الربيع العربي و الحصاد الغربي
ليبيا و بداية النّهاية ( الجزء الأوّل )
نشر في 13 أبريل 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إنطلق و إنبثق مصطلح الربيع العربيّ من الثورات العربيّة التي قامت في عام 2011 , و كانت أهداف تلك الثورات التي قامت بها الشّعوب هي إزاحة الأنظمة الدكتاتورية و إنهاء عصور القمع و الذّل , ظنّا منهم أن تلك الثورات سوف تخرجهم من عصور الظّلام و تدخلهم إلى عصر الدّيمقراطيّة و حريّة التعبير , و لكن ما هي إلّا فترة وجيزة حتّى جاءت الرّياح بما لا تشتهي السّفن .
دعوني أبدأ معكم من ليبيا و هي الدولة الّتي ولدت و أعيش فيها , فلقد أصبحت من دولة ذات إقتصاد جيّد نسبيّا إلى دولة منهارة إقتصاديّا بل دولة لا إقتصاد لها , ليبيا من دولة كانت لها كلمة و وزن في أفريقيا و باقي العالم إلى دويلة تحكمها ثلاثة جهات سياديّة كل واحدة منها نصّبت نفسها حكومة شرعيّة على الشّعب بالقوّة , و إن لم تكن تلك القوّة قوّة السّلاح فهي قوّة تدمير الإقتصاد , قوّة الإعلام الذي لا ضمير و لا وطنيّة له , حيث صدق قائل المقولة الشهيرة (أعطني إعلاما بلا ضمير,أعطيك شعبا بلا وعي).
لا يمكن لإنسان عاقل إنكار الجرائم و الإنتهاكات الّتي إرتكبها النّظام السّابق في ليبيا من شنق و قتل و ظلم , لا يمكن إنكار أنّ المواطن الليبي كان يستحق حياة أفضل عشرات المرّات من تلك الّتي كان يعيشها , و بالمثل لا يمكن إنكار الإستقرار السّياسي و الإقتصادي و الأمني أثناء حكم النّظام السّابق , إعتقد المواطن العربي أو دعوني أخصّ بالقول المواطن الليبي أن الثّورة هي المصباح السّحري الّذي سينقل المواطن من حياة متوسّطة إلى حياة رفيهة من الظلم الى العدل من الدكتاتورية و القمع الى الحريّة و الديمقراطيّة , و لكن ما حدث بعد تلك الثّورة كان عكس ذلك تمام .
إنقضت أشهر و الثّورة الليبيّة في أوجه قوّتها معارك كرّ و فرّ , عشرات بل مئات الوفيّات كل يوم من الشّباب و النساء و الأطفال و العجائز, و لولا تدخّل حلف شمال الأطلسيّ في الحرب الليبيّة و مساعدت الثّوار في تدمير أرتال النّظام السّابق و مخازن الأسلحة لما حدث و نجحت الثّورة في ليبيا على الإطلاق, إنقضت ثمانية أشهر من الحروب و المعاناة و المأسي , حتّى جاء ذلك اليوم الذي فيه تم القبض على الحاكم السّابق معمّر القّذافي و قتله بالرّصاص في ذات اللّحظة, في ذلك اليوم بتّث كافّة القنوات الإخباريّة العالميّة ذلك المشهد, و خرج الجميع مهلّلا في الشّوارع (الله أكبر الله أكبر), كان ذلك اليوم أشبه بتحرير دولة كانت تحت رحمة الإحتلال البيزنطي الفاشي , كانت الفرحة على وجوه المواطنين لا يمكن وصفها , كان ذلك اليوم هوا اليوم الحاسم , يوم إنتهاء النّظام السّابق رسميّا و إعلان إنتصار الثّورة و الشّعب, و لكن ما حدث لاحقا بعد إعلان تحرير ليبيا من قبل ( المجلس الوطني الإنتقالي ) و بعد إنتشار الثوّار في كل بقعة في ليبيا لتأمينها من فلول النّظام السّابق, و بعد و بعد , كان كارثة بكلّ المقاييس, إنقلبت الثّورة على رأس المواطن , إنقلب السّحر على السّاحر , كلّ تلك الوجوه الّتي كانت تظهر على شاشات التّلفاز تقطع الوعود للمواطنين و تعدهم بحياة رفيهة, بحياة أفضل عشرات المرّات من الحياة في عهد النّظام السّابق , كلّ تلك الوجوه قد تغيّرت و إنقلبت مائة و ثمانون درجة بعد إنتهاء الثّورة , إنهار الإقتصاد و تحطّم تحطّماَ شنيعاَ , رحل الأمن في إجازة طويلة بلا عودة , إجتاح الظلم و الفساد و السّرقة و الإغتصاب و القتل بسرعة كبيرة أسرع من إنتشار و إجتياح الطاعون لأوروبا.
لا أريد أن أطيل عليكم المقال أكثر من ذلك , و سوف أكمل باقي القصّة في مقالاتي القادمة.
-
Nezar Alazzabiإسمي هو نزار العزابي من مدينة زواره \ ليبيا , عمري 27 سنة , مهنتي الرئيسية هي تطوير البرمجيات و ادارة قواعد البيانات , و الكتابة هي هواية عندي و شغف ...