجب و لم تلتزم بأوقاتها المعتادة ، كانت في حالةِ هجوم على كل مخططاتي، لكن لا بأس..
كانت هنا رحلتي الأخيرة !
و هل لي أن لا أُلاحظ تعثّراتي ؟ . .
إنني أخطو نحوَ السماء و سرعان ما تسحبني الأرض لبطنها ، إنني أبحث عن النجوم و سرعان ما تحرقني ..
هل لي أن أنجو مرة واحدة .. أو قليلاً ؟
ليسَ المشهد نفسه ، لكنّه العجزَ نفسه ، و ليست مشنقتي و لكنّها مصيَدتي ..
كنتُ أحاول الكلام و في كل مرة كانَ يبتلعني قبلَ أن أبوحَ بهِ، كنتُ أحاول النهوض و كل الصخور تحطّمني ، و كنتُ في حربٍ مع اليأس و في كلّ مرة يرهقني ..
لستُ هنا بقصدِ الحديث ولا الفضفضة .. إنني هنا بقصدِ التّنفس قليلاً و محاولة هضم ما يحزنني ، كانت فكرة بائسة حينَ حاولت التعبير عمّا يهدّ روحي تلك ، كنت أتعثّر بكل حروفي و أشتبكُ بها كخيوطٍ عتيقة لا تُعتَق ..
كنتُ أشبه كل شيء سوى أمنياتي ، كنتُ أشبه حظّي السيء و شيء من الكوارث الطبيعية و الصُدفة التي تُفسد اللحظات الجميلة ، كل شيء بدآخلي بقي على شكلِ لوحة خرساء لا هي تستطيع التكلّم ولا الناظر إليها يستطيع سماعها ، لازلتُ أرى نفسي ككل مرة .. كمشهدٍ قصير من فيلمٍ بلا صوت باللونَيْن الأبيض و الأسود ، كنهايةٍ مفتوحة يُساء تفسيرها، لازلتُ أُصادف الخيبات في كلّ ممر و كل أمنية ، و لازلت أمشي في ضيقٍ و كأنني لا أرى ..
هل كنتُ في غفلةٍ عن ما جرى؟ .. أم كنتُ الغفلةُ في كل ما جرى؟
منذُ سنين و أنا أحرق أنفاسي خلف شيء واحد .. خلفَ إثبات وجودي هُنا ، كل ما أردتهُ يوماً أن أرى نفسي قريبة من المكان الذي أستحقّه ، أن أشعر و لو لمرة واحدة بأقدامي على الأرض و أنها قادرة على حملي بكل ما أحملُ من أسى ، و في كل مرة كنتُ أفشل بذلك..
ربما الأمر لا يتعلّق بحظّي السيء ، ربما أنا لا أليق بتلك الأمنيات أو أنني نسيتُ دآخلي فارغاً و تناولتُ أمنية من تحتِ التُّراب ..
لستُ في صدد المواجهة الآن ، أنا فقط أشعر بالتعب الشديد و كلّ ما أفكر به هو قيلولة تُجيب ذهني الممزق عن بعضٍ من الأسئلة التي فاتَ أوانها ، انتهَت صلاحية الإجابات المُحتمَلة ، أريد فقط أن أنسى ولو لمدة قصيرة كرمشةِ العَيْن ، لكن أعلم تماماً بأنني لن أنسى و لن أحاول تجديد مساري و أمنياتي سأنام و هي تحت وسادتي و سألتقي بها ربما في كابوسٍ مُريع ، و كلّ شيء يقف في وجهي و بكلّ عداوة ، جميع الأبواب تطرق نفسها بوجهي و لستُ أعثُرُ على منفذٍ أو ثقب باب .
إنني أحاول هضم ما يحزنني هنا ، هضم كل تلك المحاولات الفاشلة ، في أول خطوة جديّة لي و في أول أمل يميلُ ناحيتي ، و في أول خيط أُمسك به و أول شُعلة تضيء أمام عيني المُنطفئة ، تعثّرتُ بالقَدَر و خاصَمني كلّ شيء ، أغلَقَت البداية نفسها أمامي و رمَت بوجهي نهاية عميآء بلا نُقطة إنطلاق ..
جميع الخسارات تُباغتني و من كل مكان تلتوي نحوي ..
-
Mais Souliasالكتابة ليست مجرد ورقة وقلم , إنما حوار بين الإحساس والصمت ، أكتب لأنني أشعر، لأنني.. أريد أن أحيا لا أن أنجو❤