التوقعات كثيرة فيما يتعلق بمُستقبل تلك البقعة الساخنة من العالم، أحدهم قد يأس ولا يجد مخرجًا، والآخر يتزحف نحو تتبع الآثار التي تتحدث عن سيناريوهات نهاية الزمن وظهور المهدي دون جدوى

في صحيح البخاري نجد هذا الحديث المُحير

حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ: ((نَعَمْ)). قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ: ((نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ)). قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ: ((قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ)) له تكملة

هذا الحديث هو كشف من النبي ﷺ عمَّا سيحدث مُستقبلًا

وبالتالي: إمّا أن يكون الخبر قد تحقق في الماضي وانتهى

وإما أنه لم يسقط من غربال الزمان بعد وبالتالي فإنه سيحدث مُستقبلًا

وإما أن نوصل هذا الحديث بحديث آخر صحيح يقول فيه الرسول ﷺ (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)، قال البيروتي في أسنى المطالب (رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم وقال الزين العراقي سنده صحيح)

وبالتالي فإن الأمر قد حدث وسيحدث، مُتبادلًا في دورة مُغلقة

أصحاب اللحىٰ في زماننا هذا يربطون الخير بالاتباع الأعمىٰ لكل حركة وسكون فعلها النبي ﷺ

مع أنه ﷺ قد أثبت لهؤلاء -الذين يهتدون بغير هديه- صفة الخيرية!

كيف؟!

المُتأمل في موضوع الحديث، يجد أن النبي ﷺ لا يصف الخيرية الفردية، بل إن القوم المذكورين هُم بالأساس طالبي خير للمُجتمع ككل

ثم إن العقل يشهد على أن البشرية الآن صارت تُنافس الشياطين عروشهم، وفي عالم الجنون هذا يصبح من الحُمق أن تنزوي الأحلام في مُكاتفة العالم المتقدم تحت فكرة الخوف من ملامسة الشر من أجل آخرة غيبية، هذا المُسلم الضعيف الذي يخشى الفكر والنقاش والتعرض لأجواء الغرب والشرق لم يعدْ يمتلك أوراقًا للعب مع إبليس في لعبته -الوحيدة- تلك، لذلك أصبح من العبث أن يبقى هذا الفكر الأعمى مُتحكمًا في مصير هذه البقعة التي ذاقت ما يكفي من مر الصبَّار!