من الامراض المتجذرة فى امتنا هو الحديث الخفى الدائم عن الفتاة التى تأخرت فى سن الزواج وكذلك الشاب ايضا رغم ان مجتمعاتنا هى المعنية فى الاصل بقبول هذا الامر لان فى ديننا وعقيدتنا الموضوع يتعلق بفكرة النصيب وارادة الله.

البعض لا ينظر ايضا الى سوء الاحوال الاقتصادية وانتشار البطالة التى تكون فى بعض الاحيان سببا فى تأجيل الزواج والشروط المجحفة للاهل فى احيان اخرى ولا تتردد احداهن فى الصاق الفتاة بلقب عانس دون ان يفهموا المعنى اللغوى للكلمة فهو يطلق على الفتاة التى "عجزت" فى بيت ابويها ولم تتزوج فهل اطلعوا على الغيب فى انها لن تتزوج ابدا والكلمة تطلق على الجنسين لا الاناث فقط.

هذا الامر ادى الى صداع مزمن فى رأس كل شاب وفتاة وبات يمثل لهم هم شديد فتلك التى قاربت على اتمام عامها الخامس والعشرين "السن الحرج" كما اوهموها وكذبوا عليها وكما سمعت منهم السن التى لابد ان تكون قد تزوجت فيه او على الاقل تسمى "مخطوبة"فاصبحت تكبت فى داخلها مشاعرها المضطربة الممزوجة بالحيرة والقلق.

والاخرى التى بلغت العقد الثالث من عمرها او تجاوزته بعامين او ثلاث وفقدت الامل فى الارتباط وبناء اسرة واغلقت ابوابها فى وجه الحياة فتجلس طيلة ليلها شريدة تحمل العديد من الاسئلة المملة التى تكون على هذا النحو "الست جميلة بما يكفى؟" والتى لا تكون سببا فى اى شئ وربما تبكى لساعات.

وهو الذى اوشك على تجاوز عامه الاربعين دائما مهموم ترك الحلم والهدف يحيا بنصف عقل ونصف جسد ونصف جهد تصلبت مشاعره او فاضت بلا حدود صد قلبه عن كل شئ او ترك ابوابه على مصراعيها ويردد فى نفسه دائما "لن اجد من تقبلنى فى هذا السن" كاد يتجاوز الاربعين وذهنه لازال قاصر حتى يجعله يفكر بهذا النهج.

هى لم تنتبه ان الانشغال بالامر قد اخذ من حياتها وقتا طويلا فوق ما سرقته الحياة منها وانها قد تسلب العالم حيويتها وخفة روحها ونشاطها الذى قد تغير به الكون فضلا ان انشغالها لم يحقق لها ما تمنت وهو لم يعى بعد ان الحياة فيها الكثير من الامل وان العالم يحتاج ايضا الى طاقته المهدرة ونفسه المليئة بالاحلام ليتها تعلم ان الله يربى لها زوجا تعيش معه بكل هناء ومودة وهو القدر يخفى له زوجة تملأ دنياه سعادة.