قطاع الصحة في الجزائر و المنعرج الحاسم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قطاع الصحة في الجزائر و المنعرج الحاسم

سميرة بيطام

  نشر في 16 فبراير 2018 .

يعلو هذه الأيام حماس الأطباء المقيمين في اعتصامهم للمطالبة بجملة حقوق او مطالب أو تغييرات في ارضية العمل الصحي في المستشفيات الجزائرية ، هي طاقات جزائرية من تشهد موجة مطالبة بالحقوق و لسنا ندري هل هذه المطالب هي مشروعة في عمقها أم لا و حتى و ان كنا نعي جدا صدقية هذه الحقوق هل صراحة هذا الحماس هو المطلوب في شوارع العاصمة ؟.

و الأروع أن يعدل قانون الصحة بعد مرور 33 سنة على آخر قانون في الصحة الجزائرية ..يعني ما يحدث الآن قد لا يكون متناسبا على الاطلاق على مستوى طليعة التطلعات لجزائر متقدمة و متطورة ثم سيرورة التعديل تواكب الأحداث بعد 10 سنوات تقريبا و لكن ان تمرر 33 سنة فهذا هو مسبب الجدال حقيقة و ليس حماس الأطباء الذي راق لمستوى الروعة و لكن أين كنتم قبل هذا التعديل و هل راقت لكم ظروف العمل قبل التعديل و بعد التعديل القانوني لم تعجبكم ؟.

ثم ان كنا نمثل شعبا يعي ثقافة الديموقراطية الحقة و ان كنت لا أحبذ هذا المصطلح كثيرا لأنه مصدر لنا في قالب من عولمة الفاظ حديثة مرتبطة بنهضة غربية اكثر منها عربية أو اسلامية ، و عليه هل طريقة مواجهة الأطباء لرجال الأمن لدرجة تعرض بعضهم للضرب و هو ما حز في انفس الكثيرين حسرة لفضاعة المنظر و تحسر العقلاء لتصادم فئة تمثل نخبة واعية جدا من صنف الأطباء و رجال الأمن الذي تلقى على كاهلهم مسؤولية حفظ الأمن و ممتلكات الدولة من اي مذبذب للهدوء و للاستقرار .

جميل هو الحماس لو كان معبرا عن سيرة وطن يعشقه الغريب قبل القريب ، جميل الحماس حينما تضاعف ساعات العمل عند أي اضراب و أروع لقطات الحماس ان يسود أفراد المجتمع لقطات تضامنية تبعث للمشاهد و السامع لقضية الأطباء المقيمين بالجزائر أملا و بريق تطلع لغد أفضل..

قد أتجرأ و اطرح سؤالا في قمة الوجاهة : ماذا لو تحققت المطالب كلها هل فعلا سيرتفع شأن الصحة في الجزائر بتوافر هذه الشروط أم ثمة خلل في مصداقية الشعور بالأمانة تجاه المريض و تجاه وطن يسمى الجزائر؟.

أستحي أن يذكر اسم الجزائر في أي محضر او مجلس و نحن بعد لم نفصل في قضايا عالقة باتت تشتت و تعرقل و تزرع مشاكلا جديدة قد تزيد الوضع تعفنا و هل الجزائر يليق بها أن تصل الى هذه الدرجة من الصراعات؟.

قد اتجرا و أخاطب الطبيب الذي يريد فرارا من بلده الى اي بلد اجنبي بحجة أنه لم يجد آذانا صاغية في بلده ليسافر الى بلد يحلم فيه بصناعة مستقبل طبي أفضل بكثير من ان يصنعه في الجزائر اقول له : صناعة القرار في بلدك أجمل و اروع من ان تصنعه في بلد ثان مهما كانت الظروف اقولها لك لا تفر من بلدك و لا تهاجر و لا تتغرب ، اصنع كيانك على ارض الجزائر و تعلم العلم النافع و قدم الأسباب لتحسين ما يجب تحسينه ، هي لغتي الموحدة دائما أخاطب بها اي طبيب جزائري و اي طبيبة جزائرية ، الظروف القاهرة هي من تصنع المعجزات و ليس الكماليات ، فقد تتوفر جملة الكماليات و لا يتحقق المطلوب لأن المعنيين بالأمر لم يرضعوا حليب الزهد و القناعة ووضع الاستقرار نصب الأعين ..

متفائلة جدا رغم كل شيء و قطاع الصحة في الجزائر يمر عبر منعرج حاسم ،هذا المنعرج هو من سيحدد مسيرة الصحة الحديثة في الجزائر ، فقط احذروا أيها الأطباء في أن تفرطوا في الجزائر لأنكم ان فرطتم فيها فلن يرتقي قلمي معكم مرة اخرى للكتابة عن سيرة وطن نال منه المستعمر مسيرة عمر من الرقي..و ان كنت أثق فيك أيها الطبيب الجزائري و أيتها الطبيبة الجزائرية أن التعقل من شيم العقل الجزائري فارتقوا قريبا الى مصاف التغيير الايجابي بهدوء منقطع النظير و على خطى جيل ثورة تحريرية شامخة شموخ من صنعوها ، جزائرا حرة أبية ، و لغتي دائما فيها الأمل لغد أفضل و هو ما سينجلي بعد تخطيكم للمنعرج الحاسم بكل تحضر و سلم و حب عميق للجزائر لأنها هي من ستفصل في مطالبكم بحب عميق من قلوبكم لها.

أتمنى ان تمثلوا المآزر البيضاء أحسن تمثيل بان تقبلوا على الأبحاث الطبية و تجربوا الصعب في التجارب العلمية و تقدموا أكبر ما عندكم من طاقة فكرية لتنقذوا أكبر عدد من المهددين بالموت بسبب الأمراض و الحوادث و الولادات ، أتمنى أن تعطوا نموذجا راقيا لمن يشاهدكم بالخارج حتى تكتمل صورة بلد تركه لنا الشهداء أمانة ، فالدولة تسعى لتقديم الأفضل و أنتم من يجب عليكم الحفاظ على الفضل و لو كان قليلا لأن أخلاقكم هي رسالة صوتية مسموعة لكل العالم أن الصحة في الجزائر سترتقي و على خطى من يقين أن الغد أفضل و أكيد بالعمل الجاد و حسن التوكل على الله و تفعيل القيم الدينية و الأخلاق في كل شيء حتى في الابتسامة الطيبة ، و لو جربتم ذلك فستتخطون المنعرج بكل هدوء و بكل ألفة فيما بينكم و بين أقرانكم .

فأحيانا أقرا بعض المنشورات على صفحات الفايس بوك باللغة العامية و أتساءل بيني و بين نفسي لما لا تكون بعربية فصحى تخرج من ألسنة فصيحة بليغة كبلاغة الحكمة في الطب أو بلغة انجليزية يغلب عليها طابع العلم لأشعر أني أمام نخبة تعرف كيف توصل صوتها بكل رقي ، او ليس المطلوب رقي و ارتقاء للصحة و لمصلحة المريض فلما لا يكون ذلك بلغة موزونة بعيدا عن عبارات مستواها متدن، حتى الهتافات التي أسمعها أحيانا لا ترقى لمسامعي تمتزج فيها الكلمات باللغة العامية مع فرنسية غير أكاديمية ، لأظل أتمنى مضاعفة ساعات العمل و الصمت الحكيم للقضاء على الرداءة المنتشرة في كل شبر من مؤسساتنا الصحية و البدء في أن نصلح أنفسنا في أن نكون فعلا أهلا لحمل الأمانة أيا كان نوعها.

أحبوا بلدكم و لا تفرطوا فيها و اصنعوا أقدارا جميلة بل واجهوا الأقدار بأقدار أجمل منها تنبض بالإخلاص منكم و التفاني في صنع حضارة الجزائر ، تكون مطالبكم مشروعة حينما تقترن بحب وطن مات لأجله مليون و نصف مليون شهيد و آليا سترتقون الى مصاف صناع المجد للجزائر ..هنيئا لتفهمكم لحرف التعقل مني و مبروك مقدما ان حزتم على التغيير الايجابي على سكة العمل الدؤوب و تفعيل الأخلاق بعيدا عن رزنامة صراعات لا تنتهي حتى نعي ثقافة حب الجزائر لتعلو فوق كل المصالح، أو لستم أهلا للتضحية لأجلها كما ضحى بالأمس من هم في مقدمة التضحيات؟.أترك الاجابة لكم أيها الأطباء و لا تنسوا أني معكم في نفس القطاع فقط بخلفية ادارية.


  • 1

   نشر في 16 فبراير 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
لقد القيت الضوء على جوانب اخرى لموضوع اعتصامات الاطباء المقيمين و الواقع المؤسف لطريقة التعامل معهم،ساعلق على مقالك بابداء وجهة نظري ،عندما نوفر الامكانيات للطبيب كي يعمل في مستشفيات ترقى الى رتبة مستشفى ،و يتقاضون راتبا مناسبا يكفل لهم حياة كريمة ،و تضع الدولة المسؤول المناسب في ادارة المستشفى ويتبعه ردع قوي لمن يسيئ ادارته ،فاعتقد ان واقع الصحة سيتغير جذريا،حتى بالنسبة للخدمة الوطنية يمكن ايجاد صيغة مناسبة للاطباء كتقليص مدتها اكثر ، لكن طريقة صم الاذان ،هي من دفعت الاف الاطباء الى التشبث اكثر بمطالبهم المشروعة .ارجو ان ان تنعم الجزائر بالسلم والتطور الذي يناسب بلدا يملك امكانياتها المادية والبشرية.دام قلمك سيدتي الكريمة .
0
.سميرة بيطام
يبقى حب الجزائر هو من يفصل في شرعية مطالب و شرعية مكاسب و شرعية تطور.
شكرا سلسبيل

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا