خطاب إينشتاين: مثقف يتصدى للظلامية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

خطاب إينشتاين: مثقف يتصدى للظلامية

  نشر في 18 نونبر 2020 .

شهدت الولايات المتحدة مطلع الخمسينات من القرن الماضي حملة تشكيك قادها بعض السياسيين الرجعيين في حق النخبة المثقفة. وتمكنوا من إقناع الكونغريس بتعيين لجان تحقيق مع المثقفين لتحديد خلفياتهم الإيديولوجية، ومدى تأثيرها السلبي على المحيط الثقافي بفعل موجة الأفكار الشيوعية ورواسب الفاشية التي –قد- يحملها بعضهم من ذوي الأصول الأجنبية !

قبل هذا التاريخ، وبالضبط سنة 1945 تعرض ألبرت إينشتاين لحملة نقد شديدة من لدن عضو المجلس النيابي الأمريكي جون رانكن باعتباره مثيرا للشكوك ومهيجا للأفكار المعادية للمسيحية. وحذر منه قائلا: يحاول هؤلاء الشيوعيون الذين ينتهجون نهج الأجانب في طريقة تفكيرهم، والذين يناصبون المسيحية العداء وعملاؤهم إحكام سيطرتهم على الصحافة. 

لقد حان الوقت كي ينتبه الشعب الأمريكي لخطورة إينشتاين !

في ظل هذه الحملة التي وُصفت بأنها محاكم تفتيش جديدة، بعث مُدرس من نيويورك اسمه وليام فرونجلاس خطابا إلى إينشتاين يستشيره حول كيفية التصدي لهذه التحقيقات التي يُجريها الكونغريس. فبعث إينشتاين برد نشرته صحيفة نيويورك تايمز يوم12 يونيو 1953 جاء فيه :

(( إن المشكلة التي تواجه المثقفين في هذا البلد - أمريكا- جد خطيرة، فالسياسيون الرجعيون نجحوا في بذر بذور الشك في نفوس الجماهير بشأن المثقفين وجهودهم بالتلويح أمامهم بالأخطار الخارجية التي تتهددهم. و بعد الذي أصابوه من نجاح حتى يومنا الراهن نراهم الآن يمضون قدما لحظر حرية التعليم، وتجريد كل من لا يظهرون فروض الطاعة والولاء من مناصبهم بغية تجويعهم.

ماذا ينبغي على النخبة المثقفة أن تفعل كي تدرأ عن نفسها هذا الشر؟ بكل صراحة لست أرى حلا لهذا المشكلة غير اتباع الطريق الثوري الذي دعا إليه غاندي، والمتمثل في عدم التعاون مع السلطة والمقاومة السلبية لها.

إن كل مثقف تستدعيه لجنة التحقيق أمامها يجب عليه أن يرفض الإدلاء بشهادته، أي أن يكون على استعداد لدخول السجن. وباختصار مواجهة الدمار الاقتصادي والتضحية بسعادته ورفاهته الشخصية من أجل رفاهة بلاده الثقافية.

وعلى أية حال فإن رفض الشهادة هذا لا يجب أن يكون مبنيا على الحيلة والمراوغة المتمثلة في استناد المتهم في الامتناع عن الكلام إلى التعديل الخامس للدستور حتى لا يدلي بأي شيء قد يكون سببا في توريط نفسه، ولكن على أساس أنه من العار على مواطن شريف أن يخضع لمحاكم التفتيش التي تنتهك روح الدستور.

ولو أن عددا كافيا من الناس كانوا على استعداد لعمل هذا سوف يكون النجاح حليفهم.. وإذا لم يفعلوا هذا فإن مثقفي هذا البلد لا يستحقون غير العبودية التي تنتظرهم.

ملحوظة: لا داعي لاعتبار هذا الخطاب سريا وخاصا.))

بعد مضي عامين تقريبا توفي إينشتاين، فكتب الصحفي آي. ف. ستون نعيا جاء فيه : " إن الرجل الذي سعى إلى إقامة انسجام في السماوات وفي الذرَّة سعى أيضا إلى إقامة النظام والعدل في علاقات الإنسان بالإنسان. وبوصفه أعظم مثقف في العالم فقد سعى لمحاربة الفاشية في كل مكان، وخشي من ظهور أعراضها في بلادنا."



   نشر في 18 نونبر 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا