اليورانيوم يغير موازين القوى بالساحل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اليورانيوم يغير موازين القوى بالساحل

  نشر في 01 غشت 2023 .

تزامنت عملية الانقلاب العسكري على رئيس النيجر، محمد بازوم، مع انعقاد قمة روسيا-إفريقيا الثانية، بسان بطرسبورغ يومي 27 و28 يوليو/ تموز 2023، وكان ذلك بمثابة تنبيه إلى أن الصراع الدولي بالساحل قد حُسم لصالح روسيا.

مساء الأربعاء الماضي، ساعات قبل افتتاح قمة روسيا-إفريقيا، تشهد النيجر عملية انقلاب على الرئيس محمد بازوم. ومع افتتاح القمة، يوم الخميس، يخرج متظاهرون بالنيجر وهم يرفعون علم روسيا، تأييدا للانقلاب.

وقياسا بأحداث مماثلة وقعت سابقا في مالي وبوركينافاسو، تكون عواصم غربية، ومنها باريس، قد فهمت فحوى الرسالة.. فرنسا ستخسر دولة أخرى بمنطقة الساحل لصالح روسيا، وهذه الدولة هي النيجر بالذات، حيث يوجد اليورانيوم، السبب الرئيسي في الصراع الدولي بالساحل، ومصدر تشغيل المفاعلات النووية بفرنسا وأوروبا.

نفوذ الروس

ومطلع عام 2020، رُفع علم روسيا وتم حرق علم فرنسا في مظاهرات بمالي. ولم تمر أشهر حتى تكرر الأمر في مظاهرات لتأييد الانقلاب العسكري، وعقبها تبين بأن النظام العسكري الجديد محسوب على روسيا. وعام 2022، تم تنفيذ انقلاب عسكري ببوركينافاسو، وخرج مؤيدون للانقلاب وهم يرفعون علم روسيا، وحينها تأكد بأن منفذي الانقلاب يوالون روسيا.

ولعقود من السنوات، بقيت منطقة الساحل خاضعة لهيمنة ونفوذ فرنسا، على اعتبار أن دولها من مستعمراتها سابقا بأفريقيا.

وبعودتها كقوة دولية مؤثرة في الأحداث، وضعت روسيا منطقة الساحل في حساباتها، وشرعت في بسط نفوذها على المنطقة، بداية بمالي ثم بوركينافاسو، وها هي روسيا تسعى لمد نفوذها إلى النيجر، في انتظار تشاد، ربما، وبغض النظر عن كون موريتانيا قد بدأت تميل إلى كفة روسيا.

مخاوف الغرب

وما يجعل منطقة الساحل ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى روسيا وفرنسا، كما بالنسبة إلى بقية القوى الدولية، هو أنها تعتبر خزانا لثروات وموارد باطنية، منها الذهب والماس والحديد، زيادة على النفط والغاز، وخصوصا اليورانيوم.

ويُعتمد على اليورانيوم في تصنيع الأسلحة النووية، وتشغيل المفاعلات النووية، بما فيها المفاعلات المتعلقة ببرامج عسكرية أو برامج مدنية، وفي إنتاج الطاقة الكهربائية. لهذا فإن اليورانيوم هو السبب الرئيسي في الصراع الدولي الذي يدور، منذ الفترة الأخيرة، في منطقة الساحل.

وتتوفر النيجر ومالي على احتياطي كبير من اليورانيوم. وهناك ثلاثة مواقع في النيجر هي مصدر رئيسي لتشغيل المفاعلات النووية بفرنسا ودول أوروبية.

وهناك مخاوف مطروحة لدى أوساط في دول غربية من أن روسيا تسعى لنقل نفوذها من مالي إلى النيجر بغرض قطع إمدادات اليورانيوم إلى فرنسا وأوروبا، مع احتمال استغلاله في تطوير ترسانتها النووية، أو حتى بيعه لدول حليفة كالصين.

هيمنة فرنسا

في أحداث ليبيا سنة 2011، وعلى إثر حادثة قتل معمر القذافي، من قبل مقاتلين، ظهرت أعلام فرنسا بالعاصمة طرابلس، في مظاهرات مؤيدة لانهيار النظام ومرحبة بالدور الفرنسي في ليبيا. وقتها، حرص الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي على أن يكون حاضرا هناك، من أجل أن يبعث برسائل تهديد باتجاه دول جوار كان يعتقد بأنها ستكون في قبضة فرنسا.

ومن ليبيا، عملت فرنسا على تدفق أسلحة الجيش الليبي المنهار، ومعه المقاتلون المرتزقة، إلى دول الساحل، لتأجيج الوضع الأمني أكثر هناك، حيث شرعت، اعتبارا من سنة 2013، في عملية عسكرية شملت خمس دول في منطقة الساحل، مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد والنيجر.

سنوات بعدها، يتنامى الوعي لدى النخب في هذه الدول من أن فرنسا تمارس سياسة استعمارية، تنهب الثروات ولا تقيم مشاريع تنمية، تخلق ذريعة مكافحة الإرهاب لاحتلال الأرض، في حين أن الإرهاب يتزايد.

عودة السوفييت

سنة 2019، تنعقد قمة روسيا-إفريقيا الأولى، ويُشرع في الترويج لمقاربة روسيا في معالجة الأزمة وتحقيق التنمية بإفريقيا، في إطار شراكة نفعية متبادلة، بعيدا عن هيمنة قوى القطب الواحد، أو القوى الاستعمارية.

ومثلما كان لذلك مفعول واضح في دول إفريقية تربطها بروسيا علاقات قوية منذ الحقبة السوفيتية، كان له أيضا أثر في دول منطقة الساحل، بظهور تيار يسعى لأن تكون روسيا بديلا لفرنسا بالمنطقة. هذا التيار تمثل في مجموعة ضباط جيش تكونوا في روسيا، مدعومون بنخب مجتمع مدني وسياسيين.

سنة 2022، تشن روسيا حربها على أوكرانيا، وتجعل فرنسا مُنشغلة بتبعاتها وتهديداتها المباشرة لها من جهة أوروبا.

وهكذا هيأت روسيا الظروف الدولية والإقليمية كي تنوب عن فرنسا في منطقة الساحل، حيث وضعت حدا لفترة تدخلها العسكري، وسحبت قواتها من هناك، ما بين نهاية 2022 ومطلع سنة 2023، تاركة المجال لقوات روسية تتمركز خصوصا بمالي وبوركينافاسو.

عبد العالي خدروش Abdelali Khadrouche


  • 1

   نشر في 01 غشت 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا