القضاء وحده يملك سلطة عزل أو إقصاء أي شخص سياسياً وذلك بموجب حكم قضائي نهائي وبات، ولنا في بطلان قانون العزل السياسي المقضى بعدم دستوريته إبان انتخابات الرئاسة ٢٠١٢ عبرة وعظة، لكن أن يُترك الباب هكذا مفتوحاً بين الفينة والأخرى لكل مدع مهما علا صوته أو ذاع صيته للمزايدة على المجتمع والدولة والقضاء تصريحاً أو تلميحاً بإقصاء هذا أو عزل ذاك لا لشئ إلا لخلافات سياسية أوحزبية ضيقة في أزمنة سابقة لـ٢٥ يناير ٢٠١١ كوسيلة للثأر والانتقام السياسي في وقت تضن علينا فيه النخبة المصرية بأي إفراز ناضج أو محلل جيد للمشهد السياسي.
كأن النخبويون يستهوون ترك المتفرجين من البسطاء يشاهدون مشهد الصراع المعتاد بين هذا فلول فاسد وهذا إخواني إرهابي وهذا ثوري عميل دون أن يقدموا لنا بديلا أو أي صيغة توافقية تجمع على الأقل كل من انتخب المشير عبد الفتاح السيسي على مظنة أنه يعطي صوته لمصر وللمستقبل وللاستقرار الذي تتربص به جماعة الإخوان الإرهابية، ولن تنال منه بإذن الله، بسبب فقدان النخبة الثقة في نفسها وعدم قدرتها على تعبئة الشارع بالقدر الكافي للوقوف إلى جانب الدولة في هذه الحرب الشرسة ضد الارهاب والعمل الجاد نحو وضع أولى لبنات بناء المؤسسة التشريعية المرتقبة.
فهل من شك في أن قطاعات النخبة المصرية قد نمت واستعرضت خلال السنوات الأربع الماضية بل وتنوعت في أشكالها وأدوارها ما بين حزبية وليبرالية ويسارية واسلامية وعلمانية وثورية وشبابية وتقليدية وعمالية وإعلامية وفنية.. ومع ذلك تظل جميعها في المربع رقم صفر فلم تقدم للشارع جديد وحجزت لنفسها مقعداً مع المتفرجين تشاهد نفس مشهد الصراع السقيم.
وكرسوا كل مجهوداتهم ووقتهم لنبش الماضي وايقاظ ما بقي منه وإدعاء أن قيادات ورموز الوطني المنحل يسعون إلى البرلمان وسيحصدون معظم مقاعده، والسؤال هنا أين أنتم من رموز الوطني وقياداته؟ وهل هم يسعون إلى البرلمان خارج إطار القانون وآليات الديمقراطية الشرعية ومن خلال صناديق الانتخاب في ظل اشراف قضائي كامل؟ أم أن الخوف مما قد رددته بعض الصحف من شائعات تقول بأن أمين تنظيم الوطني المنحل أحمد عز يعتزم تشكيل إئتلاف مستقلين في الانتخابات القادمة؟
رجل الأعمال الغارق في قضاياه والمكبل بمستقبل غير معلوم في حياته وفي عمله أصبح اليوم هو خصم النخبة والأحزاب وكأن الرجل إختلفنا أو اتفقنا عليه مطلوب منه أن يدفع الفاتورة مرتين، المرة الأولى كانت عن نظام كامل والمرة الثانية عن خمسة وتسعين حزب سياسي وعشرات الإئتلافات والجبهات والحركات والتوليفات السياسية التي استحقت وسام الفشل وباقتدار.
النخبة بين هاجس القلق من القديم وهاجس الفشل في المستقبل يستلزمها ألا تنظر كثيراً إلى الخلف وألا تنكفئ على الماضي وأن تنظر للمستقبل وكأنه لها، وتبقى الكلمة الأخيرة للمواطن المصري الحر فهو الذي سيقرر.
بقلم: السيد عبد الوهاب