همّ الدين في صدور الصالحين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

همّ الدين في صدور الصالحين

  نشر في 24 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

من المؤلم حقيقة أن ترى الأمةُ أبناءَها الصالحين -وهي في أحوج ما تكون إليهم- بعيدين كل البعد عن نصرتها وأداء واجب التبليغ لدينها، وما يزيد ذلك أيضاً أن تراهم قادرين على أن يبذلوا لها جهداً كبيراً ثم الواحد يعتذر بعذرٍ لا يقبله هو من نفسه فضلاً أن يقدّمه إعذاراً إلى الله.

إنّ غياب همّ الدين من صدور الشباب الصالحين وانكفاءهم على هموم أنفسهم أمر في غاية الخطورة لأنّهم هم وقود الإصلاح، وبذرة الخير التي تنشر الوعي بين أفراد المجتمع، والحصن الحصين الذي يبني جدار المدافعة في المجتمعات المسلمة، بل هم امتداد الأجيال المسلمة التي تنقل الدين والحضارة للأجيال.

وحينما لا يعي المسلم المكانة التي قد أعطاه الله إياها فمن الطبيعيّ أن يكون أقلّ من المتوقع، وبعيد كل البعد عن المطلوب منه، بل هو أقل بكثير من ساحة الممكن، فهو كَلٌّ على نفسه ومجتمعه.

ليس من الخطأ أن ينشغل المسلم ببعض همومه التي يعيش لها، فكُلُّ الناس على ذلك الأمر، بل من السعي ما هو أجر و قربى، كالكدّ على العيال، وتوفير الحياة الكريمة بإيجاد المال الذي يساعدهم على الرقي العلمي والأدبي، إلا أنّ المنبغي تصوره أنّ هذه النسق من العيش كان الصحابة -رضوان الله عليهم- على أشد منه وأصعب حتى باتت قصص الحجارة التي تُربط بها البطون من الجوع صورة غير ملفتة في حياتهم، وأن ينام الواحد منهم طاوياً دون طعام -لليالٍ ذاتِ عدد-أمراً متكرراً في ذلك المجتمع، وهم على ما هم فيه من شظف العيش والفقر والحاجة لم يغب عنهم همّ تبليغ الدين والدعوة إليه والدفاع عنه، فتراهم في غالب أمرهم بين يدي رسول الله ﷺ ينهلون من معين الوحي ما ينشرونه بين الناس، وفي النزال هم الأبطال، وفي ثغور الإسلام هم الرجال.

من المؤسف حقاً أن يكون أحدُنا على قدر من المواهب العلمية والمهارية ثم ينشغل عن همّ أمته بأمور ليست هي من معالي الأمور، وإنِ اعتذر -بما هو أهل للاعتذار به- كان التطبيق مخالفاً لذلك العذر المقبول، فيعتذر بهمّ تربية الأبناء عن الدعوة إلى الله ثم تجدّ جلّ أوقاته بين النزهة والأسفار واللعب والانشغال بترّاهات الأمور، وإنِ اعتذر بهمّ التحصيل للعلوم وبلوغ الدرجات الأكاديمية وجدته عند بلوغ المرام منها يذهب عطاؤه في تغريدة يبثّها في قنوات التواصل يحسب أنّها تمام العلم، وإن دُعي إلى ثغرة من الثغور لا يسدُّها غيره اعتذر بالانشغال.

لنعلم أنّه ليس من الوفاء لهذا الدين أن نعطيه فضلة الوقت وتقلُّبات المزاج، بل زكاة ذلك العمل الدؤوب ليلاً ونهاراً لتعبيد الناس لله، واقتطاع أوقات الراحة وسهر الأسحار لبلوغ المراد، وما أعطى المسلم نفسه خيراً كاستفراغ وسعه في طاعة الله والبذل لدين الله.

لو استحضر الواحد منّا -وهو يخاف الفتن ووقوعها عليه- أنّ من أكبر الأمور التي تكون سبباً في ثباته وذويه في الدنيا والآخرة هو بذل الغالي والنفيس في خدمة هذا الدين وتبليغ شرائعه للناس، لاستفرغ وسعه لكلّ عملٍ دعوي، ولذهب عمره وهو يتقلب بين ثغور الإسلام يردّ عنها أعداءها.

أيها الشابّ الصالح..

يا أمل هذه الأمة..

يا روحها ورواحها..

فكر ملياًّ.. وتأمل كثيرا في السؤال الذي سأطرحه، ولا تهمله أبداً، فقد يكون السؤال الذي يقلب حياتك رأساً على عقب، ومساراتك إلى آفاق لم تخطر ببالك يوماً ما، وقد يكون طريقاً جديداً في سيرك إلى الله، وعهداً جديدً ميثاقه مع الله، وفوزاً حقيقياً تجده ذخراً عند لقاء الله

ما العمل الذي ستقدمه لدينك وتريد أن تقابل الله به؟

أعيد عليك السؤال وأقرأه أنت بهدوء وتأمل..!!

ما العمل الذي ستقدمه لدينك وتريد أن تقابل الله به؟

سؤال يحتاج تأمل.. ثم تأمل.. ثم تأمل

لا تستعجل الإجابة، لكن ثق تماماً أن إجابتك ستكلّفك سنين طويلة لتحقيقها.

سأفترض أنّك قد سألت نفسك كثيراً هذا السؤال لكنّك لم تتأمله جيداً..

أمّا إن كنت لم تسأل نفسك البتة فهي مصيبة من المصائب..

أمّا أن كنت لا تود الإجابة على السؤال أصلاً وتتهرب منه....!!

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، وأخلف الله الأمة خيراً في فردٍ من أفرادها.


  • 1

   نشر في 24 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا