ملحد: كيف تزعم أن هناك إله؟!

مسلم: وهل يشك في ذلك أحد!!

ملحد: وما الذي يجعلك تؤمن بوجود هذا الإله؟!

مسلم: هذا العالم الذي نحن فيه، فقد علم بالعقل قبل النقل أنه ما من صنعة إلا ولها صانع.

ملحد: وما الذي يجعلك تؤمن بأن هذا الكون له صانع واحد فقط، لماذا لم تقل بأن له عدة صنّاع؟!

مسلم: لأنه لو كان له صانعان فأكثر، فلن يستقر أمر هذا العالم، فكل إله يريد أن يكون له الأمر في هذا العالم، بل سوف يجرهم ذلك إلى المنازعة، فكل إله يريد أن أمره هو الذي يمضي في هذا الكون، وفي ذلك فساد هذا العالم، وبالتالي انهياره.

ملحد: حسناً إذا كان لكل صنعة صانع، فمن صنع الإله؟!

مسلم: الإله ليس مصنوعاً حتى يكون له صانع، هذا على الأقل في اعتقاد المسلمين، فيجب أن يكون سؤالك لي على هذا النحو: إذا كان الله موجوداً فكيف وجد؟ وهنا أجيبك وأقول: أنا لا أعلم، ولا أهتم بذلك، فبما أن الأدلة العقلية تقطع بوجود خالق لهذا الكون، فإن معرفة كيف وجد هذا الخالق لا تنفعني ولا تضرني، بخصوص إيماني بأن للعالم خالق.

ملحد: من الذي أخبرك بوجود هذا الإله، ومن أخبرك أنه خلقك لعبادته؟

مسلم: الأنبياء.

ملحد: ولماذا تصدق هؤلاء الأنبياء، فهناك احتمال أن يكونوا كاذبين، ويريدون بذلك أن ينالوا حظاً من حظوظ الدنيا؟!

مسلم: الحقيقة أن سير هؤلاء الأنبياء لا تجعل مجال للشك في صدقهم فيما يدعون الناس إليه.

ملحد: وكيف ذلك؟

مسلم: هؤلاء الأنبياء كانت دعوتهم واحدة، وهي الدعوة لتوحيد الله تعالى، وحده لا شريك له، والدعوة لعبادة الله تعالى، وصرف الناس عن عبادة الأوثان، لم يكن لهم همٌّ إلّا هذا، ومنهم من عانا كثيراً في سبيل هذه الدعوة، فهو لا يدعو الناس لنفسه، ليجعلوه ملكاً، أو ليجمع به مالاً، بل كان كل همّه أن يرجع الناس إلى الله تعالى، فهل يفعل هذا من يطلب الملك والمجد الدنيوي!

مسلم: ولكن بقي أمر مهم، وهو أنك إذا شاهدت هذا العالم، وكأنه وجد لخدمة الإنسان، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، انظر مثلاً، الشمس لتضيء للناس نهارهم، فهي كالسراج، ثم هي تستخدم لتحديد الأيام، والقمر، لتحديد الأشهر، والنجوم، لتحديد المواسم والفصول، وكذلك لمعرفة الاتجاهات، والناس لا تستغني عنها في كل ذلك، سواء الفلاحين أو الرعاة أو المسافرين في ظلمات البرّ والبحر. ووجود الدواب بأنواعها والنباتات والمياه الحلوة والمالحة، لو تدبرت فيها ونظرت، فكأنما وجدت لخدمة الإنسان.

ملحد: حسنا أين أنت مما يقوله علماء الغرب، عن نشأت الكون ونشأت الحياة على الأرض؟!

مسلم: أولا هذه العلوم إنما قامت على افتراضات وأدلة ظنيّة وليست يقينيّة، وثانياً: الذي قام بدعم هذه العلوم وبثها ونشرها وتمكينها من السيطرة على المؤسسات التعليمية، هم قوم لهم فكرة يريدون نصرتها ودعوة الناس إليها، وهم الملحدون، وهم في ذلك مثل المتدينيين عندما يدعون إلى دينهم، ولا أدل على ذلك، من أنهم عندما استحوذوا على تلك المؤسسات، قاموا بإقصاء المتدينيين، وعدم تمكينهم من نشر علومهم عن الوجود ونشأته!

