* صفحة قاتمة من ماضينا الأسود تعود هذه الأيام من جديد* - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

* صفحة قاتمة من ماضينا الأسود تعود هذه الأيام من جديد*

*حالنا اليوم صفحة قاتمة من تاريخنا الأسود تتكرر*

  نشر في 20 شتنبر 2015 .


إنّه درس مستقى من تاريخ سقوطنا في مزبلة التاريخ بعد أن ضاع ملكنا الذي ملأ الأرض طوال ثمان قرون...و صار اليوم في طي النسيان نقرأه و لا نتألم بل لا نحرك ساكنا على مجد ضاع منا يا للحسرة و يا للندم على أمّة لا تقرأ و لا تفهم و لا تعمل بل هي في سبات عميق و بحر من التلاشي، و إن كان عند البعض ذرة من حياة و قبس من نور فاعتبروا بآخر ملك من ملوك بلاد المجد الضائعة و الفردوس المفقود و هو يسلم مفاتيح مملكته إلى الافرنج ...

إنّه: أبو عبد الله محمد الثاني عشر (1460؟ - 1527) هو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب بالغالب بالله. وكان ملكاً على غرناطة (من بني نصر من ملوك الطوائف) واستسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico (أي الصغير) وBoabdil (أبو عبديل)، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي (أي المشؤم أو التعيس). وهو ابن أبي الحسن علي بن سعد، الذي خلعه من الحكم وطرده من البلاد عام 1482، وذلك لرفض الوالد دفع الجزية لفرناندو الثاني ملك أراغون كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين.

حاول غزو قشتالة عاصمة فرناندو فهُزم وأسر في لوسينا عام 1483، ولم يفك أسره حتى وافق على أن تصبح مملكة غرناطة تابعة لفرناندو وإيزابيلا ملوك قشتالة وأراجون. الأعوام التالية قضاها في الاقتتال مع أبيه أبي الحسن علي بن سعد وعمه أبي عبد الله محمد الزغل.

حصار غرناطة

استسلام غرناطة: لوحة زيتية لپاديا توضح استسلام أبي عبد الله لفرديناند وإيزابيلا.

في عام 1489 استدعاه فرناندو وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة، وأخيراً في 2 يناير 1492 استسلمت المدينة.

و حسب الأسطورة والرواية الشعبية فالمكان الذي ألقى منه نظرته الأخيرة على غرناطة ما زال معروفاً باسم زفرة العربي الأخيرة (el último suspiro del Moro) وبكى فقالت له أمه عائشة الحرة

وقفَ أبو عبد الله الصغير آخر ملوك المسلمين في الأندلس و الدموع تجري من عينيه يبكي ملكه الذي أضاعه بيديه… بعد أن أبرم مع النصارى المعاهدة تلو المعاهدة ليحافظ على كرسيه، حتى اضطرته معاهداته إلى تسليم مفاتيح غرناطة إلى حلفائه الإسبان و على رأسهم الملك فرديناند و زوجته إيزابيلا و هو صاغر سنة 1492 ميلادي .

                      ابكِ مثلَ النساءِ ملكاَ مضاعاً ***لم تحافظ عليهِ مثلَ الرجالِ.

كان هذا ما قالته له أمه عائشة الحرة، كما تقول الاسطورة، حين وقف ليلقي نظرة على غرناطة، و لا يزال المكان معروفاً بإسم زفرة العربي الأخيرة (el último suspiro del Moro).

في المنفى:

       انتقل لفترة وجيزة إلى قصر له في البشرات بالأندلس ثم رحل إلى المغرب الأقصى عند محمد الشيخ المهدي، فقد نزل في مدينة غساسة الأثرية المتواجدة في إقليم الناظور ونهايته أتت حين تقاتل مع قريب له يحكم فاس، وقُتل في تلك المعركة عام 1527.

التاريخ يروي لنا القصص،

و يحاول عبثاً أن نعتبر مما مضى،

لكن نفس الحكاية دائما تتكرر

و الناس لا زالوا غافلين…

      يذكر التاريخ أن أبا عبدالله الصغير آخر ملوك الطوائف في اسبانيا دخل على أمه بعد أن سلم مفاتيح غرناطة إلى الاسبان وكانت آخر مدينةإسلامية في الأندلس سقطت في أيدي الصليبيين، فأخذ يبكي بين يديها على ملكه الذي ضاع، فما كان منها إلا أن قالت له كلمتها المشهورة التي ظل الناس يتناقلونها عبر التاريخ «ابك مثل النساء... ملكاً مضاعاً ***لم تحافظ عليه مثل الرجال»، بعدها خرج ذليلاً إلى بلاد المغرب التي عاش فيها إلى أن مات و هو في الخامسة و السبعين ..

     لقد وصل المسلمون في فتوحاتهم إلى بلاد الأندلس وشيدوا فيها حضارة ما زالت بعض آثارها شاهدة لهم إلى يومنا هذا، إلا أنّ هذا الملك لم يدم، وتلك الفتوحات لم تستمر، وكان السبب الرئيس كما تحكي كتب التاريخ هو تكالب الناس على الدنيا ومتاعها، والصراع المستمر على تولي زمام الحكم، والتقاتل من أجل تحقيق المكاسب والتطلعات الشخصية.

    لقد حملت تلك التطلعات بعض ملوك الطوائف إلى أن يضع يده بيد النصارى الاسبان ليطعن بها ظهر أخيه المسلم من أجل أن يستمر في حكمه ويحافظ على مملكته.

     وكان مما ذكرته كتب المؤرخين أنّ ابن الأحمر وهو أحد ملوك الطوائف استعان بالاسبان لقتال خصمه ابن هود والذي لم يتوان بدوره عن أن يتنازل عن ثلاثين من قلاع المسلمين ليقف الاسبان في صفه.

        وهذا أبو عبدالله الصغير يعترض قوة من جيش المسلمين كانت قادمة لنصرة مالقا والتي كانت محاصرة من قبل الاسبان، فيمنعهم من نصرتها حتي سقطت بأيدي الصليبين، ثم هو بعد سقوطها وتحويل مسجدها إلى كنيسة، يرسل إلى ملك النصارى برسالة يهنئه بها على انتصاره.

       وما لبثت الأيام تدور حتى تساقطت ممالك المسلمين في الأندلس واحدة تلوى الأخرى حتى وصل الأمر إلى غرناطة ليشرب أبو عبدالله الصغير من الكأس نفسها التي سقى بها إخوانه، ولتسقط مملكته بعد أن غدر به النصارى، وليسدل الستار حينها على نهاية حكم المسلمين على بلاد الأندلس، و التاريخ ليس نسخة واحدة و لكن يعود مرّة أخرى بنسخ من العهد القديم ربما تكون أكثر قتامة فنضيع و يضيع ملكنا و تضيع معالمنا الحضارية إن لم نحافظ عليها مثل الرجال كما هو حالنا في هذه الأيام و حينها لا ينفع البكاء و لا الندم و إنما يكتب علينا لا لنا صفحة سوداء قاتمة تضاف إلى سوادنا الذي نقرأه من ماضينا فكما نقرأ السواد عن أيام مضت يقرأ غيرنا سواد أيام و خزي أعمالنا و عارا شدناه من ذلنا و رضانا بالدون، و تصفيقنا على من يضحك علينا ليلقي بنا في مزبلة التاريخ بعد أن نوقع له صكا على بياض ليشري به لنا الخيبة و العار و الذل و الهوان و يلقي بنا فريسة إلى أعدائنا المتآمرين المتربصين و حينها.....؟

*فاعتبروا يا أولي الأبصار......*.



  • محمد لعروسي حامدي
    بعد أن قضيت فترة زمنية في التعليم الثانوي انتسبت في سنة2000م إلى وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف فاشتغلت فيها: مفتشا للتوجيه الديني و التعليم القرآني....
   نشر في 20 شتنبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا