النمو... جنازة رجل
الوطن يحمل زورقه الشراعي على المياه العالمية الضحلة، بعد استقلال ممنوح... ساومت نزر من مفاوضيه رقاب شعب أمي وجاهل...
فرح الوطن كطفل. أوهموه رسم طريق النمو والمستقبل... طريق الخلاص... طريق الجنة الموعودة على الضفة الأخرى...
نظر جهة الشاطئ وهو متجه نحو البحر ليعانق موج النمو... اختفى تحت الماء لدقائق معدودة... قبل أن يظهر ثانية وهو يحاول جاهدا، إعادة زورقه إلى وضعه على سطح الماء...
توكل على عبيده، شمّر على ذراعيه قرر أن يوجه الشراع في اتجاه الرياح التي تعبث بشعره الأسود الفاحم الناعم. ذراعه القويتان تمسكان ألواح الزورق بخيط مطاطي متين...
يلقي بسياطه على رُعاعه، ليحرك مجداف الزورق عكس التيار... شعب يئن تحت تخمة الجوع والذل... صابرٌ على المتطفلين والأفاقين واللصوص لحين... أكثر من خمسون سنة وجسده يئن تحت وطأة الجهل والعطالة المفرطة... هذا الحمل الثقيل يهدد كيانه...
يبدو الوطن كإنسان بدائي حكمت عليه آلهة جبارة بحمل صخرة ضخمة من الخيبات التقشفية... أي إله حكم عليه بهذا العبث ؟ في بحر لا منارة ترشده إلى بر الرخاء...
رائحة الند تنتشر في أرجاء الزورق... من جهاز التسجيل ينطلق صوت المقرئ: " وإذ الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت"...
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب - 09 / 04 / 2015