في كل يوم من هذه الالفية نجد انفسنا شهودا على محاكمة علنية للوطنية ،محاكمة قاضيها القدر والحكم فيها عدالة السماء اما المكان فهو الامتداد الشاسع لبلداننا العربية من اول الشرق الى اقصى الغرب ،هنا لايوجد دفاع لان الكل مظلوم والادعاء يتقمص صورا عديدة تارة وعد الرخاء مقدم في طبق عنوانه الخبث السياسي ،وتارة أخرى قمع صريح عنوانه الرقابة وبسط القبضة الأمنية بسجن او حصار فكري فوق الحصار الاجتماعي ،وفي شكل آخر نجد القمع المضمر عنوانه مساومة الخبز إزاء الإذعان .
اما المظالم فترفع مطالبها بالكرامة لاغير ،اقل مايكفل الانسان صار ضمنيا وصراحة المطلب الاهم ،الكرامة التي مافتئت الشعوب تنشدها منذ فجر الانعتاق والاستقلال مما لا يضع شكا اننا مازلنا نعيش اسوءحالات الاستعمار التي تمثلها الحكومات العاجزة والانظمة التي مازلت تتشبت بالحياة رغم الحكم عليها بالموت السريري وان كان الامر على حساب حياة الالاف من الابرياء ،ان مايوحدنا في الوطن العربي هو الواقع المنهك من كل الشيء ،من زيف الارقام واسهم الاقتصاد الذي يعد الخنجر الموضوع في رقاب العموم ،فيصير تصاعديا حين نريد تكميم الافواه وضبط ايقاع الاصوات المحتجة و يصير تناقصيا حين نريد تعليل الاخفاق في تحقيق وعود الرخاء او جعله تمهيدا لامتصاص ما بقي من دم المواطن العادي في مسلسل عنوانه التضحية او على ما يبدو تقديم المواطن كقربان لفشل ذوي القرار لعلة او لاخرى لا يسع الحديث عنها لان الفساد في بلداننا شعبة من شعب العلم يصعب الاحاطة به.
ان الادهى و الامر في نفس الوقت هو الحط من كرامة العقل الذي يستبيحه الاعلام المأجور والسياسي الخبيث ،بمؤازرة المؤسسات المالية و الاقتصادية التي يعد الفساد دستورا لها و منهجا ،مسيرة لخدمة القلة ،عنوانها الامتيازات و المصالح الفردانية ،مما يفرض على المرء في متجمعاتنا العيش وفق نمطين اما التعايش مع هذه الامراض والقبول بها في رد فعل لا نتيجة له سوى اقبار كل الملكات العقلية حتى وان كانت بمحض ارادة هدفها المقاومة لا نها غير قادرة على المضي قدما، او المغادرة نهائيا نحو واقع اكثر صراحة خارج هذه البلدان .
لننفذ اول حكم لهذه المحكمة الذي يفرض علينا وطنية موقوفة التنفيذ نحمل خلالها اوطاننا كعنوان لجوازات اسفارنا لاشيء حقيقي فيها غير الاسم ،او اللاشيء للذين يركبون البحر قهرا ،و الصبر للذين بقوا هنالك ينظرون الغذ والغذ لناظره لقريب ،اما القدر فلن يخلف سيرة التاريخ والذي سيكون عنوان الحكم الاستئنافي كما عودنا التاريخ انه لا بد لهذه الشعوب ان ترى النور يوما .
التعليقات
مقالة جميلة. دام قلمك :)