حين الأعراب ينقلبون أغراباً يباباً - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حين الأعراب ينقلبون أغراباً يباباً

حين العرب ينقلبون أغراباً

  نشر في 28 يونيو 2018 .

حين الأعراب ينقلبون أغراباً يباباً..

هيام فؤاد ضمرة..

هل العرب باتوا مضحكين يتسابقون على النكتة ليواروا سوءة عُريهم؟.. أم أن أمزجتهم صارت تراقص ألسنتهم على موسيقى السخافة والهيافة؟.. أم أن كل أثواب الدنيا قصرت عن أن تتمكن من ستر فواحشهم؟

وصل الحال بالأعراب أن تهاوت بهم القوى كما تهاوت بهم قاماتهم، فانحنت هياكلهم العظمية وتقوسوا على ذلهم الصامت وكادوا أن يتكوروا على أنفسهم، لا يفردهم الزمن حتى لو استخدمت عليهم مكواة بقوة نووية. فقد وصل التدهور بالأعراب في عصر الانحطاط ولعنة التزييف حد القفز عن جدار اللا معقول للأعظم غرائبية وعجائبية واختلالاً، ففي عصر اتفاقيات العنتريات الأمريكية العربية للترويج لقبول دولة الاحتلال المغتصبة الوطن الفلسطيني العربي، أن عصا الساحر فعلت فيهم فعلتها لتحولهم إلى جملة مؤيدين دونما نقاش ولا جدال، بل تحولهم إلى بهلوانات إضحاك حتى الانقلاب، وصاروا أصحاب نكتة ترمي من ترمي في غياهب الأكاذيب والألاعيب ورقص السمبا والطمبا وألاعيب الأونطا.

فلأي حال تدهور بكم الحال يا أيها المساكين حتى تستبدلوا لبوسكم وأصولكم وعقولكم ولتغيروا بالنهاية جلودكم وعروبتكم يا أصحاب دويلات الطوائف والطرائف بحضور قارئات البخت لمستقبل الهياكل، ففي حين كان الغرب يدفع الجزية للعرب انقلب الحال بمعادلة الأحوال وصار العرب يدفعون جزية للغرب ما بعدها رزيِّة ولا تأتي بأي جزيِّة، وهو حال الموشكين على الأفول في زمن اللا يصدق واللا معقول.

هل حقا يمزحون أم يضحكون على البسطاء لدرجة الاستخفاف بعقولهم وبقدراتهم الذهنية وذكائهم الإنساني الفطري، ليستبدلوا عناوين موضوعاتهم وشعارات أهدافهم السياسية والوطنية والعروبية إلى عكسها تماما، وإعطاء الأشياء أحجام غير أحجامها الحقيقية وألوان غير ألوانها الطبيعية، حتى بات التزييف فن حضاري متأنق، وصار الكذب والتلفيق هو مظاهر تزيين وتجميل وشطارة، إلى أن بات كل الأعراب معلقون بذيل الخنزيرين الأمريكي والصهيوني لا يستطيعون عنهما فكاكا، إما خوفاً من مكرهما ونجاسة أذاهما وتخريبهما، أو لحاجة ماسة للتصنيع الحربي الأمريكي ودعمها اللوجستي في بناء قوة دولهم العسكرية، لأن القوة عماد وجود الدولة وامتداد ثباتها وانبثاق ملامح تطورها في البنى السياسي والاجتماعي، ثم لأن أمريكا تستطيع لو أرادت أن تمارس استخفافها بالعرب كونها تملك القوة العظمى في العالم، ومثلها دولة الاحتلال الصغيرة بحجمها والعظيمة بما امتلكته من قوة عسكرية ونووية بدعم حقيقي من أمريكا، كان بالسابق يغطى بقشرة زائفة من التزوير حتى بلغ الأمر مبلغه وما عادت الحقيقة تغطى بغربال وصار الحديث يجري حول مفاعل ديمونة ومصانع السلاح وتطوير تصنيعه جريان الخبر عبر مسارات الأثير.

