المسرح ضرورة .. لمن؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المسرح ضرورة .. لمن؟

لكي يكون المسرح ضرورة عليه أن يعود ليلتصق بكل الحياة

  نشر في 08 يوليوز 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

( عندما استشعر المسرحيون في مصر بالخطر من نظام الحكم بعد ثورة يناير .. كان هناك مؤتمرا بعنوان ( المسرح ضرورة) بالمجلس الأعلى للثقافة . وقد شاركت في هذا المؤتمر بهذه الورقة التي أسقط اسمي من عليها بمطبوعات المؤتمر ... كما قالوا أنها لم تلحق الطباعة بالكتاب الصادر عن المؤتمر ويضم أوراقه!!!

نعم كعادتي لم أهادن وقلت رأيي بصراحة بناء على معطيات الواقع آملا بمستقبل أفضل ... ولكن بعد أعوام من المؤتمر أرى أن الحال كما هو .. فما رأيكم؟

                                                                                                            مجدي الحمزاوي

أولا لا بد أن أشير إلى أن عنوان هذا المؤتمر يحمل الكثير من اللبس . فالعنوان هو المسرح ضرورة . ولكنه لم يحدد ضرورة لمن؟.

بالإضافة إلى أن توقيت انعقاد هذا المؤتمر تحت هذا الاسم . يحمل الكثير من الشك في النوايا . فانهيار المسرح المصري بصفة عامة بدأ منذ عقود . مع ان الاتجاه الرسمي المعلن آنذاك كان يقول انه مع العملية المسرحية . فقط من جانب القول الدعائي. أما اليوم فالتخوف من الصيغة الرسمية للسلطة الان ، والتي يبدو أنها تتخذ موقف الضد من العملية الفنية عموما . وانعكس هذا على بعض المشتغلين بالمسرح ، مها اختلفت مسميات الصفة الإنتاجية التي يدور بها نشاطهم المسرحي. فمسارح البيت الفني للمسرح متوقفة تقريبا نتيجة ضعف الميزانيات أو صرفها بأمور غير العملية الفنية ؛ وكانت النتيجة قلة عدد العروض المسرحية التي أنتجها البيت الفني للمسرح وتقليص ميزانيات العروض التي أنتجت . وهو أمر يقول عنه الفنانين العاملين بمسرح الدولة أنه اضر بهم كثيرا !! مع أنهم جميعا يتقاضون مرتبات شهرية نتيجة أنهم ممثلون أو مهندسو ديكور أو مصنعين وتقنيين.. الخ . كما أنه في لوائح البيت الفني للمسرح ما ينفي سعيه نحو تحقيق الضرورة بصورة غير صورة ضرورة المسرح للمشتغل بهذا الفن من موظفيه . وهذه موضوعات يجب التوقف عندها ولكن بحديث آخر .

ثم الإشارات بمنع بعض العروض المسرحية ؛ وعدم وجود جوائز مالية بالمهرجان القومي الأخير .. الخ

هذه العوامل ربما كانت دافعا لهذا العنوان . وعليه فهل المسرح ضرورة للمشتغلين به . هؤلاء الذين يكون العمل بالمسرح جزءا أصيلا من دخلهم السنوي؟

لو كان الأمر فقط هكذا؟ فتكون الجهة الراعية لهذا المؤتمر وجوبا هي النقابات الفنية وما شابه. مع أن التجربة العملية تدحض ضرورة المسرح لكل المشتغلين به. والدليل على هذا هو اعتذار بعض العروض عن المشاركة بالمهرجان القومي للمسرح نتيجة انشغال بعض الفنانين بعروض تليفزيونية او سينمائية لاحقة على التحديد الوقتي للمهرجان. أو أي ظرف آخر فيما عدا المرض أو الموت

أما إذا كان المقصود بالضرورة هنا ، هي الضرورة المجتمعية . فيكون التقسيم الذي عليه المؤتمر هو خطأ منهجي في الأساس. لأن المفترض في هذه الضرورة المجتمعية أن تكون هناك مشاركة لكل المهتمين بأمر المسرح بمراحله المختلفة ؛ مع الذين من الواجب عليهم أن يكونوا مهتمين بهذا الأمر من ممثلي الجهات الحكومية او الاجتماعية لوضع استراتيجية تدفع بهذه الضرورة للتحقق ؛ ووضع تكليفات معينة لكل قطاع بدءا من مسارح الأطفال للمسرح المدرسي في مرحلة الابتدائية والإعدادية ثم المسرح المدرسي بالثانوية انتهاء بالمسرح الجامعي ، بالتوازي مع الجهات التي من المفترض ان تنتج مسرحا ولكنها لا تفعل الان مثل مراكز الشباب والنوادي والجمعيات ، مع مسارح الشركات والمصانع ، وبالطبع البحث في الدور المفقود للثقافة الجماهيرية التي كان من المفترض أن تلقي بظلها على كل أشكال المسرح في هذه الأماكن ( والحديث بالتفصيل عن مظاهر القصور في هذه المسارح اعتقد ان هذا ليس بمكانه الان نظرا لأني أشارك بهذا المؤتمر تحت عنوان معين)

نعم إن معظم من سيتعامل مع العملية المسرحية في المسارح التي سبق ذكرها سيكون تحت بند الهاوي . ولكنه سيحقق الضرورة المجتمعية المنشودة لو كانت له استراتيجيته الهادفة لهذه الضرورة ؛ ولم يأخذ به بعيدا ليكون نشاطا تسابقيا بعيدا عن الضرورة المجتمعية . لأننا شئنا أم أبينا يجب علينا أن نعترف أن رضوخ المسرحيين للعملية التسابقية التي فرضت في ظروف معينة . جعلت من القائمين على أمر تلك المسارح وقت ان كانت تعمل كلها ؛ وعلى الذين مازالوا يعملون الان ، مثل مسرح الجامعة ، أن يكون كل الهم هو لجنة التحكيم لا المجتمع فكانت النتيجة أننا طردنا الجمهور خارجا ، لأنه ببساطة لم يجد نفسه فيما يقدم أمامه. وكانت النتيجة ان الممارسة المسرحية على سبيل الهواية لم تعد معلما للديموقراطية وتقبل الرأي الآخر كما هو مفترض ؛ بل أصبحت دافعا للتشاحن والتناحر بين أعضاء الفرق المختلفة بعضها البعض داخل المجال الواحد

بالإضافة ا لأننا للأسف نسينا ان اتساع قاعدة الممارسة والهواية هو التأكيد الوحيد على الحفاظ على العملية الاحترافية ذاتها. لأننا بهذا نكون قد حققنا الضرورة المتمثلة في وجود جمهور يبحث عن المسرح.

وأعتقد أنني من الشجاعة بحيث أقول أنه حاليا لم يعد المسرح جزءا من ثقافة المجتمع المصري في عمومه ، فلم يعد هناك أي فئة عمرية أو شريحة مجتمعية تواظب على يكون الذهاب للمسرح جزءا من برنامجها الشهري وليس الأسبوعي كما هو مفترض للضرورة المجتمعية.

وإذا قلنا أن الخطأ المنهجي في هذا المؤتمر النابع من تقسيم فعالياته على محاور مختلفة بعيدة عن بعضها البعض هو مجرد اختلاف في وجهات النظر وأن ما يمكن أن ننظر إليه على أنه أولا ربما يكون ثانيا عند آخرين . إلا أننا نجد التكريس لهذا الخطأ حتى في هذه التقسيمات . فإذا كنا أمام مؤتمر قومي للمسرح . فوجب علينا أن نعرف انه قد سبقه فعاليات للمهرجان القومي للمسرح ؛ وفي المهرجان القومي كان هناك تمثيل لفرق الشركات والجامعة ؛ ولو كانت وزارة الشباب أنتجت مسرحا لكان لها تمثيلا أيضا , ولكننا في المؤتمر القومي لم نجد اعترافا لا بمسرح الشركات ولا بمسرح الجامعة !! فمن الذي خرج عن صفة القومية إذن ؟ هذا المؤتمر أم المهرجان؟!.

لماذا ابعدوا المسرح عن الجمهور؟

بالطبع هناك الكثير من الهموم تتعلق بالمسرح المصري عامة ؛ وبالجهات التي من المفترض أنها تنتجه ؛ خاصة ما أشرت إليه سابقا . مع الوضع في الاعتبار ان محاولات تقزيم المسرح المصري ، كانت لغرض سياسي في الأساس . لأنه أي المسرح . وخاصة مسرح الهواة ، كان لديه الإصرار على أن الكيان الصهيوني مازال عدوا ، كما انه لم يكن يكتفي بنهايات إنشائية تتحدث عن العدل والديموقراطية .. الخ ، إنما كانت هذه القضايا هي لب أعماله أساسا.

ولا يخفى على الكثيرين أنني كنت أتخذ موقفا من هذا المؤتمر ؛ مع التمني بنجاحه , وهذا لأنني أعتقد أن الدعوة إليه كانت لدوافع شخصية في الأساس ؛ فالتجاوزات الكثيرة التي انتقصت من المسرح ذاته في العقود السابقة لم تكن على بال الكثيرين ؛ ولكن عندما اقترب الأمر من ذوات البعض؛ كان التحرك. فلم يحدث ولو لمرة واحدة ان انتبه المسرحيين أصحاب المناصب أنهم حولوا المسرح لضرورة للمشتغلين به ولم يجعلوه ضرورة للمجتمع ؛ ونذكر على سبيل المثال اللوائح التي تحكم مسرح الدولة ح خاصة فيما يتعلق بتنقل الفرق المسرحية لأقاليم مصر. فمسموح فقط بحجز الفنادق وصرف بدل السفر للإسكندرية وبعض المدن الساحلية ؛ أي ان التنقل لكي يقضي المشتغلون بالعروض الصيف على حساب الدولة فقط ؛ أما الأقاليم الأخرى فيجب أن تقوم جهات أخرى بالتكفل بالإقامة ... الخ , مع أن هذه اللائحة تتنافي مع قواعد أي دستور وأي مواطنه ؛ ولكن لم يلتفت إليها أحد فيما سبق.

ولكن مشاركتي هذه كانت تلبية لرغبة أ .د. نهاد صليحة وهي معلمي الأول بنواح عدة وليس المسرح فقط. ؛ علاوة على الرغبة الصادقة لكي يخرج هذا المؤتمر بشيء ملموس ؛ حتى وإن كانت به بعض الأخطاء المنهجية المشار إليها سابقا ،وهذه الرغبة تمثلت في الكاتبة رشا عبد المنعم.

المسرح المستقل. وماهي هذه الاستقلالية؟ وكيف غابت؟

ومع أنني مازلت مصرا على أن القضية الأولى في الضرورة المجتمعية للمسرح تتمثل في معرفة أولا لماذا ابتعد الجمهور عن المسرح؟ ويف نصل اليه أولا ؛ حتى نستعيده ثانيا.

ولكن هنا المجال مفتوحا فقط لمناقشة قضايا ما يسمى بالمسرح المستقل. وبناء عليه ما هو المقصود بهذا العنوان؟ وما هي الاستقلالية التي نتحدث عنها؟

فأنا أعتقد أنه من العبث أن نناقش قضية الاستقلال الفكري ولتوجهي ؛ وهذا أيضا ما يتفق عليه المؤتمرون. ولكن الاستقلالية المنشودة هنا ؛ هي الاستقلالية عن إنتاج الدولة و أي ان الاستقلالية هي هنا هي نمط إنتاجي فقط .

وعند هذه النقطة ربما يجب التوقف عند أن المسرح في الأساس هو عمل مستقل عن إنتاج الدولة ؛ وعندما دخل المسرح بشكله الحديث لمصر كان بناء على جهد أفراد . أو مجموعات صغيرة تكون شراكة فيما بينها . مع وجود الرعاية من الدولة في أوقات لاحقة ؛ وكانت هذه الرعاية تتجلى في أوقات الأزمات ؛ وربما هذا ما اضر بالمسرح المصري أثر مما أفاده ، لأن المشتغلين بالمسرح اعتمدوا في كل أوقات الأزمات على معاونة الدولة ولم يطرحوا هم الحلول التي تمكنهم من تجاوزها كما حدث في المناطق الأخرى.

وسنضطر للتجاوز عن ذكر أشياء كثيرة في هذا الموضوع . ولكن يجب ان نعيد الأمر نصابه الصحيح أولا ، ونقول صحيح أن فرق مسرح التليفزيون المصري ؛ التي تحولت فيما بعد لما يسمى بمسرح الدولة بمسمياته المختلفة . ان لها بعض الايجابيات . ولكن كان لها بعض السلبيات ونخص منها أنها ساعدت على تقليص الحالة المسرحية المصرية . فقد أغلقت العديد من الفرق الخاصة نتيجة وجود هذه الفرق التي تدفع راتبا شهريا لأعضائها ، كما انها قلصت عادة الذهاب للمسرح عند الطبقة المتوسطة إلي كانت تستطيع اقتناء جهاز التليفزيون في الستينيات. لصالح العمال والطبقات الأدنى .

ولكن في السبعينيات وما تلاها تم طرد هذه الطبقات التي استفادت من مجانية التعليم من ساحة المشاهدة ؛ نتيجة تحول هذه الفرق لكيان آخر ودخول ما يسمى بمسرح البتر ودولار . علاوة على أن التليفزيون المصري ذاته لم يعد معترفا إلا بالمسرح الكوميدي وخاصة الجانب الذي يعتمد على لفارس او الهزليات .... الخ وقد اشرنا سابقا لهذا.

وكانت الكيانات المستقلة هي التي تقدم ما اصطلح عليه باسم المسرح التجاري.

وكيف بدأت ثانية؟ وكيف بدأ الالتفاف عليها

ولكن في منتصف الثمانينات كانت هناك حركة من بعض الشباب تتمثل في الحلم مخالف للواقع الفني الذي يعيشونه , وخرجت هذه المجموعة من رحم مسرح الجامعة والثقافة الجماهيرية في الأغلب الأعم وتركزت هذه المجموعات في القاهرة الكبرى والمنيا وبور سعيد وزفني والإسكندرية .

كان من الطبيعي ان تلجأ هذه المجموعة لمؤسسات الدولة لتجد مكانا لها على الأقل تقدم فيه ما تطمح إليه ، وفي هذه الفترة تحديدا كان هناك الاتجاه السياسي بعزل المسرح عن القضايا الكبرى ومن ثم الجمهور . فكان لا بد من محاولة عزل هذه المجموعة مجتمعيا على الأقل . وبالفعل تم هذا لحد كبير , فكان إنشاء مسرح الهناجر . وأنا عن نفسي وقتها ثرت على الاسم فكلمة الهناجر ذاتها كلمة إنجليزية تعني الحظيرة ؛ وعندما تعرب وتكون جمعا فالمعنى واضح ؛ كما أن الحظيرة الثقافية وضحت فيما بعد.

مكان الهناجر وسط محيط دار الأوبرا المصرية والبوابات الكهربائية والمستويات الاجتماعية المحددة سلفا بالتردد على الأوبرا منعت الكثيرين من الجمهور من التواجد داخل هذا المكان ما منعت الكثيرين من المسرحيين أيضا ؛ صحيح انه في بعض الأوقات كان القائمون على أمر هذا المسرح معنيين بتقديم مسرح مختلف عن السائد ، ولكن الإطار الاجتماعي لمكان المسرح ذاته حدد سلفا المتعاملين معه سواء كان جمهورا او مشتغلين بالفن ( وهذا الأمر انسحب أيضا على الكثير من المنشآت الثقافية التي كان من المفترض ان تعنى بالحركات الجديدة عامة والشباب خاصة ).

ونتيجة أن معظم من قاموا بهذه الحركات لم تكن لديهم الاستراتيجية المناسبة التي من الممكن أن تستمر ؛ فكان أن قبلوا ان يقال عنهم أنهم فرق المسرح الحر ؛ وكانت هذه التسمية تخدم النظام السياسي بأكثر مما تخدم الحركة ذاتها . وفعلا استضاف الهناجر المهرجان الأول للمسرح الحر وكانت كل عروضه قاهرية من فرق لها امتدادها الاجتماعي الخاص مع بعض وجود لفرق من جامعة القاهرة.

وبالنسبة للعاصمة الثانية كانت مسارح مكتبة الإسكندرية تمارس نفس الدور السياسي الذي كانت تقوم به الهناجر . خاصة في بعدها المجتمعي عن الجمهور المفترض ؛ بل أصبحت لهذه الأماكن جمهورها النوعي الذي ينفر البعض من التواجد معه وينفرون هم من تواجد الآخرين معهم . وللتدليل على هذا فيكفي ان تعرف أن اكبر كمية من العروض في عام 2011 بالنسبة لعدد السكان كانت في الإسكندرية ؛ ولكن عند الانتخابات برزت اتجاهات و تتخذ من الفن عامة موقف العدو / بما يعني ان كل هذه العروض لم يكن لها أدنى تأثير مجتمعي .

المهم ان الدولة استغلت هذه الحركة للتدليل على ديمقراطيتها ؛ ورشحت بعض الفرق للمهرجانات الخارجية من قبل الدولة ؛ كما أن بعض أعضاء هذه الفرق الحرة أو المستقلة ؛ كان لهم اتصالاتهم بفناني الخارج ونتيجة هذه الاتصالات كانت هناك ترشيحات لفرقهم للمشاركة بمهرجانات خارجية .

ولكن المجتمع المصري؛ بل من المفترض أنهم النخبة المثقفة فيه لم يعرفوا ما تقدمه هذه الفرق في الأغلب لآتها أصبحت عروضا للتمثيل الخارجي. أو تسعى للمشاركة بالتجريبي ومن ثم المشاركة الخارجية ؛ وكان للتجريبي شروطه فيما يبدو إذ ابتعدت العروض عن القضايا الكبرى ؛ وإن اقتربت يكون بشكل لا يصل للجمهور العادي . كما انه كما قلت كان المهرجانات غاية في حد ذاته وليس تتويجا لنشاط.

كما أن بعضهم اتجه للمراكز الثقافية الأجنبية لتمول لهم مشاريعهم ، وطبيعي انه ليس تمويلا خالصا لوجه الفن أو الله ؛ وبيعي انك لن تقدم مالا يرضى عنه الممول . فكانت النتيجة أن الكثيرين من أعضاء هذه الفرق قد فقدت الاستقلالية الفكرية وأصبحت أسيرة لما تريده المهرجانات من وجهة نظرهم أو للممول الأجنبي سواء كان مركزا ثقافيا آو جمعية ما.

ولكن هذا لا يعني أنهم كلهم خرجوا من الاستقلالية الفكرية فهناك البعض أصر على استقلاليته وحاول .

ولكن الظروف المادية والسياسية في الفترة الأخيرة وضعت أماهم تحديا متمثلا في وجودهم ذاته.

الوجود يتحقق بالاستمرارية، والاستمرارية تشترط الجمهور

وعليه فإن المتفكر او القارئ لما يمكن أن يكون عليه المسرح المستقل كنمط إنتاجي لا يعتمد على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة في الوقت الراهن يحب عليه أن يعرف تاريخ الحركة أولا ؛خاصة من ثمانينات القرن الماضي ليقدر ان يمنح تصورا يحافظ على الاستقلالية والاستمرارية.

والاستمرارية لا بد أن تعني أن هناك جمهورا بتابعك لأنك تتحدث معهم وعنهم ولغتهم ؛ أما الاستقلالية فتكون بعدم الحاجة لتمويلات خارجية ؛ مع وجود بعض الدعم المعنوي والمادي من الدولة متمثلا في قاعات مناسبة بأمكنة مناسبة لآ كما نراه الآن، وإن أمكن الاستغناء عن هذا الدعم فمرحبا ولكن كيف؟

أعتقد أن السير فرادى لا يمكن أن يحقق غاية خاصة مع صغر الكيانات وعليه لا بد أن يكون هناك اتحاد ما للفرق المستقلة ؛ ولا يكون اتحادا شرفيا ؛ بل يكون له رأيا وسياسة ملزمة لجميع من انضموا تحت لوائه ؛ وعليه فلابد من التدقيق في اختيار عناصر هذا الاتحاد وتنوعهم . وعليه أن يضع استراتيجيته طبقا لأنه ليس مكملا أو فرعا لحركة المسرح المصري ؛ بل يضع الخطة للعودة للوضع الطبيعي ؛ ألا وهو أن تكون غالبية العروض المسرحية المصرية من هذه الطريقة الإنتاجية أي مستقلة عن الدولة . صحيح انه هدف يأخذ وقتا في تنفيذه ولكن يجب الإعداد له وخطوة تلو أخرى ؛ من الممكن أن يكون هذا الاتحاد كيانا كبيرا او يساعد في خلق كيانات مسرحية كبيرة.

وعليه فإنه يجب أن يتعامل مع فكرة أن يعيد الجمهور للمسرح عامة ولأعضاء فرقه خاصة . وعملية الاستعادة لابد أن يسبقها عملية الذهاب للجمهور في أماكن تواجده الصالحة لتقديم العروض المسرحية. ( والحديث عن هذا تفصيلا وتقديم الأفكار التي تمكن من ذلك ؛ يمكن أن يقدم كورقة لأعضاء الاتحاد ان تواجد هذا ).

ثم هناك نقطة في غاية الأهمية واجبة وفورا ، صحيح ان الاتحاد المقترح من الممكن أن يساعد في حلها لو تواجد على وجه السرعة , ولكن أيضا يمكن للفرق المستقلة التي لها مردودها الطيب على المعنيين بأمر المسرح القيام به . هذا الدور يتمثل في توسيع الرقعة الجغرافية للفرق المستقلة ولتكن البداية بأن يكون لكل فرقة من الفرق صاحبة الاحترام والتاريخ الفني المقبول فرعا واحدا لها على الأقل بإقليم ما . فالامتداد الجغرافي لهذا النوع مطلوب وبشدة ، بل انه هو الضمان الحقيقي لضرورة المسرح.

ثانيا . يجب البحث في الحلول البديلة والمتاحة في نفس الوقت ، لمشكلة عدم توافر الأمكنة التقليدية لتقديم العروض المسرحية . والنظر في الأماكن البديلة لا يكون عن طريق استجلاب تجربة من الخارج ؛ ويقتصر الأمر على استيراد نوعا مسرحيا ربما لا يتناسب مع طيعة المجتمع المصري , كما يحدث للأسف . ولكن علينا البحث في التجارب التي تمت من قبل في المجتمع المصري وكانت تجارب مصرية خالصة مثل مسرح القهوة والسرادق.. الخ . كما يمكن العودة لطرق تقديم بدايات الدراما المصرية والعربية وتطويرها بما يلائم المرحلة.

ولكني اعتقد ان الحل الأول في هذه الآونة هو الذهاب للجمهور في أماكن تجمعاته ، كالحدائق والمدارس والجامعات ,, بل وحتى الموالد والمناسبات الشعبية إن أمكن. كما يمكن استغلال الأماكن الترفيهية الكثيرة التي انتشرت في مصر الان .

الأمر بسيط جدا يحتاج فقط لبعض الخطوات الجادة فكل مدرجات الجامعة تصلح لأن تكون مسرحا وكل فناء بمدرسة يصلح أن يكون مكانا جيدا للعرض .

بل ربما لو توافرت النية الصدقة من بعض هذه الفرق التي نقول عنها أنها مستقلة وتملك الكوادر الجيدة في شتى أنواع فروع العرض المسرحي أن تساهم في حل المشكلات التي يعاني منها المجتمع ؛ فمثلا لو قامت مجموعة من الفرق تحت مظلة الاتحاد الذي أشرت إليه سابقا أو حتى كانت مبادرة فردية آو من مجموعة فرق ، بمسرحة بعض المواد والمناهج الدراسية ؛ لأصبحت هناك مشاركة جيدة للتصدي لظاهرة الدروس الخصوصية من جهة ، والارتقاء بالتعليم المصري من جهة أخرى.

صحيح ان الموضوع قد يستدعي بعض التضحيات أولا ؛ فلن يكون هناك مقابل مادي معقول إلا إذا قدمت ما ترضى عنه ويقبله الجمهور في نفس الوقت . وبعدها سيكون هناك المقابل المناسب لما تقدمه .

كما أنني اعتقد أن على هذه الفرق أو بعضها على الأقل أن تتخصص في المسرح الارتجالي وتمارس نفس الدور الذي مارسته كوميديا الفن من قبل . فهذه الفرق من الممكن أن تنزل لأني مكان وتعرض في عروضها المسرحية التي تناقش مشاكل المناطق التي تكون فيها من خلال التعرف على مشاكلها ولو من قبلها بساعات ؛ حيث ستبرز هنا أهمية وجود القدرة على الارتجال ؛ وحبذا لو تدربت على خلق نوع من المشاركة فيما بينها وبين الجمهور صاحب المشكلة نفسه .

مسرح الميدان/ الثورة ، وكيف بدأنا في القضاء عليه؟!

لم يفطن أحد إلى أنه في خلال أحداث ثورة يناير ظهرت حركة مسرحية جديدة ضمن تلك الفعاليات نفسها ، ولن أصحاب المحلات سابقة التجهيز ؛ ذات المرجعية التي تؤكد على أن كل ما هو أجنبي هو العلاج الناجح ؟ أخذت هذ الحركة للموات.

فقد ظهرت في تلك الفترة ما يمكن أن نسميه بمسرح الميدان ؛ حيث كان الثوار يقدمون العروض المسرحية المصحوبة ببعض الشعر والموسيقى ، ولكن المثقفين كعادتهم افرغوا تلك التجربة من محتواها ؛ وبدلا من أن يطوروها ما يتناسب مع المجتمع المصري أخذوها لما يسمونه بمسرح الشارع . ومسرح الشارع لا يمكن أن يكون على الاطاق في مصر . وذلك لسباب مجتمعية عديدة ولكن مسرح الميدان من الممن أن يتواجد . وبدلا من أن يطوروا التجربة في قالبها الذي نشأت به ؛ حالوا أخ1ذها لقالب آخر غريب ومريب في نفس الوقت . وكانت النتيجة ان الثقافة الجماهيرية سارت وراء المثقفين وأقامت مهرجانا لمسرح الشارع ؛ ولك يلتفت أحد إلى ان العروض التي نجحت هي التي حافظت على قالب مسرح الميدان ؛ ولم يفطن أحد الى أن المثالب التي وقعت بها هذه العروض الجيدة ، كانت في الأساس لإنهم حاولوا ان يستعيروا ما لقنوه لهم حول مسرح الشارع هذا ؛ لعلنا نشير لتجربة عرض أشرف فجل في طنطا ؛ سبب استمرارها أنها حافظت على روح مسرح الميدان ؛ بل الشيء المثير للسخرية وللدهشة ن ما يسمى بمسرح الشارع هذا لم تقدم واحدة من عروضه في شارع بل كانت في الميادين حيث كانت فعاليات المهرجان الذي ذكرته ؛ أو في حدائق أو أماكن مغلقة ؛ ولكنهم لم يفطنوا ان عدم قدرتهم على عرض واحد من عروضهم بالشارع ، هو في حد ذاته حكم على التجربة ؛ ويصرون بكل حسم عليها . ربما لأن لها صداها بمؤسسات وكيانات خارجية أو . أنهم فعلا قد تشربوا هذا الأمر ولم يعد مسموحا بالتفكير في قالب مصري ؛ يعطي نفس الأثر . أو ربما شيئا خر لا أعلمه.

العلامات التي لم نلتفت إليها ، وكيف نستفيد منها؟

ولم يحاول أحد أن يقف عند اتساع رقعة فرق الهواة المسرحية ؛ وحاول أن يجمعهم فيما يشبه اتحاد أو مجموعة . وخير دليل على ذلك هو مهرجان آفاق الأخير. فقد تعددت الفرق بشكل ملحوظ ؛ وهذه التعددية أفرزت أن هناك قصورا في الخبرة والمعرفة من جانب أعضاء الكثير لفن المسرح ذاته ؛ ولكن كان الجميع على اتفاق لحبهم هذا الفن ومحاولة إيجاد أنفسهم من خلاله وكالعادة اهتممنا بمن يعرف وأفردتا له الصفحات والتبريكات . أما الذين كانوا أجدر بهذا الاهتمام ؛ بمن يحبون ولا يعرفون ؛ تركناهم للإهمال . أن النظرة النفعية لذواتنا فقط كانت تحتم أن يكون هناك اهتماما بهؤلاء من جانب أنهم الجمهور النوعي المرتقب لما نقدمه نحن ، ناهيك عن إمكانية بزوغ عقليات فنية كبيرة منهم ؛ في شتى أوجه الفروع المسرحية لو تعلموا أو اكتسبوا الخبرات المناسبة ؛ صحيح ان مشروع آفاق جعل لنفسه اتحادا ؛ ولكنه اتحاد يهتم بالعروض المسرحية لهذه الفرق ولم يتطرق لكيفية إنتاج هذه العروض من الناحية الفنية على الأقل.

كما أن العنصرية التي صاحبت ليالي عرض هذا المهرجان؛ لم يلتفت إليها الكثيرون ؛ وفي رأيي أنها أكبر شيء يجب معالجته والاهتمام به أولا ؛ فقد لا حظنا من خلال فعاليات المهرجان بمرحلتيه الثانية والثالثة ، أن الجمهور القاهري يكون كبيرا وربما تعجز قاعة العرض عن استيعابه لو ان العرض من القاهرة ، أما لو كان من مكان آخر فهناك صفوف قليلة متواجدة , نعم امتدت أثار العملية التسابقية والمنافسة للجميع حتى الهواة ؛ وأصبح الجمهور المسرحي لفرق الهواة هو جمهور يحضر للتشجيع وليس للاستمتاع ، مثلما أصبح الحال في مسرح الجامعة. مع أن هذا الجمهور لو تعاملنا معه بشكل جيد لأخذناه لجانب الاستمتاع بصورة أكبر ؛ وصار مناصرا لعملية الضرورة المجتمعية للمسرح .

