إن التطرف لا يعني بالضرورة ان كينونة الدين، او ماهيته تدعو إليه. من المعروف عن الاديان انها قُبلت بالرفض في بادية الامر، وقوبلت بصراعات من الانظمة المتحكمة فكان لزاماً عليها ان تكون في حالة استعداد وتأهب للقتال، وهكذا افتى الكثير من العلماء المعاصرين لتلك الفترة في تحليلاتهم للكتب المقدسة، ومنها القرآن. لقد كان تحليل السابقين، غير المعاصرين للقرآن يتوافق مع البيئة والظروف التي عاشوا فيها، وقد كانت بيئة تحتاج إلى عنف من اجل إثبات الذات، والحفاظ على الكينونة. وفي العالم المعاصر عالم الان نرى أن وجود الجماعات المتطرفة لا تستند إلى الكتب المقدسة، بل تستند إلى تفاسير السابقين ويسقطوها على واقع مخالف لواقعهم مجردين تلك الفتوى والاحكام عن ظروف البيئة التي قيلت فيها. وهذا ما يحدث مع داعش عند اقتباسها، وتدليلها من كتب الفقهاء السابقين، وهذا سبب اولي. ثم من اسباب ظهور التطرف ما يعاني منه الشباب العربي من فقدان في الوعي الديني، وأيضاً انتشار البطالة، ووجود أوقات فراغ كافية لجذب الشباب إلى التطرف سواء أكان التطرف دينياً، أم التطرف عن طريق إنكار الله خوفاً من التطرف الديني. إن انتشار داعش كأيديولوجية لا يجب ان يواجه بالقوة، والسبب ان مواجهة الفكر بالقوة ينتج عنه تقوي للفكر؛ فما حدث عندما تكون التحالف الدولي ضد داعش، أن ظن بعض الشباب المسلم، الغيور على دينه انهم على حق، ولهذا يقاتلهم الكفرة. فداعش فكر، وجب مواجهته بالفكر، ولا يجب ان يكون الفكر ناتج من الغرب، لأن كل ما يأتي من الغرب، ويتعلق بالدين يكون مرفوض على مستوى المجتمعات الإسلامية، لهذا وجب مجابهة فكر داعش بفكر مضاد له معبر عن الإسلام الحقيقي، ويكون من علماء المسلمين أنفسهم، وهنا تكمن الكارثة أن علماء المسلمين سيرفضون هذه الفكرة، ليست لأنها خطأ، وإنما بسبب المناهج التي تعلمنا الجمود الفكري، وتعلمنا في مسلَّمات خاصة بعصر غير عصرنا. إن المخاطر التي تترتب على انتشار داعش، وهذه العمليات الإرهابية سوف تحشد حرب دينية قاتلة، ومدمرة في نفس الوقت تلتهم كل شيء. ويجب على كل مسلم حقيقي ان يسأل نفسه عندما يقول ( نعم! نحن مع الهجمات ضد الكفرة )، هل ما يفعلوه موجود في الإسلام ؟ هل ترويع الآمنين موجود في الإسلام ؟ هل كل الأوربيين ضدنا، ويريدون دمارنا ؟ إن كان جميعهم يريدون دمارنا، وكلهم يريدون قتال وحرب، فلماذا هناك اصوات في العالم العربي تنادي بوقف الحروب، ألن يكن فيهم رجل رشيد ؟ ثم ما الفائدة التي حصلنا عليها، باعتبارنا كأمة، او كدين، اهل ارتفع عز الإسلام، ودخل الناس في دين الله افواجاً ؟ ألم نسبب الكوارث على اهلنا المسلمين في تلك البلدان ؟
من خلال ما طرحته أوضح انه يجب التعامل مع الدين بالعقل، لا بالمشاعر فقط؛ فالإسلام دين عقل ومنطق. يجب ان نتجه إلى تحليل أعمالنا ونبحث تحت مبدئ الربح والخسارة. يجب ألا نقدم على أي خطوة قبل حساب نتائجها المتوقعة. يجب علينا وقف الجمود الفكر؛ فانتماءاتنا الدينية لا تمنعنا من التفكير.
-
Mahmood Mahmoodكاتب، وباحث صاعد