ما كانت الأنظمة العربية والأعرابية يوماً على قدر طموحات شعوبها، وظل الظلام يتخلل مشاريع ومخططات حكوماتهم المتعاقبة، ويربك خطاهم نحو الحضارة التي كانت تجري من حولهم بسرعة عالية، فيما تتباطأ بهم الخطى وتتعرقل، فما استطاعوا أبدا مجاراة الأمم ولا تمكنوا من التقدم بالصناعة والتصنيع وبالاقتصاد عموماً، وبقوا يدورون في حلقة مفرغة لا يستطيعون الفكاك منها ولا الخروج من دائرتها.

فيما الدول الأعرابية الغنية ظلت تنفق أموالها التي كان يضخها سوق النفط في الحضارة الشكلية العقارية، ودون تخطيط مدروس كانت تشرع أسواقها للعمالة الأجنبية من كل الجنسيات، حتى تضخمت العمالة في بلادها وصارت هماُ يثقل كاهل الحكومات المتعاقبة، حتى لتجد ضعف عدد السكان الوطنيين هم عمالة أجنبية تقوم على تشغيل البلد وتؤدي كافة الأعمال، وما وضعت أي منها في اعتباراتها التصنيع وتطوير العلم وتبني العقول العبقرية والابداعات الجديدة، ورغم حاجتهم للتصنيع الحربي ما اتخذوا لهم ولا حتى خطوة أولى تمهيدية لولوج هذا العالم وهم الأحوج لذلك والأعداء وتهديداتهم تتحوطهم من كل جانب، فساد بغالبية الوطن العربي التخلف وارتفع منسوب الطغيان والاستبداد وتعظم الهوان، ولم يعد الأمر يقتصر على قضية احتلال فلسطين وسلبها من قلب الأمة النابض، بل تم تصدير العنف والارهاب إلى عقر دارهم ليأتيهم معلباً في محتويات المخادعة المصنعة في المصانع المخابراتية لهذه الدول وحلفائها عرابي الاستعمار الأساسيين في العالم.

مارس العربي تحديه في ممارسة الحياة بإرهاق كبير، وما توقف أنينه ولا التقط أنفاسه ليتقدم ولو بخطى بسيطة نحو التطلعات والأحلام، وما ثورة الشعوب الأخيرة إلا انتفاض من أعماق العتمة التي ضاق خناقها عليه، تطلب أن تمد رأسها نحو النور تطلب التنفس بعمق، فهل أتى أي منها بالنتائج المرجوة؟.. وهل تحرك بالوطن العربي أي ملامح تبشر بالدفع العام بمصالح الدول وشعوبها؟؟.

لا أحد استطاع تفسير سبب ثورات الشعوب العربية بمعزل عن أحزاب بلدها العاملة، فهل هذه الأحزاب قادرة فعلا على قيادة الشارع وهل وصلت إلى درجة التماس مع هموم المواطن، فلو وصلت حقا لهذا ما كان الشارع لينفجر بعيدا عن أحزاب بلده، وبالتالي بانت الأحزاب مؤسسات هزيلة لا تلبي متطلبات الشارع ولا تتلمس هموم المواطنين.

لست أدري في هذه الفوضى من هو الذي يمارس التهريج؟.. ومن هو الذي يضحك من قهره وغلبته على أمره؟.. فها هو الهدو انقلب بقدرة قادر إلى صديق، وصار من له حق الجيرة وأصبح عن كفاءة عجيبة من الخيرة، فيما الفلسطينيين صاروا أصحاب مطامع بأراضي الدول المجاورة لإقامة وطن بديل، حقيقي فقد هزلت وما عاد التهريج مضحكاً ومستفزاً بشكل عادي، فالشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه ووطنه فإن نضاله كاف ليقول أنه نبت هذه التربة الطاهرة والأرض المقدسة وليس من أرض يقبلها بديلاً عن فلسطين وطين فلسطين.

فامسحوا يا أيها المضحكون القذي عن أعينكم، ونظفوا جيداً من الصمخ أذنيكم، وافتحوا أفق عقولكم لتدركوا أن تهريجكم صراخ الفوضى في الفضاء المفتوح، يمتصه الفضاء ليختفي أثره وأثر مكائدكم في تغيير أقنعة وجوهكم، وفي ارتدائكم ثوب من كان في الأمس القريب عدوكم وعدو البشرية جمعاء.. استيقذوا من توهانكم وشتات عقولكم إنكم ما زلتم مكشوفين تماماً.


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 28 يونيو 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا