كن مُحبا تغدو مُشعا - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كن مُحبا تغدو مُشعا

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 20 ديسمبر 2021 .

كن مُحبا تغدو مُشعا

..هيام فؤاد ضمرة..

منح الله الإنسان طاقة هائلة وجعلها غير مرئية مخبوءة داخله، تتصدر مخزونه النفسي العفي، إن أدركها بذكائه ونباهته، وكشف الغطاء عنها بوعي، وامتلكها بيقين وايمان وقناعة، تلبسته بايجابيتها وجعلت الحياة تبدو له في يقينه مشعة بضياء مريح، وآمنة بعيداً عن الاختلالات الصحية والاضطرابات النفسية، وهي كيفية تدعيم العقل بالتفكير الايجابي، وامتلاك التوازن النفسي وفق معادلة عادلة سليمة، لا تنتقص من الذات، ولا تتطاول بها بالتعظيم الموهوم.

ويمكن فهم المقصود من خلال إدراك فلسفة الحالة النفسية، وتأصيلها بالنفس فهمًا وإدراكًا عمليًا، فتنظر إلى الحياة بتفاؤل ورضى وحب، وتواجه المشاكل التي تعترض طريقك بشجاعة وتحاول حلها بكل ثبات ووعي وذكاء وهدوء، دون تخبط وغوغائية.

فاملأ كل فراغات داخلك بالحب، حب الأشياء والأشخاص والأحداث الايجابية، لا تترك في داخلك أي حيز مهما ضؤل للفراغ، فقانون الفراغ يقول أن الفراغ معرض تحت أي ظرف للامتلاء بالسلب من الأفكار، فالطبيعة تكره الفراغ، والحياة كذلك لا تحتمل الفراغ، لأن الإنسان يحيا فيها بسباق أزلي من أجل امتلاك السعادة حتى لحظة الفناء، فالسنابل الفارغة مصيرها أن تلقى بعيدا والممتلئة تذهب للحصاد الثمين من أجل استمرارية الحياة.

الحب حاجة إنسانية ملحة تعادل في مفهومها معنى سلامة الحياة، وتنبثق من عقل راسخ وقلب شامخ، بشعور مدرك غير مرئي، وإحساس مشبع بالشفافية غير متنحي، استدركه الفلاسفة بالرؤية العميقة والدراسة من جوانبه الدقيقة، ليروا فيه نظرياتهم التي طورته من مفهومه المادي إلى مفهومه الروحي في أعلى سماته المعنوية، مرورا بمراحل حياته الكونية سلوكا وممارسة داعماً قويا لعمل الجينات.

الحب شعور عظيم يصنع منك شخصا تتوهج ايجابيةـ وتجعل طبيعتك فياضة ترسل رسائل مريحة ومتقبلة يتلقاها جميع مخالطيك بأريحية منطقية، فيسكن النور وجهك، وتتناثر منك طاقة ايجابية مشعة تتلمسها أرواح من حولك بحواس سحرية غير مرئية.. لهذا يترتب على الإنسان أن يحب كل شيء بالدنيا، ويأخذ كل شيء فيها على محمل التحمل بكل بساطة، فيشعر بغيره بقدر ما يشعر بنفسه، ويحب لغيره بما يحب لنفسه، فتتحول نظرته للأشياء بحب ورضى، ويتقبل المواقف بروح عالية متفهمة، ويواجه الصعوبات بهدوء وتفكير عميق، ليجد نفسه وبيده كل مفاتيح حلها، فالعقل المتزن أعمق تفكيرًا، وأعلى قدرات للوصول للحلول الجيدة وتجاوز الأزمات.

الروح والعقل كيانان مرتبطان بالكيان الإنساني، لا يحتملان التشظي والعشوائية التي تحدث الخلل بجوهر النفس، فيُفقد هذا صاحبه معنى التمتع بالحياة، ويغلب عليه شعور الشقاء، وفقدان السلام الداخلي، فالحب يمنح صاحبه فرصة العيش ضمن حدود الأمن الداخلي، الذي يجعله شخصا مرموقا محترما يتعامل مع الآخرين وفق معايير إنسانية وخلقية عالية، قائمة على الجودة العالية بالتواصل البشري.

الفراغ الروحي والفراغ العاطفي كارثة عظمى في التكوين النفسي للإنسان، تحرم صاحبها معنى التمتّع بالتكيّف الاجتماعي المبني على القيم العظمى، ففراغ الروح معناه أن تكون جسدا بلا روح وروحا بلا حياة، أن تكون بارد الملامح، متجرد من العاطفة، متصلّب كجلمود صخر، متغيِّب الضمير، وكأنك جسداً مفرغا من الحياة الفاعلة.. فأن تتعبأ بالايمان الصادق وبالحبّ معناه أن تحرر جوهرك من عبودية الحالة السلبية، فجوهر النفس هي حقيقتها النفيسة ومقياسها العالي في الشعور الداخلي.

فأرسطو فسَّر الحب على أنه شعور أسطوري تعجز البشرية عن إدراك ماهيته، ولا يعبر عنه إلا من أصدقه في معناه ومن أدركه مغزاه، فهو القوة التي لا يمكن إدراكها أو شرحها، لأنها شعور غامر لذيذ يمتلك عليه كيانه، ويتلبس الجانب الشعوري من جيناته فتظهر حقيقة أعماقه، وتتكشف أناه المختفية بأعماقه متجردة من مشاعر الأنانية وحبّ التملك والسيطرة، حبّ يرفعه عن الأرض فيحلّق بصفات من يحب للأعلى ويُلبس مشاعره ثوب القداسة.

فيما سقراط يرى أن الحب المشتمل على الطاقة الهائلة هو حب لا ينضب ولا ينتهي، ولا تنطفئ شعلته أبداً، يظل متوهجاً ساطع الضياء، ولهذا يرى بالحب طاقة هائلة تجمِّل وجه الحياة وتجعل العيش فيها محتملا وجميلا

الطاقة الايجابية الداخلية هي نوع من أنواع القوى الداخلية التي تمنح صاحبها روح التفاؤل، وحبّ الحياة، ومغناطيسية الجذب، والرغبة الصادقة بانتفاع الإنسانية وإعمار الكون المطلوب واجبًا مأمورًا من الله خالق الكون، هي طاقة هائلة تصنع الشخصية المحبوبة السعيدة المقبولة دوماً وأبداً..

فكيف يولد شعور الحبّ وتتلقاه النفس كهدية ربانية تتنزّل على صاحبها بهيئة شعور غامر، وامتلاك شعوري كامل؟..

العقل البشري بطبيعته التخليقية الفطرية يميل إلى الوصول بصاحبه نحو السعادة الممتعة، ويمتلك لذلك غدة تفرز هرمون المشاعر المسمى الدوبامين نتيجة التأثر بعوامل الميل العاطفي المعروف بميل الأرواح، والتي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام بحديثه النبوي القائل "الأرواح جنود مجندة ما تقارب أو ما تعارف منها ائتلف وما تناكر أو ما تباعد منها اختلف"

وقيل أنها جمع من العواطف تتوافق صفاتها وشيمها من السعادة أو الشقاء، لكن العقل في ذاته يمتلك آلة التخزين والبرمجة، وعقلا باطنا يرص معلوماته المبرمجة على أرفف التخزين، ليسربها ضمن طبيعة ذلك الإنسان، فإن بُرمِج بالحبّ رأى الدنيا بجمال نقي دون شوائب ولا تشوهات، وانخرط مع جميل الإحساس تجاه الكون وموجوداته، فلأنه تعبأ بالحبّ ولم يترك بنفسه شيءً إلا وأفاض عليه الشعور الايجابي بالحبّ حتى غمره تماما.

فسيكولوجية الشعور بالحبّ تهيء شعوراً لذيذاً لدى مالكه، لتضافر افرازات هرمونية تعزز روح المودة والتقرب والائتلاف، وتشجع على التعامل الإنساني المدعوم بالحبّ والتقبّل والتفهّم والرضى، وتحثّ دماغ الإنسان على العمل وفق شعور التفاؤل وحسن التوقّع والحبور، فينظر إلى الدنيا وإنسانها بصورة ايجابية معطاءة، وبإدراك جيد لقيمة النفس التي هي التكوين العاطفي والإدراكي للداخل الإنساني.

حب النفس ليس بالأمر المكروه إلا إذا تجاوز حدود التوازن العقلي والعاطفي، وتضخم شعور هذا الشخص بالذاتية إلى القدر المرضي، هنا فالأمر يصبح غير عادي، ويدخل مداخل العلة والمرض النفسي، وفي غالب الأمر تنتهي حياة هؤلاء نهاية غير سوية.. فيما الايجابية بأن تتوازن المشاعر بالنفس الإنسانية بين الذات والآخر، وعلى مستوى معقول من استغراقها بالعمق من موقع مخزونها البرمجي، فالانفتاح على الدنيا بشغف المحبة يميز صاحبها بالايجابية من مشاعر الحب وتفاعلاته المتوازنة، فيحب للآخر ما يحب لنفسه، ويتقاسم المنجزات العامة، فيما يمارس العدالة مع نفسه قبل غيره.

ولكي يصل الانسان لحالة الحب عليه أن يكون رحيماً حليماً متسامحاً معطاءاً واسع الصدر، متواضعا ومتزنا داخليا، ومتزنا عاطفيا، صحيح البنية متعافي من كل سوء، فمثل هذا الانسان فإنه شخص مهيأ لأن يمتلك طاقة الحب الكاملة، تلك الطاقة التي تمنح السعادة والسلام الحقة.

فالجسم البشري الحي يمتلك ذبذبات من الطاقة تترابط بعضها ببعض مشكلة والله أعلم طاقة الروح، لأن هذه الطاقة يختفي أثرها تماما بمجرد مغادرة الروح للجسد، وهي طاقة تتكاثف مع طاقة العقل وما يحمل من أفكار ومشاعر وأحاسيس وما يترجمه العقل بشكل كلام وأفعال، والتي تحدث الأثر العظيم داخل النفس فترسل عنها ذبذبات إلى الكون المحيط انسانا أو بيئة أو جماد، لهذا فلكل طاقة تردد خاص، فطاقة الحب لها مقياس تردد هو الأعلى على الاطلاق داخل هذا الكون، يصل إلى 528 ميغا هيرتز، فإذا أردت أن تغير حياتك فاستخدم طاقة الحب، فتتشافى جسديا وروحيا ونفسيا، ويمكنك حينها تسوية كل مشاكل علاقاتك بالآخرين وفق رؤية معتدلة وتخاطر ذهني حقيقي.

ليس بالأمر سحر ولا تجاوز لقوانين الطبيعة من قوى خارقة، بل إن هذه الطاقة تتجاوب بشكل أثيري مع طاقة الطبيعة والكون بأبعاد منتظمة على تواز جوهري،

فالجسم يحتوي على سبع شاكرات التي تعد مركز الطاقة بالجسم، وهي المسؤولة عن تغير ذبذباته كلما تغيرت الشاكرا بفعل المتغيرات الخارجية من أي مصدر كان.. مرض، حزن، سعادة، حب، عطف، حنان، غضب، راحة.

فليس بمستغرب أن يترك عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين رسالة لإبنته ليرسيل يخبرها بها ما اكتشفه من طاقة عظيمة غير مرئية تفوق كل طاقات الدنيا، ألا وهي طاقة الحب، وينصحها أن تملأ حياتها بالحب من كل حالاته الايجابية، حب الخير، حب الحياة، حب الأشخاص، حب السرور، حب السلام، والعطاء، والنجاح.. ألخ..

قامت إبنة أينشتاين مؤخراً بتسليم 1400 رسالة لوالدها الى الجامعة العبرية بالقدس، ويبدو هذا الرقم مهول بالنسبة لرجل قضى عمره مستغرقا بالكتب والتجارب والعمليات المخبرية الفيزيائية ومعادلات براهينها، فكيف لمكتشف النظرية النسبية بالعلاقة التبادلية بين الطاقة والكتلة، التي أحدثت زلزالا علميا بين مستلم متردد وبين مخالف متشكك، أن يهتم لمخالفيه في قضية طاقة الحب؟،، فيطلب من إبنته أن تخفي النبأ لأطول مدة ممكنة، حتى يصبح المجتمع جاهزاً ليتقبلها، فرغم قناعتي الشخصية بطاقة الحب القوية وأثرها العظيم على النفس وعلى البشر والبشرية بصناعة السلام والوئام وخلق أمم الكرام، إلا إني أشكك بالذي يفتعله اليهود بعمومهم في أمور التزييف والتكذيب واصطناع العبقرية، ليخلقوا واقعا متجملا يغير من صورتهم الحقيقية من خلاله الفكرة القائمة عنهم من كونهم كيان غارق بالعنصرية والذاتية النظرة الفوقية تجاه كل شعوب الأرض، إلى كيان يؤمن بما أرسله أينشتاين برسالته مع ابنته بتبني طاقة الحب التي ستغير العالم لو اتخذت شعارا عاما.

فإذا ما كانت نظرية أينشتاين اكتسحت عقول الناس من خلال استخدامها كتوقيع معادلته E=mc2 على كل شيء مصنع يستخدمه الإنسان، من قبعات وكرات البايسبول وملصقات السيارات وحقائب النساء وحقائب السفر، من قبيل نشرها كالهشيم لاكتساب الشهرة، حتى أن المغنية ماريا كاري عام 2008م وضعتها عنوانا لألبومها، علما أن أينشتاين لم يكن أول عالم يصل لهذه النتيجة ويفسرها، فقد سبقه جي جي تومسون عام 1881م من خلال حسابه المجال الكهرومغناطيسي المرتبط بأصل الكتلة، ومثله فعل الفيزيائي الألماني ويلهيلم وين، وماكس ابراهام، والانجليزي جون هنري بوينتنغ عام 1884م، وفريتز هاسنورل عام 1904 وغيرهم.

والمعادلة تستخدم الحروف الأولى من الكلمات الإنجليزية، فحرف E تعني الطاقة وحرف m دلالة على الكتلة و 2c تعني مربع سرعة الضوء في الفراغ، والمعروف أن الطاقة والمادة ثابتتان في الكون وقابلتان للتبادل

ولأن الله خلق بالانسان المتناقضات والمستويات على حد سواء، فذلك ليخلق بالكون توازنا واختلافا بكل شيء، فاليوم فيه الليل والنهار، والنفس فيها الحب والكراهية، وفيها السلام والثورة، ومنها الفرح والترح، والفصول تختلف بحالاتها وأجواءها وصفاتها، والأرض الجامدة الباردة تنفجر بالبراكين، والبحر يهدأ ويثور والسماء تصفو وتتعكر وترعد وتبرق وتسكن، فكذلك لا شك أن حياة الإنسان ذات نفسه لا تستقيم ولا يكون لها معنى بدون عاطفة صادقة تسورها بالسلام وتكافئها بالحب الكامل لتستوي الحياة وفق التفاهم والتناغم بصفو العلاقات وتسامح القلوب.

وليس كالكاتب والخبير بالتنمية البشرية ابراهيم الفقي؛ من فسر طاقة الحب وأثرها العظيم على الخلق من البشر، حين قدرته تصل به مع ذاته إلى الحب الكامل المتكامل، مرورا بالتسامح المتكامل، ومن ثم العطاء المتكامل.. فكيف يستطيع الانسان أن يكون متكاملا تماما، ومتزناً داخليا روحيا وعاطفيا وذهنيا وجسمانيا؟.. فيكون منطقيا بتوازن، حكيما بثبات واستقرار.

يقول الفقي في معرض نتائج دراسته: تعلم من خبراتك وتجاربك لكن لا تصحبها معك للمستقبل، اترك المستقبل يصنع ذاته بخبرات الماضي دون عواطف الماضي ومشاعرها السلبية، قم بتنظيف العقل الباطن من المشاعر السلبية ولا تتركها تتراكم في مخزون برمجتك العصبية والذهنية.

امتلك في ذاتك العناصر الثلاثة التسامح الحب العطاء، فلن يستطيع الإنسان أن يعطي دون الحب، ولن يستطيع أن يحب دون التسامح المنطقي والعاطفي، ولن يستطيع أن يسامح دون العطاء المثاب من الله سبحانه وتعالى.. هي ثلاثية الارتباط لا ينفك عراها، ولا يفرط اتصالها.


  • 3

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 20 ديسمبر 2021 .

التعليقات

Dallash منذ 2 سنة
اعظم ما غرس الله في قلوب البشر هو *الحب*جعله الله اي الحب في تكوين الإنسان الروحي والفطري، ولكن تلوث هذا التكوين في زماننا، فظهر النفاق وموت الضمير،وطفت الخيانة على السطح.
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا