ستوكهولم و الفلول. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ستوكهولم و الفلول.

لماذا نجد دائماً مؤيدين للديكتاتور؟!

  نشر في 16 يوليوز 2018 .

عام 1973, في السويد و تحديداً في العاصمة ستوكهولم قامت مجموعة من اللصوص بالسطو على بنك كريديتبانكين  kreditbanken و اتخذوا بعض موظفي البنك كرهائن حتى الاستجابة لمطالبهم...استمرت المفاوضات مع اللصوص لمدة ستة أيام و في اليوم السابع تمكنت الشرطة من اقتحام البنك و تحرير الرهائن و تم القبض على اللصوص...و هنا كانت المفاجأة...

لم يوجه الضحايا أي تهم ضد اللصوص بل و قد دافعوا عنهم في المحكمة و طالبوا ببرائتهم مما أثار دهشة الجمهور حينها.

كان فرانك أوكبيرج ــــ الاختصاصي بعلم النفس ـــــ كان قد تحدث عن تعاطف الضحية مع المعتدي عليها قبل هذه الحادثة لكن نيلز بيجيرو هو من أطلق على هذه الحالة متلازمة ستوكهولم نسبة الى مكان الحادثة حيث كان مستشاراً نفسية للشرطة أثناء الحادثة و هو متخصص بعلم الجرائم و الأمراض النفسية.

و في حادثة مشابهة في الولايات المتحدة عام 1974; تم إختطاف باتي هيرست, 19 عام, من منزلها على يد مجموعة يسارية إرهابية تسمى جيش التحرير التكافلي بغرض أخذ فدية من أسرتها...و بعد شهرين من احتجاز باتي قررت الانضمام اليهم و اعتناق افكارهم و شاركت في جرائم السرقة حتى تم القبض عليهم و محاكمتهم و تم الحكم على باتي ب 35 عام لكنها خرجت من السجن لاحقاً بعفو رئاسي من الرئيس كارتر.


تعتبر باتي هيرست من أشهر نماذج "متلازمة ستوكهولم" التي أدهشت العالم أجمع...فما الذي يدفع فتاة صغيرة في السن إلى الانضمام إلى خاطفيها و معذبيها؟...ما الذي يجعل مجموعة من الموظفين يدافعوا عن أشخاص اقتحموا مقر عملهم و هددوهم بالسلاح حتى بعد اطلاق سراحهم؟!!....يرد علم النفس التطوري على هذا التساؤل بأن متلازمة ستوكهولم هي رد فعل الضحية لحل مشكلة التعايش مع الموقف...فالضحية تكون مسلوبة الارادة و مغلوبة على أمرها للحفاظ على حياتها و تريد أن تخرج من هذا الموقف فيكون الخيار الوحيد هو الانضمام للمعتدي و التعاطف معه و تتدهور الحالة حتى ترتبط به عاطفيا في كثير من الاحيان و بعض المختطفين في حوادث أخرى كانوا لا يستطيعون الهروب حتى اذا اتيحت لهم الفرصة....و هناك فرضية أن هذا التعاطف مع المعتدي ( خاطف, مغتصب, لص...إلخ) يكون احدى طرق الضحية للدفاع عن ذاتها, بطريقة أبسط فإن كبرياء الضحية يرفض الاعتراف بضعفها و استسلامها بل و جبنها في بعض الاحيان فيبدأ بإيهام العقل أنه اقتنع بمبدأ المعتدي و تعاطف معه...و بالفعل تبدأ الضحية بالانتماء و الولاء للمعتدي مهما زاد في تعذيبها أو الإساءة إليها.


حين نتأمل تصرفات الذين يعانون من متلازمة ستوكهولم سنجد أنها تشبه كثيراً تصرفات و ردود أفعال الكثير من الأصحاء ــــ أو الذين يفترض أنهم أصحاء ــــ بعد الثورات و الانقلابات التي تسقط الطغاة....فمهما أجمع الناس على ظلم و وحشية حاكم ستجد له أتباع أوفياء حتى بعد سقوطه, و المثير للدهشة أن أثناء حكم الطغاة ستجد عدد من العامة يؤيدوا و يحبوا و يشيدوا بهم حتى في جلساتهم السرية رغم أن هؤلاء العامة قد يكونوا أكثر من يعاني من القهر و الفقر و المرض.

فهل يمكن التعامل مع هؤلاء كمرضى نفسيين؟؟ أم ستكون هذه المعاملة نوع من أنواع الديكتاتورية و العنصرية؟..هل نستطيع استبدال لفظ (الفلول) ــــ الذي معناه الحرفي هو التلم في السيف القديم و يستخدم في السياسة بمعنى بقايا النظام القديم ــــ بكلمة المرضى أو ضحايا متلازمة ستوكهولم؟

الجانب الإيجابي من ربط هذا المرض ب"الفلول" أينما كانوا هو أنه قد يثير التعاطف معهم مما قد يقلل من حدة التوتر بينهم و بين الثوريين او معارضين الديكتاتور...فحتى إذا لم تواجه المريض بمرضه فأنت تدرك حالته مما سيوفر وقت الجدال معه و بالطبع سيسهل القدرة على تحمله.

عزيزي القارئ....إذا وضع القدر في طريقك أحد الفلول أو مؤيدين الديكتاتور فهناك احتمال كبير أنه مريض, لذا لا تجهد نفسك في الجدال معه و لا تحكم عليه..فقط استمع لكلامه و ادعي له بالشفاء من مرضه.



   نشر في 16 يوليوز 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا