منذ فترة قصيرة ، لم اكن نفس الشخص ، لقد كنت انسان اخر ، اخر يكره الجميع ، لا يستطيع التواصل مع الاخرين ، حياته مليئة بالعزلة والانطواء ، لم اكن استطيع مجاراة احد فى الحديث ، كنت شخصاً ذا وجه مليئاً بالحزن وقلب مليء بالبغضاء والكراهية ، كنت دائما ذا تفكير مشتت ، ومنطق غريب ،
كانت حالتى تزداد سوءا يوما بعد يوم ، وعزلتى تشتد ، الى ان وصل الامر الى ذروته ، وعندها بزغ الفجر وظهر النور ، النور الذى انار داخلى وغير حياتى الى الابد ،
يرجع ذلك الى صيف عام 2017م عندما انتهى عامى الجامعى الثانى ، وبدأت الاجازة الصيفية ، وفى الاجازة اذهب الى العمل لمساعدة العائله ، كما العادة مع عمال البناء ، كنت أكره هذا العمل كثيراً ، فلقد كنا نذهب من السادسة صباحا ونعود فى السادسة مسائا ، وطوال النهار تحمل الاسمنت والطوب على كتفك الى البناءين ، وعندما ينتهى العمل تكون قد انتهيت وانهارت قواك ، لتزحف الى البيت تنظف نفسك وتأكل ثم تنام ، لتستيقذ فى الصباح التالى وتكرر نفس الامر ، هذا الى الشكل المهين الذى نكون عليه طول النهار ، ولكن لم يكن امامى الكثير من الخيارات ،
كنت قد عملت قبل ذلك فى هذا العمل ومع هؤلاء الاشخاص ولكن هذه المرة كان الامر مختلف تمام الاختلاف ، حيث فى ذلك الوقت كانت هناك زياده كبيرة فى السلع وكانت هناك معاناة كبيرة من قبل هؤلاء الاشخاص ، كان الوضع فى ذلك الوقت صعبا ،
فى الايام الاول كان الامر عاديا ، ولكن سرعان ما تحول الامر الى كارثه وكان ذلك بسبب كلمة ، كلمة قالها لى احد الاشخاص الذين كانو يعملون معنا ، الا وهى ،" انت بتتعلم ليه ؟! ، مش هتشتغل بشهادتك ، هتخلص تعليم وتيجى تشتغل معانا هنا " ، فى البداية لم اكن مهتم ، ولكن كررها مرارا وتكرارا ، كان يكررها كلما يرانى ، بدا غيره ممن حولى يرددون نفس الكلام ، الى ان صدقته ، اجل صدقته ، واصبحت اعتقد انه بعدما افنيت معظم عمرى فى التعليم سيكون هذا مصيرى ، اظل طوال النهار احمل الاشياء على كتفيى ذليلا ، انطفاء ذلك الامل الذى كان بداخلى ، وبدأت طاقتى فى النفاذ الى ان صرت لا استطيع التحدث مع احد ، وبدأ انظر الى الاشياء بطريقة مشوهة ، الى ان وصل الامر الى انى بعد فتره بدأت اعتقد اننى ذاهب الى الجحيم ، وبدأت اتصرف على هذا النحو ، وبدأت افقد الحياة رويدا رويدا ، حتى صرت جثة هامدة لا تستطيع التحرك ، أستطيع ان اقول انى مت ، كانت هذه أسوء لحظات مرت علي ،
انتهت الاجازة ، ورجعت الى الجامعه ، رجعت اليها شخصاً مليئ بالخوف ، فاقد للامل ، لا يملك اى هدف يدفعه الى البقاء على قيد الحياة ،
هذا الى ان جائت تلك اللحظة ، بينما انظر الى اغراض احد الزملاء ، اذا بكتيب صغير للدكتور ابرهيم الفقى بعنوان " التفكير السلبى والايجابى " ، لا اعلم لما لفت انتباهى ، فانا لم اقراء كتابا فى حياتى ، وهنا التقطه وبدأت اقراء ، وعندما بدأت فى القرائة لم استطع التوقف حتى انتهيت منه ، لم اكن اؤمن بان هذا الكلام قد يكون صحيحاً , او انه سيغير حياتى ، ولكن قلت لنفسى لما لا تجرب ، لما لا تعيش حياة إيجابية ، لما لا تركز على الايجابيات وتترك السلبيات ، وبدأت اعيش تحت ظل هذا المبدأ ، وهنا بدأت حياتى فى التحسن يوما بعد يوم ، وبدأ الامل فى الظهور من جديد ، وبعد فترة قصيرة وجدت نفسى انسانا اخر ، انسان لا يجعل من غضبه عاده ، انسان يحب الجميع ، الان استطيع ان احب ، اسامح ، اتخاطب ، لست بحاجة الى ان اكون وحيدا بعد الان ، صرت اجتماعيا ، اصبح تفكيرى متزن ، كلى مليئ بالامل فى غد افضل ، لدى الكثير من الاهداف اسعى لتحقيقها ، لذا رغم ان تلك اللحظات كانت الاسوء خلال حياتى ، الا انها كانت نقطة التحول التى لطالما حلمت بها وانتظرتها ، انتظرتها وينتظرها الكثير غيرى ، لذا فرسالتى من ذلك الامر هى ان اللحظات الأخيرة قبل ان تتحول الى الافضل ستكون اسوء واحلك وافضل لحظات ستعيشها خلال حياتك .