اغتيال السفير الروسي يكاد يكون مجرد تحصيل حاصل لسياسة عض الاصابع الجارية حاليا بين القوى الكبرى فوق الاراضي السورية...لكن من ابجديات تحليل الواقعة ان نطرح الاسئلة التالية .ماذا ستكون دية روسية في قتيلها ؟ وهل ستكون تركيا هي بالضرورة من يتكفل بالثار لدم الضحية الذي تفرق بين قوى اصبحت تعتمد "حالة الاستثناء" في كل تعاملاتها....حتى اضحت دستورا متنقلا وعابرا للقارات..

ملزمين بالعودة الى عين العرب...حينما خيل لاردوغان انه يمسك بكل خيوط اللعبة في سوريا وانه لا يمكن لاي قرار ان يسري دون ان يكون عليه ختم السلطان في الباب العالي...رؤية قد تكون ساهمت روسيا وامريكا في النفخ فيها...حتى تستدرج اردوغان الى الخروج من القوقعة والتورط اكثر مع المليشيا السنية..دعما معنويا وماديا...

وبالفعل..اردوغان حصل على عين العرب بعد تسهيلات واضحة من القيصر..لكن ما حدث ان شهية الرجل فتحت فاصبح ينظر الى حلب كامتداد طبيعي له....وفق مقاربة..ما تأخذه ايران من العراق...آخذه انا في سوريا..حمى الوطيس في حلب واشتدت الحرب.لكن تسابق الاحداث بفعل الهمجية الروسية التي جعلت من معركة حلب حكاية حياة او موت..حكاية دفاع عن وطن..ستالين غراد بنسختها العربية . اردوغان بدا يفقد زمام المبادرة لصالح بشار رغم انه حاول ان يلمح بانه سيتدخل ايضا جويا...رغم ان كلامه حينها كان اقرب الى الجنون منه الى العقل..النتيجة الحتمية لمعركة حلب اجبرت اردوغان على الافصاح عن كل نواياه اتجاه سوريا .نوايا لا تخدم لا امريكا ولا روسيا ولا السعودية التي خرجت مبكرا من سباق التنافس. وحتى الامارتيين الذين صرفوا ملايير الدولارات من اجل ان لا يتجاوز السلطان مدينة كوباني...

ايران دفعت بكل ثقلها لتكسير الصحن المشترك الذي اكل منه الجميع في كردستان...بل وسعت الى افشال صفقة اوجلان الودية...والانتقال نحو العمق الكردي للاستثمار في نزوعهم نحو انشاء الدولة الحلم...

اذن اشتدت الحلقات....لكن اخراج اردوغان من الحلبة لن يكون بهذه السهولة فالرجل اثبت شرعيته الداخلية...بل وامساك اصابعه بكل ما يحدث عنده او قربه...يمكنه ان يحرك الفصيل الاحتياطي لداعش فيحدث خللا رهيبا في سوق البترول...يمكنه ان يستأنس بتركيا ويعمل على اعادة احياء حكاية انبوب الغاز القطري العابر لاوروبا عبر سوريا...وهنا تقع روسيا في حرج دولي وداخلي هي في غنى عنه...(امريكا هنا توافق روسيا..وان ظهر لنا العكس..فماذا يضرها ان بقيت اوروبا رهينة لها )

الاكراد ايضا لا يشكلون خطرا على الرجل...فقد اثبت في اكثر من مناسبة انه يستطيع قتلهم في بيوتهم.... واحيانا في العمق العراقي.....

اعود الى حالة الاستثناء...وهي تغليب المصالح العليا والقومية للوطن وان تطلب الامر التضحية...وهي استراتيجية تتبعها كل الدول الكبرى وهذا منذ بداية الحركة الاستعمارية. مصلحة الوطن قبل الرجال (مصلحة اقتصادية غالبا ) اذن ماذا يضر روسيا ان تخفف الاجراءات الامنية المضروبة حول السفير...رغم انها تعلم انه مستهدف هي لن تقتله لكنها ستتركه لمصيره.....اوليس الروس ابطال العالم في لعبة الشطرنج....

الان اردوغان عليه ان يبرر....كان هو دائما من يطلب مبررات....وصفقة اخرى لتعديل اتفاقية (حلب_عين العرب )....وفوق ذلك دية كبيرة..اقلها تقاسم عائدات النفط الداعشية...