يعشق الكثير من الناس مبدأ المقارنة ، فترى الشباب يقارنون بين اللاعبين و أولياء الأمور يقارنون أولادهم بالآخرين و الأفراد يقارنون بين أصدقائهم أيهم الأفضل وغيرها الكثير الكثير من المقارنات ، لن أخوض في الحديث عن السلبيات التي تحصل عند المقارنة و لا عن الإيجابيات ، بل سأتحدث عن أمر ربما يغفله الكثير منا ، ألا وهو الوقوع في المغالطات عند المقارنة ، كيف هذا ؟! سأجيب الآن عن هذا السؤال .
عندما يقارن الشخص بين أمرين ، يتجاوز هذا الشخص أموراً كثيرة يجب أن توضع بالحسبان قبل عمل هذه المقارنة ، كاختلاف المكان و الزمان و اختلاف الظروف وغيرها ، ولهذا يقع الكثير منا في المغالطات التي تؤدي في نهاية المطاف لخلق أفكار خاطئة في عقولنا ، ونقوم بالبناء عليها فيما بعد على أنها حقائق ، و سأذكر بعض الأمثلة لتقريب الصورة .
لا يزال بعض المتعصبين دينياً يفكرون بضرورة إرجاع المسلمين لأسلوب حياة النبي محمد (ص) و ذلك عن طريق الفتوحات مثلاً ، و المغالطة هنا في مقارنة نمط الحياة الحالي المتطور بنمط الحياة في زمن الرسول ، فهم غفلوا أن أسلوب الحياة في زمن الرسول كان يتطلب ذلك ، فأما أن تغزوا و أما أن تُغزى ، أمّ الآن فهناك مواثيق دولية تضمن حدود كل دولة و تضمن عدم شرعية التدخلات العسكرية التي تأتي من الخارج ، إذاً فالمقارنة هنا مغلوطة .
يقارن البعض الآخر بين كفاءة الذكور بكفاءة الإناث ، و يعتقد هؤلاء بعلو كعب الذكور على الإناث ، و المغالطة هنا أن هؤلاء يؤمنون بهذا الرأي لأن الأنثى في مجتمعهم غالباً تكون غير متعلمة و لا تذهب للعمل فلا تكتسب الخبرة ، بعكس الذكر الذي يكمل تعليمه ، و الذي في أسوء أحواله إذا ترك الدراسة يقوم بالدخول في سوق العمل و يكسب بذلك الخبرة اللازمة ، و لذلك يتفوق الذكور على الإناث المحرومين من العلم و العمل ( الخبرة ) ، و هنا ندرك أن هذه المقارنة مغلوطة و غير عادلة فظروف الأنثى هنا ساعدت في تفوق الذكور .
و يقوم بعض الشباب من محبي كرة القدم مثلاً بمقارنة لاعِبَيْن اثنين في زمنين مختلفين متجاهلين اختلاف كل زمن عن الآخر أو يقارنون عدة لاعبين بمعيار واحد كتسجيل الأهداف بالرغم من اختلاف مهام كل لاعب عن الآخر ، كأن يلعب أحدهم وراء المهاجم و يلعب الآخر في منتصف الملعب ، فهنا غالباً ستكون الغلبة للمهاجم القريب من المرمى ، ما أريد قوله أن المقارنة مشروعة ولكن يجب مراعاة كل الظروف المحيطة و الخفية داخل هذه المقارنة قبل البدأ بعملية المقارنة ، فأكثر المقارنات تكون مغلوطة .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم