الإرهاب لادين له - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإرهاب لادين له

كتب احمد عبدالفتاح رزيق

  نشر في 16 أبريل 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير البشر أما بعد:

فالإرهاب هو أي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى الوسائل العنيفة. ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع بها استخدام العنف. فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية وما تتعرض له من اختطاف، والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات. ويُعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الامنين بالإرهابي او الإرهابية.

من هو الإرهابي

في الوقت الذي يُنعت فيه أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة بالإرهابي، نجد في العالم العربي والإسلامي عدد غير هين من المتعاطفين معه ويرفضون وسمه بالإرهابي. ولعل السبب يكمن في التبريرات الشرعية التي يقتدي بها بن لادن ومن يهتدي بفكره والتي تضفي صفة الشرعية لأعمال القتل والتفجير التي قامت بها منظمة القاعدة في حق الكثير بهدف ضرب المصالح المدنية والعسكرية فى معظم الدول وخاصة مصر

1-تقديم: إذا كان جيل دولوز قد حدد وظيفة الفلسفة في نحت وبناء المفاهيم، فإن مفهوم الإرهاب اليوم بات من أكثر المفاهيم تطلبا إلى التمحيص الفلسفي والمساءلة النقدية، ذلك أن الدعوات التي أخذت تتعالى بضرورة إشاعة وإنعاش الفكر النقدي لدى الأوساط الجماهيرية العريضة، بغية تقويض أشكال التفكير المتطرفة والمولدة لجملة الأفعال المصنفة إرهابية، لم تشمل دعواتها هذه إعمال المساءلة النقدية لمفهوم الإرهاب نفسه، بل انطلقت منه كمسلمة مسكوت عن ماهيتها الحقيقية. ولعل أنجع ما يمكن أن نستهل به مساءلتنا النقدية لهذا المفهوم خاصة بالشكل الذي باتت تلوكه به وسائل الإعلام هو أن الأمور تعرف بخواتمها. فلنتساءل من استفاد أكثر من الأحداث الإرهابية فى مصر فى الفترة الأخيره وخاصة شمال سيناء اللى وصل الحد فيها إلى حوالى 92عملية إرهابية فى عام 2016 ومن المستفيد من حوادث الإغتيالات المتتالية؟

