الشعيرة هي "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بأربع كلمات تضمنت "الأمر - النهي - المعروف - المنكر" وجاء النظام والقانون المؤسسي بخامسة الكلمات "هيئة" ليكتمل النظر الإنساني في ترتيب شئونه وسمى جزءً من خدمات الدولة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في استمداد من الشريعة كأي جهاز خدمي يعتني بحياة الإنسان .

الأمر خطاب طلب الفعل على جهة الاستعلاء فيما تقرر في أصول الفقه ، وليس الآمر بالمستعلي إلا حقيقة أو حكماً ، واستعلاء الآمر الموظف حقيقي بتمكين النظام وسلطة التكليف ، واستعلاء الآمر ديانةً حكمي بوصف الشرع داعياً للخير في مقابل انعدامه ، والامتثال للأمر من عدمه لا يلغي كون الأمر مطلوباً ، فالله آمرٌ وبعض الخلق تاركون ولله المثل الأعلى .

النّهي خطاب طلب الكف عن الفعل أو الامتناع عنه على جهة الاستعلاء فيما تقرر في أصول الفقه ، وذات القول فيه هو القول في الأمر كما سبق ، وليس المنتهي بانتهائه بشرط في طلب النّهي ، والآتي للمنهي عنه بعد النهي خارج من عهدة النّاهي بالتكليف الحكومي داخلٌ في عهدة الجناية أو الجريمة باقتضاء المصلحة والقانون والنظام .

المعروف والمنكر مصطلحان عظيمان من المستحق أن يكون ما يندرج تحتهما في صياغة مهام الجهاز الحكومي منصبط القاعدة محدد المعالم والتأطير ، بينما لزم التفريق بين ما يفهم منهما عند التعليم أو السجايا أو مقاصد الشرع في تعامل الناس بينهم كأخلاقيات ومحاسن دين وبين مدلولهما في المجال الوظيفي بالتكليف الحكومي ، وحمل هذا على هذا أو الأخذ من ميدان واسع لعمل محدد ربما كان جوراً أو حيفاً .

بقيت الخامسة "الهيئة" وما من صاحب نظر - وغالب الناس هم كذلك - إلا ويفهمون تسمية أو اصطلاحاً لمؤسسة ذات مدلول حكومي ولو أخذت جانباً أصيلاً من الدين مهمة لها بتكليف من ولي الأمر ، فالدولة قائمة على رعاية الدين والدنيا بما يخدم مصالح المواطنين ، فالحرمان الشريفان كانا يتبعان وزارة الحج والأوقاف سابقاً حتى أنشأ ولي الأمر لهما جهازاً خاصاً ، فلا السابق مخالفة ولا اللاحق بابتداع ، ولا التغيير بانتقاص .

وقصر النظر حين الانتقاد على "هيئة" كجهاز إن نظمت أعماله نقص من قدر شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه كثير مما لا يسوغ بالمثال الحي في كل جوانب الحياة في الوطن القائم على شرع الله ودينه الإسلام ، وتعظيم تلكم الشعيرة بأن تكون مادة العمل والتعاطي في كل مناحي الحياة .

فالخدمة المدنية آمرة بالمعروف حين توضح وتقنن حقوق الموظفين ، والصحة ناهية عن المنكر حين تمنع تأخير علاج المرضى وتحذر من تداعيات وباء ، والداخلية مغيرة للمنكر بالضبط والإحالة وتنفيذ الأحكام ، والقضاء آمر بالمعروف قطعاً ، ورعاية الشباب ناهية عن المنكر بما تقدمه ، والدعوة والإرشاد فاعلة ذلك ، وهيئة كبار العلماء هذا نهجها ، والتعليم أساس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والأوقاف والمساجد ميدانها ذات القضية وغير ذلك كثير .

إذن:

١) الشعيرة بالمعنى الإسلامي الكبير بدلالة "إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر" قائمة في كل مفاصل الدولة جملة وتفصيلاً .

٢) والشعيرة بالمعنى الفردي وفق تنظيم سلوكيات الناس وخصوصياتهم بدلالة "كانوا با يتناهون عن منكر فعلوه" قائمة بما بين أفراد المجتمع من سماحة نصح وتناصح حب وأمان وسلام تبادلاً وتفاعلاً .

٣) والشعيرة بالمعنى الخاص بدلالة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" قائمة بهذا الجهاز العظيم "الهيئة" وبتنظيمها الجديد تنفيذاً للأمر والنهي والدعوة للخير من غير اشتراط امتثال مع لازم قياس نتائج التوعية في شُغل فكري علمي كل العالم متجه له .

٤) والشعيرة بمعنى الاستبدال والتغيير بدلالة "من رأى منكم منكراً فليغيره" قائمة بتوزيع الدرجات وفق مقتضيات المآلات والعمل الحكومي من غير فوضى ليصبح حَمْل الناس على الالتزام ومعاقبة المخالف وضبطه وتحرير مستندات ذلك مهمة الأمن والشرطة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر .

واعتقادي بأن تحرير المصطلحات وتفسيرها في الطرح النظامي الحكومي والقانوني يفصل مسائل الخلاف ويحيل النقد والانتقاد ليكون ظاهرة صحية موضوعية لا اعتداء فيها على دين ولا أفراد ولا أجهزة .

جدة

١٤٣٧/٧/١٠هـ