جنة على الأرض
حين تجلى النور أمامي ..
نشر في 16 فبراير 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
منذ صغري وأنا أعرف أنني كنت أبحث عن أمر ما ، وكنت كلما سمعت عن الله أحببته بفطرتي ، وكنت كلما اقتربت منه سكنت نفسي وكأنها وجدت ما تبحث عنه ، ولكن ثمة ما يبعدني عنه في كل مرة و يعيدني الى دوامتي وأتوه في دائرة البحث عن السكينة التي أحلم بها ..
سنين طويلة قضيتها في البحث عن السعادة والتجارب المكثفة على نفسي وغيري في سبيل أن أجد ذلك الطريق الذي سلكه أصحاب السعادة ومع ذلك لم أجد سوى الفشل ، التعب والارهاق من كثرة التفكير والتحليل ..
قد يكون التفكير مطلوبا في هذه الحياة ولكن هذا لا يمنع حقيقة أنه متعب كثيرا أن تفكر كل يوم وكل ساعة كيف يمكنك أن ترتاح أن تعيش حقا رغم أن الحياة كلها في يديك وأنت عاجز عن ذلك ..
مصطلحات كثيرة قيل لي بأنها أسباب للسعادة من قناعة ورضا وتعاون واقبال على الحياة وغيرها الكثير مما نسمع به ونقول في داخلنا" ما أسهل الكلام "!!
ومع مرور السنين ومروري بمراحل مختلفة في مشاعرها وأحداث كانت تحول بيني ويبن ربي، عشت فيها بين ظلام ونور ، مد وجزر ..
الى أن وقفت وقفة مع نفسي أسألها هل حقا موجود ما تبحثين عنه على هذ الأرض ؟! أجابتني طلما أنني أبحث اذا لابد من وجود ما أبحث عنه ، قلت في نفسي ولكنك تبحثين عن" جنة في الأرض" .. فسكتت !!
فبكيت وقلت لنفسي مرة أخرى كلا لم يخلقنا الله ليعذبنا ، أنا أعي ذلك !
قررت أخيرا أن أناجي الله وأن أحكي له : ( ربي إن لدي أهداف لا أسعى اليها الا لأجلك ولكنني أقف هنا في مكاني حائرة أفكر ! عن ماذا أبحث أنا ؟والى متى سأعيش مع هذا النقص الذي يرافقني في طريقي ؟وأين يمكنني ايجاد ما يوقفني عن البحث هذا ؟!! فأنا حقا يا الله سئمت البحث .. أرجوك أرشدني نحو ضالتي كي أستطيع المضي في طريقي نحو أهدافي اليك )
ثم مسكت كتابه لأقرأ منه ، فقد سمعت مرة أنه اذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ كتابه ...
ثم ماذا ؟
ثم تجلى النور أمامي ..
نعم رأيت تلك الأية التي طالما رأيتها في كتابه ولم أنتبه لها ، واتفق التوقيت مع المشاعر على ارسال تلك الرسالة التي بعثها الله لي في كتابه الكريم، وقد كانت بمثابة مفتاح ذهبي قدم لي للدخول الى حياتي الجديدة التي طالما تمنيتها " جنة على الأرض " كما كنت أسميها أنا ..
قال الله تعالى :(ومن يعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) .
إن الحياة صعبة بلا شك ولكن الله أعلم بصعوبتها منا لذلك جعل من حبه لنا سكينة ،ومن قربه منا أمنا و راحة، ومن قوته نستقي قوتنا وبرحمته نعبر طريقنا ،وذلك حتى يحين موعد الرجوع الى موطننا الأصلي، الى الجنة التي أعدتلنا حيث لا حزن هناك و لا هم و لا مرض و لا موت ..
كنت أعيش حتى هذا اليوم أفكر في كثير من أمور متعلقة بحياتي ولا أنكر أنني كنت أحمل همها على عاتقي، رغم أنني كنت أقول دائما أنني متوكلة على خالقي وأنني برغم الخوف من المجهول سأصمد ..
ولكنني اليوم لا أفكر ولا أخاف ولا أحتاج أن أصمد ، أنا فقط أفكر في رضاه وفي حبه ولا أفكر في أي أمر سواه فان حبه قد طغى على كل هواجسي وتفكيري، وأصبحت منذ استيقاظي أفكر كيف يمكنني أن أجعله يحبني أكثر ، ولئن أراد بي شرا رضيته ولئن أراد بي خيرا رضيته ليقين بداخلي أنه يحبني ..
فدخلت حياة جديدة مليئة باليسر والسهولة وراحة البال والحكمة الى جانب التوفيق والسداد في كل ما يخص ديني و دنيتي فصار العمل سهلا وأصبحت الحياة وردية وكل شيئ بدا جميلا في حياتي فهذه هي حقيقة الحياة مع الله "جنة على الأرض "لأنها تبعد عنك سبب الهم الرئيسي وهو الشيطان الرجيم ..
عزيزي القارئ ..
لا تتعب نفسك في التفكير والبحث عن السعادة ، وتضيع وقتك الذي يفترض بك أن تملأه بالعمل فالدنيا دار العمل والأخره دار الجزاء .. كل ما عليك أن تفكر به هو رضا الله عنك فان رضي عنك منحك الكثير الكثير مما لو أفنيت عمرك في محاولة الحصول عليه لن تحصل عليه مالم يأمر الله بذلك ..
عش مع الله بالذكر والصلاة واخلص النية في العمل لله وحده ، وحدد أهدافك واعمل لها واستمتع بحياتك ولا تحمل هم الدنيا واحرص على القرب منه دائما حتى تتمكن من عيشها بسكينة وحكمة ..
من وجد الله فماذا فقد ؟ ومن فقد الله فماذا وجد ؟!
-
Safaa Meamarjiصفاء معمرجي .. أدرس بالجامعة تخصص علوم الحاسبات مهتمة بالتنمية البشرية وتطوير الذات شعاري "الانسان كمنظمة ناجحة" HSO خبرة في مجال حل المشكلات الحياتية والنفسية