2-الارهاب وتطويق المقاومة السياسية: إن جملة هذه الأحداث قد خلقت ما يمكن أن نصطلح عليه بحالة الاستثناء وما تستتبعه من سياسات وقوانين الطوارئ على مستوى المنتظم الدولي بأسره، وهو ما مكن الطغمة النافذة سياسيا واقتصاديا وعسكريا في الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف حلفائها في شتى بقاع العالم المتقدم وأذنابها في المجتمعات الخائبة من تحقيق وربح مزيد من الأهداف : ا- إحكام السيطرة على العالم عبر دول أو بلدان ذات مواقع استراتيجية (العراق وسوريا وليبيا...) ب- منح الأنظمة التابعة مشروعية جديدة – حفظ الأمن – خاصة وأنها باتت مهددة بمواجهة غليان شعبي تؤججه السياسات المملاة من طرف الصندوق والبنك الدوليين (تحرير الأسواق وخوصصة الأملاك العامة والتنصل من مهام الرعاية الاجتماعية ...) وتجدر الإشارة هنا إلى نبوءة المهدي المنجرة بخصوص اندلاع انتفاضات شعبية عارمة. ج- إشاعة النمط الاستهلاكي الأمريكي عبر تنفير الجماهير من الأنماط الثقافية التي تظهر تميزا عنه خاصة النمط الأصولي وما يظهره من معاداة لهذا النمط سواء على مستوى الزي أو المأكولات المصنعة وغيرها ... د- إحداث نوع من الاستجابة العكسية لدى شعوب البلدان العربية المستهدفة ثرواتها أولا بجعلها تعلق أملها في الخلاص على أفراد وجماعات على الأرجح متحكم فيها إن لم يكن تأثيرها سلبيا من أساسه. ه- الإبقاء على رواسب الأيديولوجيات المتمسحة بالدين والمكرسة لوهمية الخلاص كعائق أمام التغيير جنبا إلى جنب مع القيم الاستهلاكية الأمريكية وما تشيعه .(1)من الدخول في دوامة اقتناء أشياء فاقدة لأي قيمة استعماليه حقيقية مقارنة بقيمتها الاستبدالية . 3 –غاي ديبور والتفسير الجدلي للارهاب: لا شك أن هذه الأهداف التي سطرناها هاهنا تثير أكثر من سؤال، ولعل أهمها يتلخص في الإيحاء بوجود مؤامرة عالمية هدفها الأوحد السطو على حقوق الشرائح العريضة في العيش في ظل الديمقراطية والسلم الاجتماعي والمساواة، فالمسألة أبعد بكثير من أن تقلص في مجرد مؤامرة تحوكها أطراف معدودة، بل يمكن القول بأنها متغلغة ومتأصلة في ثنايا الكثير من سلوكاتنا العادية والبسيطة أحيانا إذ لكل منا إسهاماته في صنع الأحداث مهما كانت ضعيفة. ولعل ما سيقربنا أكثر من جوهر المسألة هو ما أورده غاي ديبور GUY DEBORD في كتابه:"تعليقات حول مجتمع المشهد" du spectacle commentaires sur la société : " هذه الديمقراطية وصلت من الاكتمال بحيث أخذت تصنع بنفسها عدوها اللذوذ : الإرهاب، وتريد بالأحرى أن يتم تقييمها بوساطة أعدائها قبل محصلة إنجازاتها." ويضيف : " البعض لا يرى في الإرهاب شيئا أكثر من تلاعب قذر تمارسه الأجهزة السرية والبعض الآخر يرى أنه لا ينبغي سوى انتقاد الافتقاد الكلي لدى هؤلاء الإرهابيين لكل حس تاريخي. في حين أن إعمال قليل من المنطق التاريخي يسمح بأن نستنتج أنه لا يوجد تناقض في القول بإمكان وجود أشخاص مفتقدين لكل حس تاريخي بحيث يمكن التلاعب بهم من طرف الأجهزة السرية." وتوريطهم بالتالي في مثل هذه الأنشطة الإرهابية. ولقد واجهت مصر موجة من العنف والإرهاب لم تشهد مثيلا لها في تاريخها الحديث‏,‏ وقدمت حتي الآن آلاف الضحايا الأبرياء من الشهداء والمصابين الذين يتساقطون كل يوم برصاص الغدر والخيانة‏, لم يفرق الإرهاب بين مواطن مدني أو شرطي أو عسكري كما لم يفرق بين الطفل والشاب والشيخ‏,‏ أو بين المرأة والرجل‏,‏ أو بين المسلم والمسيحي‏,‏ فكل أبناء الوطن يتعرضون للقنص والقتل والترويع صباح مساء‏.‏

وقد ترتب علي هذه الموجة من العنف والإرهاب استقطاب حاد في المجتمع بين من يطالبون بإيجاد حل سياسي للأزمة, ويؤكدون أن الحل الأمني وحده غير ممكن, فرغم الجهود التي تبذلها قوات الشرطة وتساندها القوات المسلحة, فإن هذه الأزمة لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية, ولهذه الأبعاد دور أساسي في صناعة التطرف الديني الذي يغذي العنف والإرهاب ويصل المنادون بالحل السياسي إلي المطالبة بالبحث عن صيغة للمصالحة الوطنية تنأي بالبلاد عن هذا العنف. وهناك موقف آخر يدين الداعين إلي المصالحة الوطنية ويعتبرهم طابورا خامسا, ويطالب بالتعامل بأقصي قدر من القوة مع الممارسين للعنف والإرهاب, ويدعو إلي إقصاء جماعة الإخوان المسلمين عن الساحة السياسية بإعتبارها من وجهة نظرهم جماعة إرهابية. وفي ظل هذا الاستقطاب الحاد يصعب إجراء مناقشات موضوعية بين هذه الآراء, ويصعب طرح أزمة المجتمع لمناقشة مفيدة ومثمرة ينتج عنها رؤية متكاملة لكيفية المواجهة. وما أسهل أن نتبادل الشتائم والاتهامات وما أصعب أن نحكم العقل في وقت يتعرض فيه الأبرياء للقتل يوميا. ولأننا إزاء مشكلة تهدد المجتمع بالتفكك وتهدد الدولة بالانهيار, فإننا مطالبون بالتزام الموضوعية في مناقشة هذه القضية وتجنب الاتهامات المتبادلة وتوسيع نطاق الاتفاق, وتغليب المصالح العليا للشعب.

وفي هذا الإطار فإن إمكانية تجاوز الوضع الراهن وإنهاء أعمال العنف والإرهاب يتطلب توافقا مجتمعيا واسع النطاق علي موقف متكامل يقوم علي عدة أسس في مقدمتها أولا التصدي بكل حزم لأعمال العنف والإرهاب وتقديم مرتكبيها إلي محاكمات سريعة وعادلة في نفس الوقت, وهناك من القوانين ما يكفي لتوقيع العقاب الرادع لهذا العنف, والسعي ثانيا إلي إشراك المجتمع في المواجهة, وعدم تحميل قوات الأمن وحدها عبء المواجهة, بالحرص علي حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية من خلال التفاوض ومنح الدولة الوقت الكافي لتدبير الاعتمادات المطلوبة, ومنحها الفرصة للتفرغ لمواجهة العمليات الإرهابية. والحرص ثالثا علي إتاحة الفرصة لكل من يريد المشاركة السياسية في العملية الديمقراطية بشرط أن يعلن نبذ العنف واعتماد المنافسة السياسية السلمية سبيلا للوصول إلي السلطة, وينبغي أن نهتم رابعا بفتح باب الحوارواسعا بين الجميع, وأن يكون الحوار أساس الوصول إلي التوافق حول مشكلات المجتمع, هذا هو السبيل للنجاة ببلادنا مما تعيشه حاليا, ولا يمكن إنقاذها بالاستسلام للإرهاب, كما لا يمكن إنقاذها بإستئصال تيارات سياسية وفكرية من المجتمع أو اقصائها عن الحياة السياسية, كلا الموقفين خاطئ, كما أنه ليس علينا أن نختار بين الأمن وحقوق الانسان, لأننا بحاجة إلي الاثنين معا, نطبق القانون بكل حزم ونوفر في نفس الوقت المعاملة الإنسانية ونحفظ للمتهم حقوقه فلا يتعرض للتعذيب أو المساس بكرامته الإنسانية, نوفر له المحاكمة العادلة والعاجلة في نفس الوقت. نساند جهود رجال الأمن في تصديهم لأي خروج علي القانون ونوجه النقد لهم إذا لم يراعوا حقوق الإنسان وإذا تجاوزوا في تعاملهم مع المواطنين.

أما عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لظاهرة الإرهاب والعنف فإنها تتطلب معالجة ربما تستغرق وقتا طويلا ولكنها ضرورية, وما لم نبدأ بها فورا فإن المجتمع سيظل يعاني, خاصة أن المسألة تتعلق في حالة مصر بالتطرف الديني الذي يدفع إلي إنتهاج العنف بعد تكفير المجتمع. وهناك جذور اقتصادية واجتماعية وثقافية للتطرف الديني الذي يتشكل في ظل الفقر والبطالة وفي الأحياء العشوائية, وهي بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها, ولا توفر له التعليم الكافي أو النسق الأخلاقي المناسب, ممايسهل اصطياده وتلقينه أفكارا خطيرة تنسب إلي الدين, والدين منها براء مثل تكفير المجتمع وتبرير العنف, وقد أكدت الدراسات العلمية أن التنمية الشاملة هي المدخل الحقيقي لتصفية الفكر المتطرف, وأن توفير فرص العمل وضرورات الحياة تهيئ المجتمع للقدرة علي محاصرة الفكر المتطرف. ولكن هذه المعالجة الاقتصادية والاجتماعية تظل قاصرة عن احتواء الظاهرة ما لم يكملها جهد ثقافي لتنوير الناس وتمكينهم من الاستمتاع بألوان من الفن تغذي وجدانهم بالقيم الإنسانية النبيلة. كما أن وسائل الإعلام تلعب دورا لا يستهان به في هذا الصدد لتعريف الناس بما يعيشه المجتمع من مشاكل وأسبابها, وكيفية علاجها, وتقديم المثل والقدوة في كيفية إجراء الحوار, وشرح الدين علي نحو صحيح يساعد الناس علي السلوك القويم. ولا يمكن أن ننسي دور المدرسة والجامعة والمسجد في القيام بدور أساسي في التربية والتنشئة بهذه القيم وبالفهم المستنير للدين.

وفى نهاية مقالى اسأل الله عز وجل ان يحفظ مصر وشعبها من كل مكروه وسوء 



   نشر في 16 أبريل 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا