الراديكالية وتقرير راند - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الراديكالية وتقرير راند

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 01 مارس 2019 .

الراديكالية وتقرير راند


قال تعالى" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" البقرة

وقال أيضاً "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" البقرة

اللهم احفظ علينا ديننا وثوابتنا وعقيدتنا ورد كيد الخونة والعملاء في نحورهم.


منذ أحداث 11 سبتمبر وأمريكا تعمل بسرية وصمت إنما بجدية عظيمة للتصدي لكراهية العرب لها على مواقفها المنحازة مع دولة الاحتلال الاسرائيلية، مدركة تماماً معنى السرعة في استباق الأحداث قبل وقوعها، وتجنيد العقول في مراكز الأبحاث المميزة تلك المتصلة بشرايين سياسة الحكم، وتلك التي تحكم ميلها للصهيونية، وبناء على نتائجها وضع البيت الأبيض والكونغرس سياستهما تجاه دول العالم الاسلامي والشعوب المسلمة، وتوافق ذلك مع سياسة دولة الاحتلال الصهيونية، مستهدفين من ورائها تفكيك الإسلام وجذب المنافقين من المسلمين أفراداً وجماعات تحت عناوينها التي خلطت فيها كالعادة السم بالدسم.

سنوات عديدة من البحث والتقصي وتشغيل العقول وتفعيل عبقريتها في استخراج وسائل شريرة في ضرب الإسلام كدين وعقيدة الذي ما فتئ يشكل البعبع العظيم في الذهنية الاستعمارية الذي يهدد السياسة الأمريكية ويحول دون فرض هيمنتها على الشرق الأوسط، ودون سيطرتها على المنطقة، ويعطل خططها في تغيير خارطتها الجغرافية، وإنقاص تعداد سكانها، وتبديل تركيبتها السكانية، والتأثير على مفاهيم معتقدها الديني، وصرفها تماما عن ثقافة الجهاد، وانصب جهد جيش من المفكرين للبحث عن أعتى الوسائل الشريرة للقضاء على الإسلام أو تبديله بإسلام حديث مفصل بدقة على المقاس الغربي.

بهذه الطريقة عملت بشكل عميق ومجتهد مؤسسة راند الأمريكية المدعومة من المؤسسة العسكرية الأمريكية لتطوير السياسات العامة وتحسين عملية اتخاذ القرارات المهمة بالصورة التي تنال عن طريقها فرص الانتصار، وتعتبر مؤسسة راند واحدة من أهم خلايا التفكير الابداعي الخلاق في العالم، والتي بلغت ميزانيتها رقماً مهولاً حوالي 150 مليون دولار في العام الواحد، فقط لهدف ايجاد وسائل لبناء شبكات للإسلام المعتدل إنما بالصورة التي تريدها عليه دولة الاستعمار الحديث الولايات المتحدة ومن سار على دربها من الحلفاء، فاشتغلت على وضع خطط وأفكار للعمل تحت مفهوم الاعتدال لكنها في الحقيقة تطرح أفكار من شأنها أن تبدل بالمفاهيم التي تغير معتقدات المسلمين وثقافتهم من العمق الفكري، لهذا الغرض تم إنشاء مؤسسة راند وغيرها من المؤسسات المماثلة .

بين جدران المبنى الأنيق لهذه المؤسسة الشيطانية ومؤسسات أخرى مساندة لها، ومن باب الرغبة الشبقة في اتهام الإسلام الذي يدين به غالبية شعوب دول الشرق الأوسط بالراديكالية وتأثيره الضارعلى مستقبل السياسات الأمريكية وعلى وجود دولة الاحتلال الصهيوني المدعومة من الولايات المتحدة والغرب الأوروبي، وقد باتت الحاجة ملحة بعد أحداث سبتمبر حسب القرار السياسي والعسكري الأمريكي لاتخاذ سياسة ناجعة لتفكيك الاسلام، فقد ظلت هذه المؤسسة تخرج تقاريرها السنوية بنفس هذا الاتجاه حتى خرجت أخيرا بتقرير عام 2007م بقولها أن من الضرورة بمكان أن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية بكل طاقتها إلى زرع إسلام بتفاصيل غربية ترضى عنه وتأمن نتائجه يميل مع ميلها ويسلم بمنهجها بما أسمته " إسلام ليبرالي"بل حددت بدقة متناهية صفات هؤلاء المعتدلين المتعاونين وأطلقت عليهم صفة (الليبراليين العلمانيين الموالين للغرب) من أولئك الذين لا يؤمنون بالشريعة الاسلامية على ما هي عليه بل بالمقياس الأمريكي المحدد من قبل مؤسسة راند بعشرة من النقاط، وبمقتضى هذه الشروط العشرة يمكن اعتبار ذلك المسلم معتدلاً أم لا، وعليه اعتبر كافة المسلمين سواسية في مقياس التطرف.

جاء التقرير ب 217 صفحة طارحاً خبرات المؤسسة في تفتيت الفكر والنظام الشيوعي، وطارحاً أيضاً امكانية الاستفادة من خبراته بتجربته السابقة تلك في تفكيك دين الاسلام وفكر شريعته، واستخدمت سياسة زرع الفتن والانشقاقات بين المسلمين على نمط السياسة البريطانية المعهودة التي دائما ما تعطي أعلى نسبة نجاح في تطبيقها ألا وهي سياسة "فرق تسد"، بل إن إدارة بوش اعتمدت محاربة الاسلاميين عبر خدمات علمانية بديلة من خلال دعم جماعات "الإسلام المدني" ممن يتبنون فكر الحداثة والاعتدال حسب المفهوم الأمريكي وليس العربي، وعملت في سبيل الوصول للنتائج المستهدفة على تربية كوادر علمانية مسالمة تتفق مع مصالحها للإستعانة بها في أوقات الذروة.

إنما قابلت دارسيها نقطة مهمة جداً أنّ جميع المسلمين معتدليه ومتطرفيه يؤمنون بجدوى الشريعة في حياة الإنسان المسلم ويشترط جميعهم عدم المساس بالمسلمات الشرعية، وإن ما هو واضح في الشريعة لا يفسر بالنقيض مهما تحايلوا أعداء الاسلام واستخدموا كل وسائلهم في تفسير النص بحيث يثنوه قسراً حسب أيدلوجياتهم المختلفة.

واشتغلت السياسة الأمريكية على أنظمتها الضاغطة الجانبية، كنظام الحصار الاقتصادي والتضييق الإنساني وقطع الموارد عن من اعتبرتهم متطرفين، ممن يرفضون التسليم بسياستها لخدمة ذات السياسة في تثبيت دولة الاحتلال الصهيوني، فيما فتحت يد الدعم على من وضعتهم في جانب الاعتدال ممن قبلوا سياستها ببنودها المشروطة، وطبقت عليهم نظام الاختبار الفوري ودون أيّ روية بإثبات وقوفهم العلني والجلي مع كافة سياساتها على الأخص في مسألة التطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلية، وقبولها كدولة رسمية معترف بها ضمن دول المنطقة والتطبيع الكامل معها، وربط المشاريع الحيوية معها.

ولأن السياسة الأمريكية كانت أهملت معطيات التركيبة الاجتماعية للدول التي تحتلها فقد أخفقت في حسم المواقف السياسية والعسكرية لعدم فهم القضايا الاقليمية والقبلية بالمنطقة، ورجحت كفة الأقليات الإثنية مما تسبب بالعنف والارهاب، وجعلت من اخفاقاتها حجة للبحث والدراسة لتتبين أن القوى القبلية المحركة تلعب دوراً رئيساً وراء الأسباب الكامنة وراء التورط المأساوي لقواتها، فاستدلت عملية فهم إدارة القضايا الإقليمية والقبلية ومعرفة أسباب كراهية تلك الشعوب لها.

وليس خافياً على أحد أن هناك عدد من الجامعات ومنظمات وهيئات عالمية ومن الحكومات وأخص بالذكر حكومات دول عربية وخليجية تعاونت مع مؤسسة راند ومنحتها فرص ذهبية لاجراء دراساتها والتعمق بحضورها وتنويع مواضيعها.

كانت هذه المؤسسة وراء الكثير من العمليات الدولية المفتعلة لإلقاء تبعيتها على بعض الفرق والجهات المسلمة لتأليب الشارع عليها، وبذلك فإن التطرف ليس اسلامياً بالكامل ولم يكن كذلك وإنما تم بصناعة مفبركة بالتمام، تم شراء الذمم لها ممن يرتكبوها إن حكومات أو فرق أو أفراد بإسم جهات اسلامية أو ممن يرتكبوها مقابل أثمان مادية أو إغراءات في المواقع والخدمات أو بالطرق التحايلية المخادعة.

وقد باتت الصراعات المتداولة على أرض الواقع في معظم العالم الاسلامي عبارة عن حرب أفكار تم افتعالها وركوب موج أفكار أخرى ليس لها بالعنف دخل وإنما تم جرها باتجاهات على غير ما أرادته لنفسها لتحقيق أهداف مرسومة مسبقاً.


  • 2

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 01 مارس 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا