بعد أيام قلائل بإذن الله تعالى ستشرق على الدنيا مناسبة عظيمة ، وذكرى عطره ، ويوم مبارك امتد نوره شرقًا وغربًا إلى أن عمّ العالم كله عطرًا ونورًا ، إنه يوم مولد سيد البشرية ، أشرف الخلق ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، صلوات الله وسلامه عليه ، ويحتفل المسلمون جميعًا فى جميع الدول الإسلامية بهذه المناسبة السعيدة ابتهاجًا بمولد الرسول –صلى الله عليه وسلم- إيمانًا ويقينًا بأن هذا اليوم خير أيام الدنيا ، وهو اليوم الذى أخرجنا من ظلمات الكفر والشرك بالله إلى نور الإيمان والتوحيد .
ولكن مظاهر الإحتفال بهذه المناسبة العظيمة يتخللها الكثير من النقائص ، فكثير من المسلمين يقتصرون فى هذه المناسبة الجليلة على تبادل التهنئة وشراء الحلوى والزينة ، وغيرها من المظاهر السطحية التى لا تليق بإحياء هذه الذكرى ، فمثل هذه الذكرى الشريفة يجب أن تحيا بتذكر حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وإحياء السيرة النبوية ، والاسترسال فى قص مواقفه مع الصحابه –رضوان الله عليهم أجمعين- وأعماله وإنجازاته ، كما ينبغى أن نقوم بسرد غزواته للأطفال ، وتوضيح قدر التضحية التى كان يبذلها –صلى الله عليه وسلم- والصحابه الذين هانت عليهم أرواحهم ودمائهم الطاهرة لنصر دين الله وإعلاء كلمة الحق ، وقدر المعاناة التى تحملوها فى سبيل نشر الدعوة الإسلامية .
وأهم ما يجب علينا فى هذه المناسبة العطرة التمسك بأخلاقه –صلى الله عليه وسلم- وإمتثال أوامره ، وإجتناب نواهيه ، والسير بمحاذاته فى كل كبيرة وصغيرة لا سيما فى المعاملات والتقرب إلى الله بها ، حيث قال عنها –صلى الله عليه وسلم -: ( الدين المعاملة ) ولم يذكر العبادات فى أحاديثه قدر ما ذكر المعاملات بين الناس ، وبيّن فضلها عند الله ، وفى هذا الصدد يكفى التذكير بقوله –صلى الله عليه وسلم : ( أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا ) .
ويبقى أن نتذكر معًا فضل الصلاة على الرسول –صلى الله عليه وسلم – فهى نور، وهدى، وهداية، وغفران للذنوب، ونور للقلوب والوجوه ، وبركة وزيادة فى كل خير ، ونيل شفاعته يوم القيامة بإذن الله ، وتبشير من يصلى عليه بالجنة، وسببًا لقضاء الحوائج ونيل الأمانى ، وإتباع أوامر الله ، وموافقة الملائكة حيث قال تعالى :" إنّ الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " كما أن الصلاة عليه من أهم أسباب محو الخطايا ، حيث قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : ( من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ) وجاء صحابى إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله إنى أكثر من الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتى ؟ فقال : ما شئت ، قال : قلت الربع ؟ قال : فإن زدت فهو خير لك ، قلت : النصف ؟ قال : وإن زدت فهو خير لك ، قلت : فالثلثين ؟ قال : فإن زدت فهو خير لك ، قلت : أجعل لك صلاتى كلها ؟ قال : إذًا تكفى همك ويغفر ذنبك .
فاللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين صلاةً تفرج بها كروبنا وتقضى بها حاجاتنا وتغفر بها ذنوبنا وترضى بها عنّا يا الله ، وكل عام وكل المسلمين فى بقاع العالم بخير وأمن وسلام .