اغتالوكِ وهناً يا قدس - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اغتالوكِ وهناً يا قدس

اغتالوكِ وهناً يا قدس

  نشر في 08 ديسمبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

اغتالوكِ وهناً يا قدس..

هيام فؤاد ضمرة..

اغتالوك وهناً يا قدس يا مدينة السلام الشامخة مآذنها، الغارق في القِـدَم تاريخها، الموجوعة حدّ الأنين، الملوّعة حدّ الغضب الرهين، وقيعة تهويدها لم تبتعد بالألم عن وتر الحس المعني بالحياة، لقد انقطع شريان غذاء الحياة بيد مجرمة غارقة بعمليات اجرامها حدود الفيض، حين منح بغير حق ودون أي مسوّغ حقوقي إنساني أو قانوني دولي طفل الحضانة الأمريكي الأخرق، مسألة إعطاء الإذن لدولة الاحتلال بجعل القدس عاصمة لدولتها غير الشرعية، المحتلة اغتصاباً دولة ووطن الفلسطينيين.. فسال منها الدم وانقطع عنها النفس حين انطفأ ضوء العقل العربي وتجسدت أسباب الانكسارات المتتابعة، ودفنوا حكام العرب رؤوسهم بوحل الخزي التاريخي حين انكشفت أجندات تشبثهم بأماكنهم بمعونة الغرب المجرم، الذي كان له الفضل أن منحهم مكانتهم السياسية بشكل من الاشكال .. فأيّ حياة سيعيشها العرب والتاريخ يسجل فعلتهم المهينة بخطوط شيطانية وهذه مأساتهم الأدهى والأنكى، حين منحوا ترامب موافقتهم عليها ولم يعد يهمهم قضايا أمتهم وعيون القدس الباكية وأرض الرباط السليبة المغتصبة سياسياً وعسكرياً وإنسانياً.

فإيه يا عرب وقد تمزق عنكم رداء كرامتكم وطهارتكم، وبتم بضاعة خاسرة لا يمنع حكوماتكم أن تتاجر فيكم وتبيعكم بالثمن الأبخس، فنجسٌ بائعها شارٍ بها الندم، نذل مفرِّط بها ينتابه في دنياه العدم، فيا أيها العرب المخدوعين؛ المنشغلون بالطائفية والفوضى، المقيدون بفكر بعض كتب ورثتموها تراثاً معتقاً بالاصفرار والاستغراق، وغاصت بكم مراجعكم في وجودها البائس، وبات العقل العربي ناضباً في غير مسيل، متخلخلاً في غير ثبات، تعود الاخفاق وانحناءات الذل أمام تلون مواقف حكامه، وبزوغ حقيقة تخاذلكم، أمام مرحلة طويلة كان فيها حكامكم يمنحونكم معرفة جزئية، وحرية جزئية، وخدمات جزئية، فكيف لا تكون أفكاركم ومعرفتكم جزئية.. لم يعد الوضع يحتمل التنبؤات، ولم يعد الوقت يتسع لنذالة الخائنين، والخُطب الانشائية الرنانة والمصطلحات البراقة التي تتوهج أمام العيون.

لن تمر جريمة ترامب مرّ الكرام فحين يحكم العالم أبلهاً غريراً لا يجب استغراب انحراف قراراته ، لا لاعتبار أن تفكير هذا الرجل ليس له صلة بالعقل المُتحَكم به بعقلانية الأداء، ولا حتى لعدم امتلاكه التوازن للاغتذاء الراجع، كونه يعايش غرورا مريضاً وكياناً أخرقاً، فالولايات المتحدة باتت موعودة لأن يتسلق سدة الحكم فيها سلسلة من الأغبياء كما تراهم شعوبهم نفسها وتقره بالعلن، قراراتهم المهمة تتصف بالجنون المؤذي إنسانياً وحقوقياً، والتوريط المربك بالعرب تاريخياً، وما زلتم يا عرب تتصورون أن الولايات الأمريكية تصلح لأن تكون راعياً حقوقياً لعدالة الانسانية والقضايا المصيرية لشعوب العالم المقهورة، فمن ذا رئيسها يكون؛ ليتخذ قرارات تتحكم بمصير دول العالم، وبالأخص بدولة غير شرعية لها صفة الاغتصاب والاحتلال، فأين هو أمام قضايا دولته ومصير شعوب ولاياته، فمن ذا يكون حتى يقرر لدولة الاغتصاب مصير مدينة السلام التاريخية التي تجتمع فيها الأماكن المقدسة لثلاث ديانات سماوية هي غير أمينة عليها، وهي أي دولة الاحتلال منذ لحظة اغتصاب القدس وهي تسعى في محاولة تهويدها إلى خنق الوجود العربي ضمن المساحة الأضيق بإحاطتها بالمستعمرات الملاصقة لحدودها، وإلهاء المفاوض العربي بأكاذيب سرعان ما كانت ترتد عن جدار خبث المخادعة والكذب الذي يتقنون ممارسته على مدى التاريخ.

ولن تمر جريمة العرب أنفسهم كهبة ريح مارة تعصف بالأماكن فتثير بها الغبار لفترة محدودة وتعود لسابق عهدها وكأن شيئا لم يكن، الزمن يا عرب يتغير وتفقير شعوبكم بهذه الطريقة العنيفة لن يكون لها أي مردود حسن، فلتنتفض عقولكم من محدودية تفكيرها وتلحق ركب الحق والعدالة لتأخذكم إلى محطة السلام والاستمرار، فاستمرار الضغط يولد الانفجار، والانفجار هذه المرة سيكون له دوي مخيف، ربما يغير مجرى كل شيء مهما كانت خططكم تسير باحكام واستعداد، فمفاجأة الانفجار الشعبي أخطر مما تتحصنون خلفه من أوهام، وقد تجعلكم في لحظة رهيبة عرضة لحكم شعوب غاضبة لا تتحكم لحظتها بردود أفعالها فتسقطوا بالخازوق الرهيب.

ومحصلة القول هنا أن أمريكا تقود العالم لحرب عالمية تقلب وجه الوجود، ولن تكون أمريكا نفسها بعيدة عن بؤرة الانفجار الرهيب، فالظلم ظلمات، والتاريخ منحكم من أحداثة ما هو درس لكم وعبر، وليس من قوة تتطيح بناصية الحق والعدالة لشعب فلسطين الذي لن يسقط من يده راية النضال أو يتنازل عن حق العودة مهما تنوعت الالاعيب وتمادى عدوه اللدود في اختراق الحق حد تجاوز الحدود.

فلا تبكي يا قدس عروبة تلوثت بالخيانات، لا تذرفي دمعك العزيز على أمة خلعت عنها رداء المصير الواحد لشعب واحد موحد المصير، لتتقوقع في كنتونها الصغير لا تقوى على التنفس ولا ممارسة الشهيق والزفير، عذرا يا قدس أنّ العرب يعيشون زمن انحطاطهم واغترابهم وتغيبهم عن قوة الأمة الواحدة، ولهذا تقزم فيهم حجمهم وباتوا مضحكين في مواقفهم وقراراتهم تتلاعب بمصيرهم دولة المركز المهيمنة ودولة الاحتلال المنتهية إن شاء الله لا محالة، وإن تأخر يوم الوعد، وتباطأت لزمن همة الشعوب .


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 08 ديسمبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا