هل تساءلت لماذا أمريكا والغرب مهوسان جدا في إسرائيل؟ ولماذا يدعمانها؟ ليس بغريب تساؤلك عن الدعم المستمر ماديا وعسكريا وإعلاميا ومعنويا لإسرائيل. هذا السؤال يفيد الاستغراب والاستهجان ويشرع أبواب الفكر في محاولة فهم العلاقات الإسرائيلية الأمريكية وتآمرهم على فلسطين. هذه المقالة مبادرة ومحاولة شخصية لفهم الجاذبية القوية التي تملكها إسرائيل لجذب اهتمام الغرب لها وخاصة أمريكا وعن مركزيتها في وسط السياسات الغربية وخاصة الأمريكية، ولئن هذا الدعم المستمر الأعمى، لا يمكن أن يُفهم في المشهد السياسي المعاصر دون أن نفهم خلفيته وبواعثه والاستشهاد بالماضي كل ما أمكن ذلك، كونه ينطوي على حقائق مهمة لفهم العلاقة الإسرائيلية الأمريكية وبالتالي تأطيرها في سياق سياسي قابل للفهم والإدانة لتوعية الوعي السياسي العربي الذي يكاد يختنق جراء الإعلام والسرديات الملفقة.  

لا يصعب حقا إدراك أساس الأواصر الغربية الإسرائيلية، ولا يستصعب فهم الأساس الذي يبنى عليه الدعم والتأييد. لا يمكن البتة تعمد غض البصر على الجسور المتينة التي تربط بين الغرب وإسرائيل. نحن نعيش في عالم منفتح على مصراعيه، مما يستحيل الانفصال عنه، وهذا ما يجعل الشخص المتفرج على الأحداث التي تُعرض على شاشات الجوال والمطلع على أخبار الصحف والمنشورات، قادر على إتيان الأسباب وعلى الإلمام بالبواعث والحجج لفهم المشهد أو لنقول لتكوين رأي. اعتقد أحد الأسباب الذي يدفع أمريكا والغرب لدعم إسرائيل وتمويلها برأسمال والذخائر والعتاد، هو لغرض استخدامها من أجل تحقيق أهدافهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، من المعلوم أن إسرائيل ليست دولة يهودية انما تهودت لتبرير وجودها على الأراضي الفلسطينية. وإلا ماهو مبرر تصريح بايدن عندما قال أن لو لم تكون هناك إسرائيل لتوجب على أمريكا اختراعها؟ أن إسرائيل هي الوجه الحقيقي لأمريكا والغرب عموما، وهي تمثل استكمال لمشروع الاستعمار في العالم الذي لا زال عاجز عن التخلص منه. إسرائيل في الحقيقة، دولةٌ تأسست بناء على مطالب الحركة الصهيونية التي ظهرت في ستينيات وأواخر القرن التاسع عشر وهدفها الأساسي تجميع شتات اليهود وتكوين دولة واحدة لهم. والصهيونية حركة لا دينية وأقرب إلى الإلحاد، الغرض منها تأسيس دولة يهودية قومية. تأسست فكرة الصهيونية على يد موسى هس وصقلها وزينها الفيلسوف الملحد تيودور هرتزل. 

هناك بعض الأفكار الخاطئة والناجمة عن استغراب الدعم المستمر الغربي لإسرائيل، واحدة من هذه الأفكار هي أن اليهود يتحكمون في العالم وفي السياسة الأمريكية تحديدا. هذه معلومة مغلوطة ومبالغ فيها ويصعب تصديقها بل أني اراها تساهم في استقرار الوجود الإسرائيلي لأطول مدة ممكنة وعلينا أن نتخلى منها لما تسببه من كسل وتقاعس في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. اليهودي في رأيي لا يتحكم في العالم. من الواضح بالنسبة لي وما أحاول الإشارة إليها إلى أن السياسات الغربية تستغل بكل وضوح وبشاعة القضية اليهودية لتحقيق مصالحها. اليهود هم ضحايا السياسات الغربية، لكن لماذا اليهود إذن؟ الغرب منذ القرون الوسطى وهم ينظرون إلى العرب بازدراء وجمعتهم علاقة متوترة ومتذبذبة غالبا ما كان مصدرها الغرب. وبمرور الوقت، استحال شعور الغيرة والحقد إلى استعمار الأرض ونهب الثروات والخيرات ومحو الذاكرة. الإسلام، في نظر الغربي، يمثل تهديد على الحضارة الأوروبية والغربية بشكل عام. وهذا ما يدفع السياسات الغربية إلى استغلال القضايا وتوظيفها لمجابهة الإسلام والحضارة العربية خوفا من الإسلام. اؤكد على أن اليهود هم ضحايا إسرائيل الأمريكية. 

في الزمن القديم ومع الحملة الصليبية الأولى، اخذت فكرة أن القدس أرض مسيحية في وجدان المسيح حيزا وبالتالي مبررا لشن الحملات الصليبية على أراضي المسلمين: فكانوا المسيح أو نصارى ذلك العهد، ينظرون إلى القدس وبيت المقدس بعيون الشخص الذي ينظر إلى أرضه وبيته فما لبثوا أن ادعوا أحقيتهم في استرجاع القدس من المسلمين وفي هذا الباب يقول القس الفرنسي ريمون داجيل أن دماء المسلمين والعرب في القدس وصلت حدا لا يكاد أن يصدق جراء المجازر التي حدثت بحق العرب. لم يتغير الأمر في القدس عن الحملات الصليبية عن زماننا هذا اللهم أن القدس أصبحت أرض يهودية يجب أن تكون لليهود ولو كلفهم ذلك إبادة كل العرب سواء داخل القدس أو فلسطين أو حتى في البلدان العربية، وهذا ما يحدث الآن ومذ أكثر من مائة سنة. وعليه فأنني لا استبعد أن ياتوا الهنود بعد سنون ويدعوا أحقيتهم في فلسطين مدعيين أنها أرض هندوسية. وبالتالي نستشف أن الأقلية ودورها في التاريخ تمثل جاذبية هائلة.