الإنقلاب الجديد على إيران - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإنقلاب الجديد على إيران

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 12 غشت 2018 .

الإنقلاب الجديد على إيران

هيام فؤاد ضمرة

تعزم أمريكا بعقلية رئيسها المهووس وبإصرار شديد، على أن تثير حرباً عالمية تشعل بها منطقة الشرق الأوسط على مراحل متتابعة، وبأدوار متسلسلة، وبأعذار وتبريرات غير حقيقية وغير صحيحة، مكذوبة وملعوبة بأدوار مثيرة للقرف، هي عادتها وهي نفس لعبتها التي اعتادت لعبها بكثير خبث وأكثر حقد ولؤم، فتحرق الأرض، وتميت الزرع، وتبيد البشر الآمنين، وتدمر الحضارة العامرة، وتخلق مشاكل إنسانية لا مثيل لها ولم يسبقها إليها أحد، تفوق قدرة الإنسان على الاحتمال، وتحول ملايين الشرقيين إلى فئات من أهل الشتات منتشرون في أصقاع الأرض، ليعيشوا على هامش الحياة بلا حياة، وليسرح الذئب الغادر الاسرائيلي بين القطيع الفالت، ويعيث فسادا وخراباً ويستولي على المزيد من الأرض ويقتل ويشرد المزيد من البشر، وربما تلجأ إلى عملية إبادة بشعة تهيل بها كل الشعارات الكاذبة التي ما فتئت ترفعها تغطية على إجرامها العريق، فمن يقتل شعب قارة بأكملها، ما الذي يمنعه أن يقتل شعب دولة بأكملها، والأمر لا يتوقف أبداً عند دولة واحدة، وحاكم واحد، وحكومة واحدة، بل تتعداها إلى سلسلة متتابعة من أنواع الصيد الثمين والكنز الذي ليس بعقيم، يكمن في باطن أرض حبلى بالخيرات.

ها هي تجر حمولة ترساناتها الموزعة عبر اليابسة، وفي أجواء الفضاء، وأطراف البحار والمحيطات، وتجمع عتاد أسلحتها من كل صوب وناحية، وتستنفر قواعدها العسكرية في دول الشرق والغرب، وتسحب سفن حربها من أرجاء البحار والمحيطات، وبوارجها، وفرقاطاتها، ومدمراتها، وحاملات طائراتها، وغواصاتها وبطاريات صواريخها الباتريوت المتطورة، وتقوم بعملية تحضيرات وتنقلات وتسحيبات وتبادلات ترتكز على خطة حربية تبدو موشكة، نكاد نشم بارودها على قرب قريب.. أليس مضحكاً أن تكون من ترعى السلام هي عدوة السلام الأولى في العالم؟

إيران هي الأخرى غير غافلة ولا نائمة، إنما ماذا يمكنها إيران فعله أمام ترسانة ليس بحجمها ترسانة أخرى في العالم، ولا بتطورها أو بقوة تدميرها وقتلها، بالأمس القريب وقعت أمريكا اتفاقية مع ايران حول مصير مفاعلها النووي، واليوم تتسحب من الاتفاقية نافضة يديها من ما هي فرضته واتمرته على غيرها، وهي التي فرضت على دول العالم قانون أن الاتفاقيات الدولية تفوق دستور الدول وتتفوق عليها وعلى هذا تم فرض إلزاميتها، إذن هي تعتبر نفسها فوق كل القوانين قاطبة، وهي بذلك تعيد عملية فرعنة الفراعنة حين كانت قوتهم فوق كل القوى، لكن أين اليوم الفراعنة ومن فرعنهم، إنهم ككل حضارة سادت فوق سطح هذه المعمورة فكان مصيرها أن بادت وانحلت وتفككت وصارت من التاريخ المنقرض، نبحث عن أثرها في باطن أكمات الرمال، فلماذ كل هذه الهمة لدى أمريكا لتثبيت اسرائيل المحتلة دولة الفلسطينيين، ولتعزيز وجود دولة اليهود قاتلي المسيح؟.. ولماذا تضع نفسها في بؤرة الحرب لتأمين استمرارية وجود دولة الاحتلال؟.. فهل ستحول فاتورة الحرب الجديدة مع إيران إلى السعودية ودول الخليج من جديد تحت معنى أنها تضرب ايران لتحمي ظهر دول الخليج؟

في الوقت الذي قامت فيه أمريكا بتحصين دولة الاحتلال اسرائيل تحصيناً مفرطاً، وتكاد تكون وضعتها داخل قبة دفاعية محصنة، فإنها أي أمريكا وضعت كامل عتادها على الأرض الخليجية لتجعلها هدفاً لموقع الرماية من قبل الضربات الإيرانية، تلك الأرض الصحراوية القائمة على بحيرة من النفط والغاز، وعلى فجوة أخرى ضخمة كانت فرغت كلياً أو جزئياً من النفط وفي كلا الحالين فدول الخليج تواجه مخاطر من كافة الجهات وتضعها في غياهب المجهول.

كل المظاهر تبدي حالة الاستنفار لحرب وشيكة ليس يفصلها سوى أيام، والشروط التي اشترطتها أمريكا على إيران تصيب كرامتها في مقتل، وهي كانت تعني هذه النتيجة لاستفزاز الكرامة الإيرانية فتجيب بالرفض لتجدها أمريكا ومعها إسرائيل فرصتهم الذهبية لضرب إيران ضربة قاصمة تكسر ظهرها وعمودها الفقاري فتشلها إلى الأبد، وأمريكا لا تلعب لعبة السلاح دون مقدمات الألاعيب المخابراتية الخبيثة التي اعتادتها في مقدمات كل حروبها، والتي تعتمد سياسة شق الصفوف بالداخل الإيراني قبل أن تطلق طلقتها الأولى.. فهل إيران أدركت اللعبة وفهمتها جيداً وهيأت نفسها لمواجهة عدوين داخلي وخارجي؟

سوريا تكاد تكون مكشوفة هي الأخرى، وهي التي ما زالت تواجه أزمتها الكبيرة أمام الثوار ولم تنتهي بعد من آخر فلولهم، وروسيا حتى هذه اللحظة لم تسلمها الأسلحة المتفق عليها بالحصول على منظومة صواريخ أس300 ، خاصة أن سوريا تواجه انهيارا اقتصاديا حاداً وجفافاً في خزينتها، وجيش حزب الله انسحب من أراضيها ليتهيأ لدور دفاعي آخر ينتظره على الحدود مع دولة الاحتلال، وعلى خاصرتها الشرقية تتكأ دولة خارجة للتو من حرب أهلية شعواء وحرب أخرى مع داعش وتبدو كالخارج للتو من حفرة انهدامية من الفوضى، وغارقة حتى أذنيها بالفساد الذي أكل الأخضر واليابس وأتى على كامل الزرع.. فأين هي سوريا وأين هي العراق وسط هذه الفوضى وهذه التحديات؟

وقطاع غزة ألا ويلاه على أهله وهم المحشورين في صندوق التعذيب تحت رحمة انهمار الموت عليهم من السماء المكشوفة، والجوع والفقر والمرض يحاصرهم من ناحية أخرى، يضعونهم أمام خيارين.. الموت قتلاً، أو الموت جوعاً، أو الموت بلا موت، وكلها إلى الموت القاسي مصيرهم.

فاللعبة الأمريكية الاسرائيلية ملعوبة بحرفية شديدة منذ عشرات السنين، بحيث تؤدي إلى ما أدت إليه ظروف اليوم، وكأننا أمام شاشة عرض لفيلم من أفلام هوليود الجنونية التي تقفز عن حدود الخيال، لتصبح واقعاً مفروضا على دول الاسلام تعيشه من أقصى المعمورة إلى أقصاها من الجانب الآخر، هي حرب على الإنسان وعلى الأوطان وعلى الدين وقواعد أركانه ومبادئة، حرب مدمرة تختبر مزيداً من السلاح ومزيداً من القتل الابادي غير الرحيم.

وبالختام.. أين منا الختام وبأيِّ الوجوه سوف يمنحنا عدونا اللدود وجها للموت معفر بغبار القهر..؟



  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 12 غشت 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا