شهادة ابداعية.. الشاعر سعيد يعقوب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شهادة ابداعية.. الشاعر سعيد يعقوب

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 26 فبراير 2019 .

شهادة إبداعية.. الشاعر سعيد يعقوب..

هيام فؤاد ضمرة..

أستطيعُ القول وقد عرفتُ سعيد يعقوب منذُ بداياتِ انتاجاتَهُ الشعرية، ومشوارهُ النشط في همةِ الكتابةِ الشعرية، أنّ كتابةَ الشعر عندَ سعيد يعقوب هو تمَركُز رُوحي مُدهش في ظلِّ التمنطُقِ بلغةِ الانتشاءِ الشعري، فما أنْ يَنحني على ورقِهِ الأبيضِ حتى يَتلبسَهُ شيطانُ شعرِهِ مُتراقصاً على أنغامِ مُلهاماتِهِ، فتتدفقُ في مكنونِهِ العبارات، وتنسابُ الصُّور، وتتولدُ الإبداعات، لتُطلق سَيْلها عَرَمْرَماً يَحتفِرُ مكانَهُ في ربيعِ الوجود.

فسعيد يعقوب شاعرٌ يَمتلكُ القدرةَ على الخروجِ من فضاءِ ضجيجِ الكلمات المُبعثرة، ليَرُدّها إلى عرين الطريق بانسيابِها الموزون، ليَزرَعَها نخيلاً مُدَجَناً مُنتظمَ القامةِ في سياقِ الشعرِ وبحورِهِ، كعالمٍ جُيُولوجيٍّ يَستخرجُ دفائِنَهُ من بينِ براثنِ الترابِ ويقدمَهُ مَغسُولاً مِنْ كلِّ شائِـبَة، مُسربلاً بالمشاعرِ الرقراقة، والتشظياتِ العلائقية الدفاقة، وكأنما وحيَهُ الصافي يَستخرجُ تشكيلاتَهُ من مُنجمِ مخزونِهِ السِّريِّ في مجاهيلِ إبداعاتِهَ، بتوهجاتٍ نورانيةٍ روحانيةٍ دَفاقة.

وحيث أنّ الشّعرَ عِبارة عن مكابدةٍ روحيةٍ مع النفسِ، تستحضِرُ فيه النفسُ كلّ أدوات الإبداع في مكابدةٍ وجوديةٍ شغوفةٍ غيرُ مُربكة، لكنها تستخرجُ لها أجنحةً لتحلّق به في تموجاتٍ تعبيريةٍ خلاقة، تأخذهُ تارة لعنانِ الفضاءِ ليُحاكي النجومَ والكواكب، وتُنزلَهُ تارةً أخرى لذبذباتِ الأرض الأم يًهامِسَها ويبثَها من وحيِّ روحِهِ الشعرية دندناتُ نبضاتِهِ.

وسعيد يعقوب يمتلكُ أدواتَهُ الإبداعية كما يمتلكُ بوصلتهُ التي تحميهِ من براثنِ التيهِ في وطأةِ الضَّجر، كان سلَّحَ نفسهُ بشعرِ السابقين ونفحاتِ المُتنورين وأحلام الطامحين فخَبرَ مُرادَهُ، وأمِنَ شكل مَتاعَهُ، وفرَشَ خِباءَ شِعرِهِ بما يُدفئهُ ويُجَمِلَهُ، وانساقَ مع لونِهِ الخاص انسياق الواثقِ المُتمكن.

وسعيد يعقوب مُرَبٍ فاضِل؛ يعملُ بالجهازِ التدريسي، وهي مهنةُ العارف المثقف المرتبط باللغةِ وموجباتِها، وبواجبِ سخاءِ العطاءِ فيها إلى حُدُودِ اتقانِ صَنعَةِ الأجيال، وهذا لعمري دورٌ يَجعلَهُ في قمَّةِ المُستوفي بيانِهِ وبلاغَةِ لغتِهِ ونِطاقِ قُدراتِهِ وبذخِ تشكيلاتِهِ الشعرية، حتى تمكنَ من ترسيخِ حضوره الشِّعريّ في الذاكرة الجمعية لبيئةِ وجودِهِ، واستأثرَ بالجوائزِ وبأقلامِ النُقادِ، ونالَ الشهاداتَ الإبداعية التي تفيهِ كشاعرٍ مُلهَمٍ ومُبدِعٍ حقه، ومُعوِلاُ في ذاتِ الوَقتِ على جيلٍ جديدٍ مِن الشُّعراءِ، لا بُدَّ سيَمروا عن محطتِهِ، ويتبعوا طريقتَهُ، ويحتكِمُوا إلى ما احتكمَ إليه في مسيرتِهِ الشعريةِ التي لم تخلُ أبداً مِن العَقباتِ.

فالشِّعرُ ملاذُ الشاعر حين ستائر الليلِ تُرْخي سُدُولها وتمُدُ ذيولها، فتُسْكِنُ نفسُ الشاعر إلى سُكونِ المساءِ، فيأخذَهُ الشعرُ في تطوافاتِهِ حيثما يَجِدُ نفسَهُ مُحلِقاً بلا هوَادَة.

في نهاية تطوافي أقولُ شهادةُ حقٍ أنّ سعيد يعقوب شاعرٌ إنسان؛ يحملُ داخلَهُ أسمى المشاعرِ وأنبلَها وأجَلَها، وإنسانيتَهُ تجعلَهُ في قمَّةِ المِصدَاقيةِ والاحترامِ مع نفسِهِ ومع المُتلقي، فلا يتكلف ولا يتزلّف ولا يَغتَرِف مِن مُعينِ غيرِهِ، بدليلِ سرعة تماهيهِ مع الأحداثِ في شعرِهِ وسرعةِ إنجازهِ، وتنوّعُ عطائِهِ، كوْن الشعر مُقيمٌ داخلَهُ إقامةً جبرية فطرية، يُعايشَهُ لحظةً بلحظةٍ، ودفقةً بدفقة، فيَعيشُ نوباتَ إلهاماتِهِ كتنفسَهُ الهواء لا يَستطيعُ عنهُ فُكاكاً، مُنصاعاً له انصياع المَسحُورِ بمَوْجِ بُحُورِهِ، مما يجعلهُ مُبدِعاُ في وسائلِ ابحارتِهِ، ومُجيداً في نشرِ أشرعَةِ مُبتناهُ، وسبْكِ صورهُ، وتأطيرَها بأطرِ اللطافةِ والظرافةِ والفخامة، وهذا ما يجعلَهُ على إصرارٍ كبيرٍ وواضحٍ على مواصلةِ الرحيلِ مع الشعرِ ما دامَ له حظٌ أطوَل في الحياة.

خالص تمنياتي للشاعر سعيد يعقوب بمزيدٍ من التجديدِ والتألقِ وبَثّ الضياءِ في تجربتِهِ الشعريةِ الخالدة، ولعلي جديرة أنْ أتنبأ للشاعرِ أنْ يتبعَ العشرينَ ديواناً التي أنجزتْ، بعشرينَ ديواناً آخرين ما دامتْ الأنفاسُ تتردَدُ في صدْرِ الشاعر.

وهو القائل

أوغلتُ في أفقِ المجازِ منقباً == عن طائرِ الشعرِ المضمخِ اقترَبْ

متـنقلاً بين الكواكبِ سـائِلاً == عنه النجومَ وكلَّ مَنْ منه اقتربْ

مُـتـتـبـعاً خُـطواتِـهِ مُـتلـهـفاً == للـقائه متسـائِـلاً أيـنَ احـتجـبْ

وعـن ابتسـامـتهِ وأنـتهِ وعن == نجوى جناحيهِ وما بهما كتبْ

عن لونِ عينيهِ التينِ نَما على == جفنيْهِما بوحُ النسائِمِ واللهبْ

عن رنةِ الفرَحِ المُوشى بالأسى== في صوتِهِ النشوانِ من حزنِ الطربْ


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 26 فبراير 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا