ما حدث منذ برهة لا تستطيع محيه، وما سيحدث خلال ثواني قد تجتهد وتتوقعه ولكن لن تستطيع الإجزام به، فقد يقف كل شيء في هذه اللحظة او قد تطرأ معطيات جديدة تغير كل شيء.... حتى هويتك.
هكذا حال الدنيا، كما هو الحال في الدفتر الخاص ب "عالم أقلام"
فقط الأطفال الرصاص قد يحظون بعدة فرص فهم صغار ولهم صلاحية استخدام الممحاه، ولكن عندما يأخذوا الخبرة و يمارسون الحركة بطلاقة تبدأ مراسم تسليم الحبر حيث لا مكان للممحاه بعد الآن، و يدخل الكبار أيضًا لإعادة الاختبار.
في هذه المراسم يتقدم كل قلم ببعض الرسومات الحرة ،ثم تبدأ لجنة بتوزيع الحبر حسب شخصية القلم ويؤخذ في الاعتبار نوع الرسومات فمثلاً من رسموا أشجارا وحيوانات يأخذون اللون الأخضر، فهم يميلون للإنسجام مع الطبيعة.
ويحصل على الأحمر الأقلام المحبة ذوي الحس المرهف.
ومن رسم صورة ابداعية تفيض منها الأفكار فهو يتمتع بذوق بين سحر السماء و عمق البحر و ينال الأزرق.
ومن كان شريراً في رسمته يكون اسود.
اما الأصفر فيأخذه الحاقدين، والمنافقين يصبحوا حبرا سري .
ويكون الابيض من نصيب البسطاء والانقياء المسالمين لدرجة الاستسلام.
بعد إنتهاء المراسم بعدة اشهر
استيقظ "ازرق" من نومه مهموما كما عهد .
قالت له الورقة : أنت ايها الأحمق تعال وانظر ماذا حدث!
رد ازرق كما لو أنه يعلم ما حدث : هذا ليس ذنبي
قالت الورقة : انت ضعيف جدا على كونك ازرق كان من المفترض أن تكون ابيض .
قال وفي نبرتة رغبة لإنهاء الحديث : ربما في الاختبار القادم
ردت بإستياء : ربما لا نعيش اصلا لموعد الاختبار القادم
فقال منفعلاً : وماذا عساي افعل، في كل مره اقوم بتخيل شيء وأبدأ فيه لا يسعني إنهائه كما اردت، انت ترين "اسود" و عصابته الذين ظننت انهم اصدقائي ايام الرصاص يأتون في كل مره هنا و يقومو بتخريب خطواتي ليفسدوا ما اريد فعله و كل ذلك لإرضاء "اصفر" ذلك الساذج الغيور لا يقدر على منافستي فيريد تحطيمي.
قالت الورقة باستهذاء : نعم، و تتحدث كأنه لم يحطمك بعد؟! ، مشكلتك انك طيب، اتذكر في الماضي عندما كانو يطلبوا منك رسم و كتابة واجباتهم و تعكف انت على إنجاز تلك المهام وهم يلعبون
ازرق : ههههه نعم كنت احب رؤيتهم فرحين و كنت استفيد ايضا مما أفعله
ورقه : كيف ذلك؟!
اكمل ازرق كلامة قائلا : كنت بمثابة عصا سحرية افعل كل شيء.
كانو هم يطلبون وانا انفذ ، تعرفت على ثقافات و مفاهيم ما كنت لأصل اليها وحدي فقد رسمت لأحدهم سرب غربان يحلق وسط وريقات متطايرة ومتفحمة الاطراف، ورسمت لاخر نهر جاف متشقق تعلوه سحب مشبعة بالبخار كأن النهر انتقل للسماء و لاتريد السحب الافراج عن قطرة ماء
ورقة : أستطيع توقع ان الأولى لاسود و الثانية لاصفر
ازرق : نعم صحيح، ولهذا اصبحت انا ازرق فلا شيئ يخفى على لجنة التحكيم، قُيمت على ابداعي، وقُيموا على نواياهم.
و الآن انا أستطيع فعل ما اريد و هم كل ما يستطيعون فعله هو الخربشة.
ردت ورقة وقد بدت حزينة : وهل تمحى خربشة الحبر مني! ، خربشات في كل مكان تقريبا و لم يبقى سوي مساحة صغيرة ماذا ستفعل يا عبقري؟
رد ازرق و هو يتأمل السماء : اتحبين العزلة؟
ردت ورقة كأنها غير مخيرة : إن كان فيها الحل فلا اريد رؤية احد منذ اللحظة
فقال ازرق بحماس : إذاً هيا بنا نحدث تغيرات على هذه الفوضي وهب قافزا من مكانه
ورقة : هذا ليس رصاص، انسيت ام ماذا!
مال ازرق عليها وقد احتدت عينيه : من قال اني اود مسح شيء، سأوصل هذه الخطوط العشوائية ببعضها البعض بطريقة ما بحيث تصبح متاهة كبيرة توصل الي الارض التي لم يصلها احد و التي سأرسم بها منزل صغير على قمة تله عالية تطل على المحيط في غابة خضراء لا وجود فيها لقلم غيري.
يعم الصمت قليلا حتى تقول ورقة باستكار : لا يا "ازرق" ليس لهذه الدرجة !
فيرد قائلا و هو يتحرك بين الخربشات : ناديني "رمادي"
-
أحمد صوفيلست بكاتب محترف، ولا رسام مُتمكن، اكتب شعرا جيد ولم احفظ بحور الشعر بعد ، حِرفي احيانا ، اتأمل النجوم بعيني المجردة، وأواجه حرج مع المتخصصين فهم يعرفون اكثر. لم أحدد هوايتي بعد ولا اظنني سأفعل ، فأنا احب ان اقطف من كل شجر ...
التعليقات
بالتوفيق و في إنتظار كتاباتك القادمة .