عندما تتحول التحديات إلى رحلة تعلم شيقة ،نقترب اكثر من التغيير المنشود

محطات كثيرة في حياتنا تمر ويبقى الاثر , وبقدر اهتمامنا يدوم نفعه لنا وللآخرين .

وهذه هي قصتي خلال مشاركتي في الجولة الأولى من برنامج معهد الفضاء المدني "تحدي عشرة أسابيع للمشاركة المدنية " والتي مثلت محطة جديدة في حياتي على المستوى الشخصي والمهني ، إذ تمكنت من استكشاف وبناء وتشارك المعرفة والخبرات والمضي رفقة مجموعة متميزة من الرواد والرائدات في تصميم تحد عملي يتجاهل الافتراضات والمثبطات التي عادة ما تتبادر الى الذهن عندما نفكر في كيفية إحداث التغيير والتغلب على مشاكل وقضايا مجتمعاتنا ، وعلى رأس ذلك التفكير في متطلبات التمويل ،وعدم توفره ومخاطر تنفيذ مشاريع طويلة الأمد .

لقد وجدت في هذه التجربة بغيتي كمدير تنفيذي لمنظمة مجتمع مدني ناشئة لا تمتلك بعد لا القدرات المادية ولا المؤسسية ولا رصيد من الخبرة الكافية لتحقيق أهدافها ورسالتها وخدمة مجتمعها المحلي ،حيث تعرفت على ماهية ومبادئ نهج النتائج السريعة ومبادرات تحدي المئة يوم نهجيتها ومراحلها وتعرفنا على تجارب ناجحة في عدة بلدان ، إذ يقوم هذا النهح على تشجيع التفكير الإبداعي والتركيز على الموارد الغير مستغلة وتحفيز والهام أصحاب المصلحة للتغلب على التحديات التي يواجهونها من خلال تفتيت المشاكل الكبيرة الى تحديات اصغر يتم العمل للتغلب عليها وتحقيق نتائج ملموسة خلال مئة يوم او اقل ، والعمل على استدامة وتعزيز النتائج المحققة وتوسيع نطاقها والتعلم من التجارب وحتى الفشل وفي مدة قصيرة ، وخلق سياق للتعلم المستمر وبناء القدرات التنظيمية والانفتاح على كل الآراء وتوفير بيئة تكافلية تشحذ العزائم وتبني الزخم المطلوب لتحقيق نتائج كبيرة في مدة وجيزة وبالموارد المتاحة .

كان لمواد القراءة ومساحات النقاش على منصة سكولوجي، والتي كانت بمثابة منصة تفاعلية نتزود منها بالمعارف ونتشارك فيها الخبرات والتجارب والمهارات ، فضلا عن حلقات مقهى المعرفة والعمل ضمن فريق متنوع المهارات والاهتمامات والخبرات والخلفيات المعرفية والأكاديمية ،ومن دول مختلفة اثرا كبيرا على مستوى حياتي الشخصية والعملية ، وهذه سمة فريدة لمعهد الفضاء المدني قل ان نجدها في منصات تعلم عن بعد او برامج تدريبية ، فما يقدمه معهد الفضاء المدني يتجاوز مساقات التعلم او البرامج التدريبية التقليدية الى فضاء رائع للتشبيك بين النشطاء وكسر الحواجز الجغرافية والإسهام في خلق سياقات للتغيير الإيجابي وتشجيع المبادرات التشاركية ذات الأثر المستدام على مستوى المجتمعات المحلية للمشاركين والمشاركات في مثل هذه البرامج بل على المستوى الوطني والإقليمي.

لحسن حظي انني شاركت لأول مرة بعد ان أجرت إدارة المعهد كما عرفت من حلقات مقهى المعرفة تغييرا كبيرا في طريقة ومنهجية تقديم المساقات والبرامج التدريبية استجابة لرغبات وآراء وتطلعات رواد ورائدات المعهد القدامى وهو الأمر الذي زاد من إعجابي بهذا الصرح التنويري محدود الإمكانات عظيم الأثر .

الموضوع وفكرة التحدي الرئيسية في هذا البرنامج بنيت وفقا لمبادئ وأدبيات نهج النتائج السريعة (مبادرات تحدي المئة يوم ) وهو نهج قائم على الإلهام والتركيز على النتائج سواء كان ذلك على مستوى فرد او مؤسسة او مجتمع .

بفضل الله ثم بفضل مشاركتي في هذا البرنامج ,ونقل وتشارك المعرفة المكتسبة عن نهج النتائج السريعة وتحدي المئة يوم الى المجتمع الذي انتمي اليه من خلال اللقاءات المباشرة وغير المباشرة تحققت نتائج عظيمة في مجتمعي المحلي ! أقول عظيمة أخذا في الحسبان السياق المأساوي الذي يعيشه بلدي اليمن على مختلف الأصعدة بسبب الحرب المستعرة منذ اكثر من سبع سنوات .

أدركت مبكرا خلال مشاركتي في الجولة الأولى من برنامج تحدي عشرة أسابيع للمشاركة المدنية ان اول ما ينبغي ان أقوم به هو بناء علاقات انسانية ومد جسور التواصل مع مختلف أصحاب المصلحة في مجتمعاتنا المحلية ، ومن خلال اللقاءات المباشرة والتواصل غير المباشر توصلت الى تحديد اولي لإحدى القضايا الملحة التي يمكن ان نطبق عليها المعرفة المكتسبة عن نهج النتائج السريعة ومناقشتها مع فريق العمل الجماعي (مجموعة اليمن ضمن الدفعة الثانية ) وهي القضية التي حظيت بإجماع وموافقة أعضاء مجموعة اليمن ضمن الدفعة الثانية والتي تضم أيضا مجموعتين من كل من المغرب وموريتانيا).

بعد نقاشات مستفيضة تم تحديد القضية وصياغتها كما يلي ( تمكين تلاميذ الصفوف الاولى في مدرسة أسماء – مديرية الصلو – محافظة تعز من نطق وكتابة الكلمات بشكل صحيح ) وهي جزء من مشكلة التعليم بعد تفتيتها ومن هذه النقطة بدأ مؤشر النجاح الشخصي , التقاء اصحاب المصلحة ( اولياء امور – ادارة المدرسة – المعلمات – مجلس محلي – ادارة التربية ) وناقشوا اسباب عدم تمكن التلميذات في الصفوف ( 1-3 ) من نطق وكتابة الكلمات بشكل صحيح واقترحوا عددا من الحلول التي تمت ترجمتها الى خطة انشطة محددة الزمن والتكليف والمعنيين بالتنفيذ وخلال مدة لا تتجاوز ثمانية أسابيع وبناء على المواكبة المستمرة واللقاءات الدورية

لاصحاب المصلحة وجدنا تغييرا ملموسا وهاما في طريقة التفكير والتفاعل مع القضايا المجتمعية والإقبال على العمل التشاركي ، والمزيد من الاهتمام بتجربة المدرسة ونهج النتائج السريعة نظرا لما حققته من نتائج في رفع مستوى التلميذات اللاتي استهدفتهن المبادرة وقبل انتهاء فترة التحدي ، وهو ما شجعنا كفريق للاستمرار في تحفيزهم وإلهامهم وحثهم على التخطيط لاستدامة النتائج المحققة وتوسيع نطاقها في بقية مدارس المديرية وفي نطاق أوسع على مستوى المحافظة والبلد وأن تصبح تجربة ملهمة للأجيال المتعاقبة ،وانا على ثقة ان ذلك ليس حلما بعيد المنال-.

صحبتكم معي في رحلة قصيرة في فضاء من فضاءات النجاح التي تخلقها برامج ومساقات معهد الفضاء المدني آملا ان أطل عليكم قريبا متحدثا عن تجربة جديدة وقصص نجاح أخرى. .

رائد معهد الفضاء المدني /عبدالعليم الصلوي