التطبيع مع الأعداء استعداء
.. هيام فؤاد ضمرة..
لست أدري ما حاجة دول الخليج البعيدة حدودها عن حدود فلسطين للتطبيع مع عدو محتل لأراضي فلسطين العربية؟..، تمادت أعماله بالإجرام حتى تعظمت، اغتصب الأرض، ومنع بالمسجد الأقصى صلاة الفرض، ودنس مواطنيها ساحاته بالطول والعرض، وسرقوا التراث الفلسطيني العربي ونسبوه إليهم من باب ابتداع جذور لهم، وافتعلوا قصص أساطيرهم الكاذبة لينسبوا أنفسهم لهذه الأرض.. ألا يكفي دول الخليج ودول العرب قاطبة التي تصطف على ذات الطريق، انفتاحهم على دول العالم المتحضر والمتقدم حضاريا وعلميا وتجارة، والأعظم اقتصادا وغنى وإمارة؟.. كامل الكرة الأرضية مفتوحة أمام الشبق العربي، فما بال ريالتهم سالت على هذه البقعة الصغيرة المتشبعة بالعنصرية والمصطبغة بدماء العرب؟
وما حاجتهم لإطلاق كل هذه الأعداد من الأبواق الفارغة والحنوك المتشدقة من فئة الأغبياء، ليرددوا كلاماً غاية بالغباء والنذالة والحقارة، عاري عن الصحة وغير مسؤول، وليس لعالم الوعي والفهم والشرف منسوب..
ما حاجتهم لكل هذا الرذاذ الكريه الرائحة ليبثوه بالأجواء طالما أنهم اتخذوا قرارهم ببجاحة من لا يلتفت حوله، ووجدوا بذلك مصلحتهم فتنكروا للعروبة بجلافة غير متوقعة، وأداروا الظهور لماضيهم المشرف الذي خطه رجالاتهم الشرفاء، وكأنهم يسحبون الخيط الذي يصلهم بثوبهم العربي المعهود.
ما حاجتهم لأن يختلقوا المبررات السخيفة استخفافا بعقول العامة من الناس، ويرددوا من سخف الكلام ما يضحك العالم على متسعه، ويثير حفيظة الشرفاء من الأفهام الأحرار؟..
ما حاجتهم لأسراب الذباب الألكتروني والتلفيقات الكاذبة والتحويرات العاصفة على وزن (الهباب) -على الرأي المصري-؟ ..
أليسوا هم دول مستقلة لها حكوماتها ومجلس نوابها وتمتلك استقلالية قراراتها، ومن حقها أن تتخذ ما تراه مناسباً لمصلحتها؟..
أليسو هم قيادات متعلمة ومتنورة ومتصورة أن قراراتها ليست فقط نافذه بل متخذة عن رؤية حكيمة ومنطق مع الذات يرونه سليما ونافعا، ومر على البحث والدراسة والتمحيص حسب الدلالات المتوفرة؟..
إذن ما حاجتهم لكل هذا الجيش من الصراصير القذرة لتتقول الكلام السخيف غير المرتكز على وعي أو علم حقيقي، وحتى على غير أخلاق وقيم عرفناها ولمسناها بشعوبهم وقياداتها الحكيمة، كتلك التي تلقيناها مع كل لقمة عيش وشربة ماء وعبرة أحزان، مع كل المناهج السامية التي تربينا وربينا أجيالنا عليها، على ما توارثناه من قيم الدين والقرأن الكريم..
اتخذوا قراراتكم وطرائقكم وأساليبكم بما تروه مناسباً لمصلحة بلادكم وشعوبكم، فأنتم دول مستقلة -نأمل ذلك حقيقة- لأنكم منا وفينا وخوفنا عليكم كخوفنا على أنفسنا فنحن وإياكم أهل جذور واحدة غير منكرة.
لسنا ندري حجم ونوع الضغوط التي تعرضتم وما زلتم تتعرضون لها لتتخذوا قرار التطبيع، لكن ما نخشاه بحق أن تفتقدوا بالمستقبل القريب إرادتكم الكاملة أمام هذا الرضوخ، فالثقافة الاستعمارية ليس لها أخلاق، بل أخلاقها تتدني بأكثر كثيرا مما نتصور لدرجة الوقاحة المتناهية.. فأي مستقبل هذا الذي نتصور صورته بكاميرا الخيال والأوهام.
لكن يا أيها السادة المطبعين.. إكفونا شر ذبابكم وصراصيركم وكل قوارضكم، ولا داعي لكل هذا الدخان الذي يخنق الأنفاس ويعزز أثار الفيروس الجديد.
المخزي والمؤسف له، أن يستشعر المطبعين الخزي بأعماقهم إلى أدناه، وتقبلهم الذلة الذاتية إلى ما دون عقباه، فيحاولوا محاولات الجاهل الفقير في طمس الحقيقة من خلال ترقيع اهتراءات القرار من خيش حقير لا يليق بغناهم النفسي والإنساني.
من منهم لم يعايش نكبات الفلسطينيين والسوريين والعراقيين والليبيين والسودانيين واليمنيين، وجميعهم تلقوا أفظع الضربات القاتلة، وأخبث التلاعبات الدنيئة، وأدهى النكثات الجبارة في جسم وحدتهم وأمنهم واستقرارهم..جميعهم تلقوا ضرباتهم في الأماكن الحساسة القاتلة والمدمرة جاءتهم من عمق العقل الأعظم خبثا ومضرة تلك المعروف عنهم تاريخيا، جاءتهم جميعها من هذا العدو اللئيم المستتر بثوب القيادة الأمريكية بكل عجرفتها وغباء مواقفها وعنصريتها وتحيزها، بقدر عدم توازن دفتي ميزان مصالحها،
هذا العدو الذي كرهت وجوده على أراضيها كافة دول أوروبا ذات زمن مضى، بسبب نظام الربا الذي يمارسونه مما دمر اقتصاد أوطانهم وكادوا يشرفون على السقوط الذريع، فاتخدت قياداتهم قرار طردهم من بلادها شر طردة في تلك المرحلة من تاريخها، كبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وروسيا .. هلم جرا، ودفع الملك إدوارد الثامن الثمن غاليا لطرده اياهم فكان مصيره قريبا من مصير صدام حسين ومعمر القذافي الشريفين، فهذا العدو لا يتوانى عن ارتكاب كافة أصناف الجرائم التي تتعدى على حق الإنسان وإنسانيته، من مثل المذابح البشعة، والتصفيات الفردية، والقتل الجماعي بأدوات ومواد محرم استخدامها دوليا، قتل الأطفال دون أن يطرف لها جفن، والنساء والشباب والشياب، صادرت أراضي المواطنين التي هي لهم حق ملكية شخصية، وأتلفت مزارع الفلسطينيين، واقتلعت شجر الزيتون الروماني الذي يفوق عمره مئات السنين، هدموا منازل الأهالي فوق ممتلكاتهم الشخصية واقتلعوهم من بيوتهم، وارتكبوا من المجازر الوحشية ما يوقف له شعر الراس.
كل هذا التاريخ ليس بخاف عنهم ولا على ابن الخامسة منهم، فهو اجرام مستمر ما توقف ولن يتوقف للحظة، وهم قوم تورطوا بالاحتلال وبناء الأماني الواعدات، وسيرتكبون أضعاف ما ارتكبوا في سبيل أن ينغرسوا بالمنطقة قسرا وعدوانا، ويتفرع لهم في باطنها جذور، وهذا أبدا لن يكون..
لكنها الأوطان يا سادة لا تباع ولا تشترى ولا يمكن الاستغناء عنها، واهِمٌ لأقصى درجة من يعتقد ذلك، والمحتل دوماً مصيره إلى زوال وإن فعل ما فعل، وان أجهد نفسه بالخبائث من الخطط الشيطانية والتخريبات العدوانية، فاستقراره ضرب من خيال، وليس من حق يضيع ووراءه صاحب حق مطالب، ومطالبته لا ترضخ لتخويف ولا لترويع ولا لأي جبروت أو استبداد، فالأرواح فداء للأوطان والجهاد لأجله مفتاح الجنان.
فظنون الأعداء سرعان ما ستذوب وتتبدد على المدى القصير الذي أبدا لا يطول.. أبدا لن يطول مهما صاحبت خطواته الدراسات، وتعمقت طرقه باحتلاب العقول الشيطانية، فإن الله حين يريد سيقول كن فيكون بتيسير وتدبير منه سيبتعث من يزلزل الأرض تحت أقدامهم ويحقق بهم الوعد المكتوب..
الشعب الفلسطين هو شعب الجبارين، عمالقة هذا الزمان فلا تستهينوا بهم، ولا تغمضوا أعينكم فأحلامكم قد تلاوعكم وتغشكم، قد تربوا على العزة والكرامة والبطولة والقلب القوي في الجسد المغوار، رغم كل ما أصابهم من نكبات فقاماتهم تطاول السماء وعزتهم بحجم الوجود، رغم الحصار والتضييق والتجويع والاختناق، فإن أنفاسهم هي الأقوى والأحمل والأبقى.
سيرضخ الكثيرون تلبية لمصالح ذاتية لكن عروبتهم الأصيلة ستصحوا بهم عند اللحظة الحاسمة، حينها سيحدث الزلزال العظيم ويتحقق الوعد الإلهي العظيم.
فلا حق لفئة دينية مشردة منذ آلاف السنين، تشكلت من لمام جنسيات مختلفة، ودخل عليهم من ليس بأصله يهودي ولا يمت لقصة يعقوب وبنيه الاثنا عشر ونسلهم ولا لبني ابراهيم بأي صلة، دخلت فلسطين غازية لا إرث لها بها، ولا حقا تدعيه لها، فالأجنبي الغازي مصيره معروف عبر الأزمان، إنها قاعدة الحق الإلهي التي تغلب كل القوى الطامعة وتجعلهم يرحلون وهم يجرون أرجل خيباتهم إلى أبد الآبدين.
فهاك الصليبيون قبلهم جاءوا غازيين وبيدهم صولجان العنف والهمجية وبنيتهم الإبادة لجنس العرب ونفوسهم مغلفة بالعنصرية والكراهية، فأعملوا سيوفهم بالعباد حتى أبادوا سكان مدن وقرى بحالها، قد طال بقاءهم حقاً لكنهم لم يبقوا ولم يستمروا، عاد إليهم أصحاب الحق مدججين بالعزم والايمان وبالقوة والاتحاد ما بين الشرق والغرب العربي، فنكسوا أعلام عدوهم وهزموهم شر هزيمة، ومحوا كل أثر لهم وأجبروا بقيتهم على الرحيل هاربين بأرواحهم وأموالهم وكل ملامح الهزيمة تتبدى عليهم.. فاليوم لن يختلف عن الأمس، فالتاريخ عودنا التكرار
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
التعليقات
فلن استغرب لو خرج علينا من يقول هم ادواتهم التي اعدوها
لمحاربتنا وغزونا من غير حرب لانهم حتما سيخسرونها ويستعدون
الاكثر من مليار ونصف المسلم ومثلهم متعاطفون يحبون الادمية والانسانية
غير انهم وجدوا انفسهم جعبة فارغة امام المقاومة الفلسطينية وجربوا ما كان من اهل القنال من صمود اذا لايوجد غير استجداء العقول الفارغة والايدي الفقيرة والثقافة الدينية الهشة لتعاونهم على ذلك " التطبيع خيانة الدين لا الوطن "