إن لي نفسًا توَّاقة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إن لي نفسًا توَّاقة

  نشر في 28 ديسمبر 2016 .

تَرقَب حطب المدفئة و النار تأكله حتى تذره هشيمًا كأن لم يغنَ بالأمس, تمامًا كذهنها.. تمرُ عليها أفكارًا طائشة وأخرى صائبة ولكنها ما عادت تُميِّز, هيَ التي اعتادتِ الهدوءَ والدِعة.. ولكن أين منها الهدوء والسلام؟ في هذا الزمن الضيِّق السريـع!

العجيب أنها كـانت سعيدة لأنها لطول قراءتها وتفكرها وانعزالها وصلت الى الحقيقة.. الحقيقة التي كانت غائبة عن الجميع, إنه السراب الذي نلهث وراءه, العز والمال والجاه والشُهرة.. حتى إذا ما جئناه لم نجده شيئا ! إننا في ذروة كل المتع المجسدة أو غير المجسدة نشعر أن هُناك نَقص, فراغ, أمر ما لم نبلغه بعد, منزلة لم نَصل إليها! منطقة محجوبة ومكان بعيد وأيـن منا هذا المكان؟ انه في أعالي السماء حيث وُجدنا وخُلقنا وحيثُ نعود. يا للدهشة أن يكتب كبيرًا من الكبراء أو عالمًا قديرًا من العلماء تجاوز الـ90 عامًا, سافر وطاف الأرض طولاً وعرضًا, سيطر وملَك, وكانت له كلمة حق وتأثير بين الناس أنه بعد تلك السنوات كلها. اكتشف ان الجاه والسلطان والعز كل تلك الامور لم تكن إلا سرابًا, أمورًا كنا نحسب أنها شيئًا أن فيها اللذة والمنزلة التي كنا نرجو حتى إذا ما تداركناها صرنا نفتش عن شيء آخر نركض وراءه ثم لم يبقَ في نفوسنا إلا فكرة واحدة " أننا لم نصل بعد " أننا ما زلنا نشعر بنفس الفراغ النفسي, والنقص, وشيئًا لم يُبلغ بعد وما تلك الأشياء الى تجسيدًا حقيقيًا لشعور وصفه وعاشه خليفة المومنين: عمر بن عبدالعزيز حين قال: " إن لي نفسًا تواقة, ما أعطيت شيئًا إلا تـاقت إلى ما هو أكبر: تمنت الأمارة, فلما اعطيتها تاقت إلى الخلافة, فلما بلغتها تـاقت إلى الجنة" إن في نفوسنا شيئًا هو الهدف والغاية التي خُلقنا من أجلها ومتى ما آمنت نفوسنا بها فنحن سنقطع طريقًا طويلاً يُساعدنا لبلوغ مطامحنا برضى واطمئنان وصدق.

بهدوء نفسها وتوكلها وثقتها بربها, دَعَت: " أدعوكَ يا ربي أن تريح ذهني, أن تُسددني لطريق الحق, أن تكون لي المرشد والصاحب, أن ألازمك وأعبدك بالوجه الذي يرضيك حتى لا أبالي بأي شيء عداك.

لكَ الحمد أن جعلتني أتجاوز كُل شيء أن أصل لمبادئ الحق والصدق, أن أعلم أن كل شيء ما عداك باطل,

أنني لو امتلأت بكل ما في الدنيا من متاعٍ وخيرٍ ولذة سأبقى يتيمة ومُفرغة وخاوية لأنني لم امتلئ بك! يا رب املأ قلبي بكَ حتى لا أبالي بما عداك.. يـا رب املأ نفسي أنسًا بك وتصديقًا بما جاء عندك ورضًا بمعطياتك, وإن تكن نفسي يا ربي توَّاقة وأنا أشهد انها توَّاقة راغبة بالعِز والجاه ومتاعِ الدُنيا.. نفسي طامعة بالجمال والمال فيارب آتها من خيريّ الدنيا والآخرة, ربِ ارضَ عني وتوفني مسلمًا وألحقني بالصالحين.

ربي إنك ان تكلني الى نفسي وهواي فنفسي بئس الوكيل وهوايَ ضالٌ مضل.. وأنت المُرشد والهادي. لا تكلني إلى طريق النـار وأنا يا رب أحبك وأحب ما يرضيك وأعرف حق المعرفة أن نفسي مصدر ضَياعي وافتتناني, فاللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين, اللهم اصلح لي شأني واختر لي الطريق الذي يملأني نَفعًا لنفسي ونفعًا للأمة الإسلامية, يا رب اجعله طريقي.. اختر لي يا رب أفضل المسالك وأرقاها, المسلك الذي يُنير دُنياي وآخرتي. "  


  • 5

  • اسماء الخالدي
    قارئة, مهتمة بالأدب, وملهمة, متأثرة بأسلوب علي الطنطاوي ومصطفى محمود. رحمهما الله.
   نشر في 28 ديسمبر 2016 .

التعليقات

نايف منذ 7 سنة
اتمنى لكِ التوفيق أخت اسماء
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا