" يا بني الكار ده مِش كارَك , شوف حاجة غيره , جرّب تشتغل مهندس , جرّب تفتح عيادة "
هكذا قال اللص الكبير للص المتدرِّب في الفيلم الكوميدي (غبي منه فيه ) ليتخلّص منه عندما وجده فشل في السرقة و تسبّب في الكثير من المشاكل .
و كلمة (كار) هي كلمة يتم إستخدامها في العامية المصرية بمعنى مجال عمل .
دائما ما كنت أشاهد هذا المشهد و أضحك عليه بإعتباره مشهداً كوميدياً , لكن منذ أنهيت دراستي الجامعية و بدأت مرحلة البحث عن العمل ثم مرحلة العمل نفسها , نظرت للمشهد بشكل مختلف فسألت نفسي : " كيف لي أن أنجح في عملي حتى لا يأتي اليوم الذي يقول لي مديري : يابني الكار ده مش كارَك ! "
بدأت حينها التفكير و البحث عن عوامل النجاح سواء عبر الإنترنت أو بسؤال زملائي الأكبر سناً أو القراءة عن الشخصيات الناجحة . ربما لا يمكن تحديد خطوات محددة تضمن للشخص النجاح لأن النجاح تجربة تختلف من شخص لآخر , لكن هناك بعض العوامل المشتركة بين هذه التجارب جميعاً :
1- القدرات الشخصية :
كثيراً ما أجد أحد أصدقائي يخوض مجالاً لا يجيده أو يحبه و عندما أسئله عن السبب يقول (أريد أن أتحدّى نفسي) .
مع إنتشار موجة التنمية البشرية إندفع الكثير من الشباب خلف أي شيء ليحققوا ذاتهم دون أن يتساءلوا ما إذا كان هذا المجال يناسب قدراتهم أم لا .
تخيل لو حاول مارك زوكربيرج –البارع في البرمجة - إحتراف كرة القدم التي لا يجيدها بدلاً من تأسيس موقع الفيس بوك !! أظن أنه ما كان ليحقق شيئاً مما وصل إليه الآن .
لذلك فالأفضل للفرد أن يتحدّى نفسه فيما يجيد بدلاً من بذل المجهود لإقناع نفسه بمجال لا يحبه من الأساس .
لكن هذا لا يعني أن المواهب و القدرات هي كل شيء , فهذه القدرات الفطرية تحتاج لما يصقلها و ينقلها من خانة الهواية إلى خانة الإحتراف , و هذا ما ينقلنا للعامل التالي :
2- الخبرة :
إن كانت الموهبة هي التي ستجعلك تضع قدمك على بداية الطريق فإن الخبرة هي التي ستجعلك تستمر على هذا الطريق .
مثال على ذلك : الممثلان الكوميديان أحمد حلمي و محمد سعد بدآ معاً مشوار التمثيل , لكن إنظر أين وصل حلمي و أين سعد الآن ؟! فارق كبير .. لكن ما الذي صنع هذا الفارق الشاسع ؟!
إنها الخبرة , الإستفادة من تجاربك , التعلُّم من أخطائك , الرغبة في تطوير نفسك و مواكبة العصر .. هذه الأمور هي التي تجعلك تستمر على طريق النجاح لسنوات طويلة مهما تغيَّرت الظروف من حولك , لكن أن تعتمد على الموهبة فقط فصدّقني سيأتي الوقت الذي تنضب فيه هذه الموهبة و تجد نفسك محبوس في المربع واحد الذي بدأت عنده , فقط تكرّر نفسك حتى يملّ الجميع منك .
3- المعرفة :
لكن الموهبة و الخبرة يلزمهما أمرٌ ثالث ضروري حتى يكتمل مثلث النجاح ألا و هي المعرفة , المعرفة هي التي ستمكّنك من وضع موهبتك في حيّز التنفيذ و هي التي ستساعدك في صقل موهبتك بالخبرة .
فما فائدة أن يهوى الإنسان تصميم البرامج لكنه لم يدرس البرمجة يوماً !!
و المعرفة ليست مقصورة على مجال عملك فقط , بل يلزمها أيضاً معرفة عامة في مختلف المجالات , كما ورد في القول المأثور ( أعرف شيئاً عن كل شيء و أعرف كلَ شيءٍ عن شيء )
بالطبع فهناك أمور أخرى تلزم للنجاح مثل المثابرة و حسن التخطيط و غيرها مما لا يتسع المقال لذكره .
و خلاصة القول فالنجاح ليس مجرد أهداف نحققها أو جوائز نحرزها , بل هي رحلة كاملة تستمر طوال الحياة يستغل فيها الإنسان كل قدراته الفطرية و المكتسبة و يستمتع بكل لحظاتها المُرّة و الحلوة .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
بالتوفيق
مقالاتك جميعها لاتخلو من نقل الفائدة لاخرين و لاشك انها تحاكي واقعنا و مافيه .
انني فعلا سعيدة بك
شكرا عمرو شكرا جدا
استمر والله الموفق
وما الذي يلفت الإنتباه غير العنوان.. أبدعت هذه المرة كالعادة.
بالتوفيق أستاذ عمرو :)
هذا ما قيل لي قبل 9 سنوات، حينها كنت في الصف الثامن ، قالو ( انت وين والكتابة وين ! )، من الرائع أنّي لم استمع لثرثراتهم :)
موفق ..
وخاصة إنتقاءك للعنوان !!
دمت متألق ..... بالتوفيق .
كعادتك مبدع ، ، ننتظر مقالك القادم
( بالتوفيقك )