القانون الأول للنجاح - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

القانون الأول للنجاح

  نشر في 26 شتنبر 2023 .

إن حقيقة أن الكثير منا – مع الأسف - يعتمد بنسبة أو بأخرى على آراء الناس في بناء حكمه على نفسه، لهو أمر مزعج حقا، إذ أن هذه الآراء تساهم في بناء شخصية مشوشة وسلوك مضطرب، بحيث تتحكم فينا تلك الرغبة في إرضاء الآراء المتضاربة والمتناقضة للمجتمع، رغبتنا في أن نكون ما يحبه ويقدره الآخرون، وهو الأمر الذي لا شك أنه يؤثر في تقديرنا لذواتنا.

تقديرنا لذواتنا، بما فيه أشكالنا الخارجية وتفضيلاتنا وطرقنا في عيش الحياة التي نحب، هي أمور تخصنا وحدنا. طبعا، تعد أراء الناس أمرا مهما، بحيث أنهم يرون فينا، في بعض الأحيان، ما لا نستطيع رؤيته في أنفسا. لكن الناس، مهما بلغت درجات حكمتهم واطلاعهم، تتحكم في آرائهم في أحيان كثيرة خلفيات متنوعة، مبنية على أمور كثيرة، مع ما يعنيه ذلك غالبا من ابتعاد هذه الآراء عن الموضوعية والحيادية.

فلماذا إذن نحتاج لآراء الآخرين بهذا القدر الكبير في طريقنا لبناء تقديرنا لذواتنا؟

في الواقع، وضع المجتمع قوالبا خاصة للناس، وعلى أساس هذه القوالب يتم تصنيفهم، لكننا نميل إلى تجاهل ما إن كانت هذه القوالب تناسبنا أم لا، وينتهي الأمر بنا إلى التسليم بها وقبولها على أنها المعيار الحقيقي للحكم على أنفسنا، لكن قبولنا بها يلغي ذواتنا تلقائيا، لأن ذلك يعني أننا لن نرضى عن أنفسنا إلا حينما يرضى عنا الآخرون، وهو ما يعني بالتالي أننا لن نصل إلى مرحلة تقدير الذات كما نحن أبدا، ولكن فقط حينما نصير كما يراد لنا أن نكون.

وليس سرا بطبيعة الحال أن تقدير الذات ينبع اساسا من داخل الإنسان، ومن اقتناعه العميق بأنه لا يوجد نموذج واحد لما يجب أن يكون عليه هذا الإنسان، سواء كان ذلك على مستوى الشخصية أو على مستوى المظهر الخارجي، وأن الاختلاف في كل شيء هو أساس تنوع البشر وتميزهم، فلماذا إذن علينا أن نلغي هذا التنوع الذي هو أساس كل شيء، كما ذكرنا، ونميل لتبني نموذج "الإنسان المثالي"؟ ذلك "الوهم" المليء بالمتناقضات وغير الواقعي و الذي بناه المجتمع لأجيال !.

ومع ذلك، فإن تقدير الذات كما هي لا يعني عدم تقييمها وتقويمها، أو انتقادها، أو عدم الاهتمام بتحديد مكامن الضعف فيها والإقرار بها ومحاولة إصلاحها، لأن ذلك سيتحول مع الوقت إلى غرور ونرجسية، وليس هنالك أسوء من ضعف تقدير الذات واحتقارها سوى الغرور والمبالغة في الاعتداد بالنفس !

إلا أن على الإنسان أن يدرك أن الاعتراف بالنواقص والأخطاء لا يجب أن يضعف من تقديرنا لذاتنا، وأن جلد ذاتنا ليس بالخيار الصحيح، لأن اعتقادنا يجب أن يكون راسخا بأنه لا يوجد هناك إنسان، في تاريخ البشرية قد أدرك الكمال، وأن الاستفادة من الأخطاء والإقرار بها هو ما يجعلنا أقوى وأكثر خبرة وحكمة.

و سأضيف في هذا الجانب، أن ظروف كل شخص منا تظل مختلفة عن الباقين، وهذا أمر يجب أن يأخذه الإنسان في اعتباره حين إجراءه تقييما شاملا للذات، كما أن المقارنات تكون في الغالب هي سبب تعاستنا، إذ أنها لا تنبني على أي أساس واقعي، وتغفل ظروف كل منا وكل ما يميزه عن الآخرين.

إن تركيزنا على نقاط قوتنا وسعينا الدائم من أجل تنميتها وتطويرها هي كذلك من الأمور المهمة على الطريق الصحيح لبناء تقدير الذات، ولا ضير في التذكير بأن هذه العملية هي مسار طويل ومستمر، إذ أن الإنسان، مع كل ما يعترض سبيله في حياته اليومية من المعيقات والتحديات والأمور المحبطة، بحاجة دائما لتذكير نفسه بأنه ليس بالسوء الذي يعتقد، بمجرد وقوعه في مطبات الفشل، أو تعرضه لآراء الناس السلبية أو المحبطة، لأن كل ذلك ليس سوى جزءا من رحلة الحياة، كما يجب عليه الابتعاد عن عادة جلد الذات السيئة.

كما أنه على الإنسان أن يقتحم معاقل الخوف والعجز في حياته، فغالبا ما نضع لأنفسنا حدودا، وهذه الحدود لا توجد في الحقيقة سوى في عقولنا، تلك الحدود التي تمنعنا من تعلم ما نريد أو القيام بما نحب، لذلك، فإن التغلب عليها وكسرها هو أكثر ما يبني ثقتنا في أنفسنا، فنحن لا ندرك بأننا أقوى مما نتصور وأقدر على الكثير من التحديات والصعاب إلا حينما نقرر مواجهتها، متجردين من أي أفكار مسبقة ومتسلحين بطموحنا ورغبتنا الجامحة في التحدي.

وختاما، فإن تقدير الذات، إلى جانب أمور أخرى، هي سبيلنا للنجاح في هذه الحياة، بل لعل تقدير الذات هو "القانون الأول للنجاح" في الحياة، فلتبدأ يا صديقي، الآن.




   نشر في 26 شتنبر 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا