عالم اللاجدوى
حين يلبس الملل جلدك
نشر في 18 يوليوز 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
عالمنا الذي نعيش فيه ليس نوعا واحدا وحيدا، إنه عبارة عن أجزاء وعوالم أخرى نعرف بعضها ونجهل بعضها الاَخر.. بعضها نعمة وبضعها نقمة.. بعضها يرفعك وبعضها يسقطك.
أتمنى أن لا يقودك حظك العاثر وقدمك التائهة لدخول عالم اللاجدوى، لأن هذا يعني صدور حكم الإعدام في حقك، إعدام معنوي روحي تموت فيه روحك و تفقد مشاعرك وأفكارك حياتها، ويظل جسدك وحده ينتظر ملك الموت!
إنه عالم الملل، الفراغ، واللاشيئ على الاطلاق.
هل تعرف من يوجد في هذا العالم؟
يوجد فيه هؤلاء الشباب الذين يجلسون على قارعة الطريق، يتسكعون ويلهون ويدخنون... يقلقون راحة الجميع ويعاكسون أي فتاة اضطرتها الظروف للمرور بجوارهم، فالكلام الذي ستسمعه والتصرفات التي ستراها ستجعلها تندم على الساعة التي قررت فيها الخروج.
يوجد فيه ذلك الموظف الكئيب الذي يشتغل في وظيفة كئيبة لم يخترها ولم يحبها، يجد نفسه مجبرا على تحملها وتحمل مدير لا يطيق شعرة واحدة من رأسه، كل هذا من أجل يحصل في نهاية الشهر على قليل من المال وكثير من الغبار والعرق...
توجد فيه تلك المرأة التي لا شغل لها ولا عمل غير إثارة المشاكل و التجسس والتقاط الأخبار والإشاعات من هنا وهناك لتنشرها بعد أن تضيف إليها لمساتها الخاصة طبعا، وأحيانا اختلاق القصص و الأخبار لم لا؟ لاشك أنك تعرف هذا النوع... ففي معظم العائلات توجد نمامة مثيرة للمشاكل مثل هذه السيدة اللطيفة.
توجد فيه تلك الفتاة التي أينما بحثت عنها تجدها في محل تجاري للملابس والإكسسوارات، تذوب بين الأشكال والألوان والتصاميم الغريبة... فما يهمها هو أن يكون وجهها و رأسها مليئا بالمساحيق والإكسسوارات الجميلة حتى لو كان فارغا تماما من أي أمر اَخر. بهذا فقط تستطيع تحقيق حلمها النبيل: اجتذاب شاب ما وتأسيس أسرة جديدة (وغالبا ما يكون شابا من نوعية الشباب الذين ابتدأت الحديث بهم).
يوجد فيه ذلك الأستاذ الجامعي الفاشل الذي لا يطيق رؤية طلبة يفكرون ويبحثون ويجتهدون ويبحثون عن مستقبل أفضل، فيعمل على إفشالهم ويتفنن في وضع العوائق في طريقهم من معاملة سيئة، امتحانات تعجيزية، تصحيح ظالم وعلامات كارثية متعمدة يفسد بها مستقبلهم... فالرجل لا يطيق أن يرى أمام عينيه أشخاص ذوي طموح عال بينما هو يشعر باللاجدوى...
يوجد فيها ذلك الشخص الذي لا يغادر سريره إلا لتناول وجبات طعامه أو مشاهدة التلفاز، حيث تنحصر بقية أنشطته اليومية في النوم والتثاوب...
يوجد فيه ذلك الشخص الذي يصمم قضاء وقته في مشاهدة مسلسلات أغلبها فارغ من المضمون.. حلقة وراء حلقة ومسلسل بعد مسلسل حتى يجد نفسه في أزمة حقيقية بسبب تعلقه الشديد بعالم المسلسلات الخيالي.
يوجد فيه كثيرون، عشرات الشباب والفتيات غارقون في هذا العالم لا يستطيعون الخروج منه. هذه النماذج تزخر مجتمعاتنا العربية بعينة كبيرة منها... ماذا يمكننا أن نفعل؟
إن كنت تعرف أحدا منهم امنحه الجدوى، امنحه القيمة والهدف... أره أن في الحياة أشياء أكبر بكثير من المظاهر وإيذاء الاَخرين. أعطه كتابا قيما، أسمعه أغنية راقية، شاهد معه برنامجا يعيد له طموحه و إحساسه بالحياة، اخرج معه في نزهة وحدثه عن العوالم الموازية الأخرى...
-
شيماء عبد السلامفتاة غير عادية، تعيش حياة عادية