صديقي المرشح للفساد
حين تصبح مناصب المسؤولية عنوانا للفساد والانتهازية
نشر في 27 غشت 2016 .
أخبرني صديق لي ، وهو أحد المرشحين لانتخابات رئاسة البلدية ، أن أحد المرشحين المنافسين وهو من قدامى السياسيين ، وأحد أعضاء المجلس الشعبي البلدي الحالي أنه بعث له برسالة شفهية مع شخص مقرب منه فحوها كالتالي :
'' يأخي فلان أنت شخص ذو سمعة جيدة ، ويحترمك الناس ، وأحترمك أنا شخصيا ، ولذلك أنا أنصحك بأن لا تترشح لرئاسة البلدية ، ليس خوفا من المنافسة ولكن خوفا على سمعتك الجيدة من أن تضييع وسط دناءة الحرب الانتحابية أو في معترك العمل السياسي .. انتهى .''
لقد بدى محتوى الرسالة غريبا بالنسبة لي للوهلة الأولى ولكن بعد أن أمعنت التفكير في محتواها جيدا أدركت السر الخفي وراء هذا الخطاب الغريب . فلم تكن تلك وجهة نظر خاصة بهذا المرشح وحده بل انها وجهة نظر يتبناها الكثيرون في بلادي من الطبقة السياسية ومن عامة الشعب ، و الأدهى والأمر أن شريحة واسعة من المحسوبين على الطبقة المثقفة يؤمنون بهذا القول .
فهل يجب أن لا يكون المرشح لمناصب المسؤولية شخصا ذو سمعة جيدة ؟ و هل يجب أن ينأى ذوي السيرة الحسنة عن المشاركة في الحياة السياسية حتى لا تتلطخ سمعتهم؟
إن كان هذا الأمر صحيحا من هو الأولى بالتقدم لمناصب المسؤولية هل ذوي السمعة السيئة ، من الخونة والمرتشين والفاسدين هم من يجب أن يعتلي تلك المناصب .
لماذا تحولت نظرة الشعب إلى مثل هذه السوداوية والسلبية ، فأصبح المسؤولون يوسمون تلقائيا بمثل هذه السمات القبيحة ، فور اعتلائهم كراسي الحكم ؟ على الأقل في بلادي يحدث هذا. حيث اختفى المسئولون الشرفاء والذين لا يزالون موجودين طبعا بين ركام الانتهازيين والفاسدين . وأصبح كل شخص نزيه مخيرا بين أن يصبح فاسدا أو أن يعتزل العمل السياسي ، في وقت أصبحت فيه سمات الفساد والانتهازية من المطالب الأساسية لبلوغ مناصب المسؤولية .
والسؤال الذي أقلقني كثيرا هو : هل أصبح صديقي مرشحا للفساد ضمن هذه المنظومة المتعفنة ؟
-
عبد الحميد سليمانيمدرس لغة إنجليزية ، حاصل على ليسانس في اللغة والأدب الانجليزي ، مراسل لبعض الصحف والمجلات الالكترونية ، مهتم ، بالتنمية البشرية ، تقنيات التعلم وتاريخ الفكر الانساني . عاشق للمطالعة والكتابة .