قد تجد نفسك في لحظة ما مغمورا في مياه فراق باردة تجرك بعيدا و دون اي مقاومة منك! لا تعرف كيف وصلت الى هناك اهي ظروف؟ اشخاص؟ ام نفسك من فعلت بك هذا؟ تلتفت يمينا و يسارا لاكنك لا تلمح سوى قشة صغيرة مدفونة في كف يدك. نعم انت الآن ذلك الغريق الذي يتعلق "بقشة". لكني اقول لك ان تكسر القشة احسن.. . ذلك الامل الذي يسكنك في ان يتغير شخص ما من اجلك فقط لأنك منحته من الحب و العطاء ما ينبت الزهر من الصخر، ذلك الحلم الذي تراه كل ليلة في ان يعود من ترك يدك وسط الزحام في طريق رسمتماه سويا و كتبتما على قارعته "معا للابد"، كذلك تلك الأمنية التي ترددها كل صلاة ان يحبك من لم يلتفك يوما صوبك؛ كلها عبارة عن قشة لم تنجي يوما غريقا و لن تنجيك انت ايضا على الارجح. احيانا ان تترك القشة يمكن أن يغرقك لبضع ثوان و انت تصارع أمواج الحنين و الندم و الخيبة لاكن سيجعلك تطفو بعدها! ستستنشق الهواء مجددا برغم رئتيك المملوءتان بالماء ستتنفس بصعوبة في باديء الامر لاكنك ستفعلها و ستحاول ان ستنجوا! ستظرب بقدميك المياه محاولا الهروب من كل شيء و اي شيء او بالأحرى ستهرب من القشة قبل ان تغير رايك و تتعلق بها مجددا. ستتقدم نحو الامام و انت تبعد الامواج بعيدا عن و جهك مجذفا بكلتا يديك اذ يكفيك ما لقيته من صفعات اللامبالاة و الهجر و الخيانة. ستدفع المياه بقوة في الاتجاهين لتاخذ معها ذكريات قلبك بضحكاته و دمعاته و آلامه. ستبصق الملوحة من فمك و تبصق معها غصات ليالي التفكير و التيه و الشك. ستحرقك عيونك و يمكن أن تحمر قليلا لاكنها لن تضرك بقدر ساعات البكاء التي قضيتها و انت تتحسر على حظك العاتر و تتذمر من الوضع الذي آلت اليه حالك "المسكينة" كما غدوت تدعوها. بعد فترة سيلازمك الحزن و يتلبسك الوهن و تصاب بارهاق و قلة في النوم كما ستحاول ان تنال منك مشاعر الفقد و آلام الحنين و ستسقط في غيابات الفراغ و الخوف من الوحدة. ستلمح قشتك من بعيد، ستغريك رؤيتها سترى فيها قوة وحياة. حذار أن تبحر صوبها فتلك سراب ستاخذ من جهدك و وقتك ما لا تملكه انت في الأساس. لا تيأس صديقي لأنك في اللحظة التي تنجح فيها في إدارة ظهرك لها للمرة الثانية سترى يابسة النجاة و ستصل الى بر الامان. حين تلامس قدماك القعر بعد كل تلك الفترة ستغزو ذهنك فكرة واحدة.. "لقد نجوت لقد فعلتها". لن أقول أنك ستمشي بعدها بخفة و استقامة، كلا لن تفعل! سترتعش قدماك فالبداية و سيصعب عليهما حملك كما ستشعر بدوار خفيف لاكن لا تلقي باللوم على برودة المياه او ضربات الشمس فقد فعلتها بك طعنات خناجر الاتهامات و سهام اللوم و العتاب الجارحة التي طالتك لمدة. لا تبتئس فأنت الآن ناج. اكمل المشي و امضي قدما. ستجد حتما من تتكئ عليه و يشد على ساعدك حتى تصلب طولك. بعدها ستكمل الطريق وحدك و تمشي بقوة اكثر، ستلتام جروحك، ستلقي ابتسامات على المارة بين الفينة و الاخرى، ستزور أماكن جديدة و تفتح شهيتك على الأكل من جديد. سترغب في التزين و ستبتاع ملابس جميلة سيغادر وجهك ذلك الشحوب المرعب وستتورد وجنتاك من جديد لتبصر نفسك أكثر اشراقا و تبتسم لوجهك برضى. لن اعدك بحياة وردية بعدها لكن كل ما يمكنني ان أاكده لك أنك ستعيش حكايات جديدة مع وجوه جديدة بتفاصيل جديدة ستغدوا شخصا مختلفا يمتلك من نقاط قوة و الضعف ما يواجه به ما هو قادم.. فحظا سعيدا!!
-
سراب عابرwriter