ثم هم لا يوجد في قاموسهم شيء اسمه "الكذب حرام" وأكثرهم إنما يسعى لكسب لقمة عيشه، وحتى يحافظ عليها يجب عليه أن يقول ما تمليه عليه سياسة تلك المؤسسات، لذلك فمن الطبيعي أن تجد أكثر الغرب منجرف مع التيار الإلحادي هناك، حتى لو كان متديّناً، حتى لا يتم إقصائه من عمله، أو حرمانه من راتبه، مثل ما فعل بكثيرين تم طردهم من أعمالهم، بسبب ذلك!!

فلو لم يكن للملحدين فكرة، يريدون إجبار الناس عليها، وأنهم ليس لهم توجهات معينة، أو أجندة معينة، لما اقصوا الأخرين.

ملحد" ولكن أدلتهم قطعية!

مسلم: هذا ما يقولونه لك لتقتنع بقولهم، وإلا فأدلتهم ظنيّة، وحساباتهم ظنيّة، أعطيك ثلاثة أمثلة:

الأول: ادعائهم أن بمقدورهم معرفة شكل كائن حي بمجرد العثور على سن من أسنانه، أو ضلع من أضلاعه، بواسطة علم التشريح!! من يصدق هذا سوى المجانين، ومع ذلك وكأن الناس في سكرة، فهم يصدقونهم، لمكانتهم وموضعهم في السلّم الاجتماعي!!

الثاني: ادعائهم معرفة أعمار الأشياء من خلال فحص عناصر الكربون المشع، والحقيقة أن هذه أكذوبة لا أكثر، فهذه النتائج ظنيّة، كون عناصر الكربون المشع غير مستقرة على بقايا الأحافير والمستحاثات، ولا أدل على ذلك من أنهم قاموا بفحص صدفة حيّة، فأعطتها عمراً بآلاف السنين، ولكن مع ذلك استمروا في الادعاء أن نتائج فحص عناصر الكربون المشع يقينية 100% على قاعدة أكذب وأكذب حتى يصدقك الناس!! والحقيقة أن هذه الطريقة في فحص أعمار المستحاثات والأحافير مقصودة، لأنها تعطي أعماراً هائلة، وهذا ما يريده الملاحدة، للتصديق على فرضيته بقدم العالم!

الثالث: أحجام وأبعاد الكواكب والنجوم، هي قائمة على ثابت وهو سرعة الضوء، والحقيقة أن هذا الثابت كبير جداً، وبالتالي فإن أي عملية حسابية قائمة على هذا الثابت سوف تعطي نتائج كبيرة جداً، فلا نعجب إذا وجدنا أن للكواكب والنجوم أحجام هائلة، وبأبعاد هائلة!! السبب ليس لأن هذه هي أحجامها الحقيقية وأبعادها الحقيقية، بل لأن الثابت الذي تتم من خلاله حساب أبعاد وأحجام تلك النجوم والكواكب كبير جداً فقط!!

أعطيك مثال: حجم الشمس وبعدها عن الأرض، كبير جداً، ولكن الحقيقة أن الشمس ليست أكبر من القمر، بل هي في حجم قريب من حجم القمر، وهذا تستطيع معرفته عندما ينكسف ضوء الشمس، بفعل موجات الغبار أو الضباب، فهي أكبر من القمر بضوئها لا بحجمها، البعض قال لي: العلماء معترفون بذلك، وأن الشمس بحجم القمر ظاهرياً فقط، ولكنهم يقولون: هذا مجرد صدفة، أن تكون الشمس في بعد يجعلها في نظرنا في حجم متناسب مع حجم القمر!! لقد أصبحت الصدفة شماعة لهؤلاء الملحدين، كل ما وقعوا في مشكلة قالوا: الصدفة!

ملحد: سوف أفكر في الأمر.

مسلم: نعم فكر جيداً، وتذكر أن فرصتك واحدة ولن تتكرر، فاختر لنفسك الصواب.