وهذا من الممكن أن يتم عن طريق إيجاد طريقة للتعاون بين دور المسرح المختلفة _ والحديث هنا سيكون قاصرا عل القاهرة فقط للأسف _ لأن الأقاليم تفتقد لهذه الدور في الأغلب الأعم _ وخاصة دور لبيت الفني للمسرح ؛ وهو أن يفسح المجال لاتحاد الفرق المستقلة لو تكون ؛ ليضع عروضه المسرحية فوق خشبات هذه الدور ؛ في الأوقات التي لا تكون مشغولة فيها بعروض مسرحية أو بروفات ؛ وبحث إمكانية ان يكون الدخول بمقابل مادي يتجه للدار المستفيدة العرض ؛ مقابل منحها الرعاية وتكاليف الإضاءة والمساعدة في تكاليف الديكور ونقله .. الخ . أو البحث عن أي طريقة أخرى للتعامل لا تكون فيها هذه الدور خاسرة بهذا التعامل او التعاون . كما أنه يجب أن تكون هناك الكثير من الندوات والورش التدريبية لهؤلاء الذين يحبون ولا يعرفون في هذه الدور نفسها ويكون السير طبقا لجدول معروف مسبقا للجميع . وعلى السادة المحاضرين المختارين ان ثبتوا فعلا أنهم مع ضرورة المسرح والتنازل عن أجورهم / كما أن المؤسسات التعليمية يجب أن يكون لها دورها في عملية التثقيف هذه سواء للجمهور العادي أو أعضاء الفرق التي لم تمتلك بعد الخبرة ولا المعرفة ح وهذا عن طريق الإعلان عن محاضرات وندوات يكون المجال فيها مفتوحا للاستماع من جانب هؤلاء ؛ وبذا تكون هذه المؤسسات قد أدت دورها المنصوص عليه في لوائحها المنظمة بالتعامل والتفاعل مع البيئة والمجتمع , ومن هذه المؤسسات مثالا أكاديمية الفنون في القاهرة وكل كليات الآداب التي تدرس المسرح ، إلي ان تجتمع كل الأجهزة المعنية وتضع استراتيجية لهذه الضرورة ؛ ومن ثم تكون المحاضرات والندوات والعروض التعليمية متواجدة في كل مدارسنا الابتدائية والثانوية والجامعات وكل الأماكن التي تخرج الجمهور الضروري للمسرح ومن ثم تحقق ضرورة المسرح لهذا الجمهور.

التنمية الثقافية والاستقلالية

كنت قد قدمت ورقة للسيد فاروق حسني في النصف الثاني من ثمانيات القرن الماضي أطالب فيها بإنشاء صندوق للتنمية الثقافية في كل محافظة ؛ ومقرا عاما يضع السياسات و الاستراتيجية بالقاهرة ؛ وهناك بعض الشهود مازالوا أحياء على ما أقول ، ولكن أخذ من الموضوع فقط الشق المتعلق بالمركز الرئيسي وحاد عن الهدف الأول .

وها أنا أعيد الكرة والفكرة التي تخدم كل المسرحين والمسرح في مصر . سواء كانوا مستقلين او غيرهم على وجه الخصوص والفنون عامة . ألا وهو أن يكون بكل محافظة صندوق للتنمية الثقافية تكون موارده من الآتي . نصف جنيه من كل طالب ابتدائي أو إعدادي وجنيه من طلاب المرحلة الثانوية والجامعية ؛ بالإضافة للتبرعات والخدمات المقدمة للشركات والكيانات الاقتصادية لكل إقليم ؛ وتكون مهمة هذا الصندوق ليس الإنتاج ولكن التدوير والتعريف ؛ فاصغر محافظة في مصر ينتج فها ما لا يقل عن ثلاثين عرضا مسرحيا في العام سواء كانت عروض لوزارة الثقافة أو الجامعات .. الخ ؛ مع العروض التي تنتجها روع الفرق المستقلة التي أشرت إليها سابقا ؛ ولكنها عروض تكون ليوم واحد فقط ؛ إذن فمهمة هذا الصندوق هو تحريك هذه العروض ومنحها ليال عرض إضافية ؛ وتكون النفقات فيها هي الانتقال والإعاشة فقط لأنها أنتجت من قبل ؛ كي يتمكن كل طلاب الجامعة من مشاهدة عروضهم وتتمكن عمال الشركات من مشاهدة المسرج الجامعي ز باختصار تكون هناك الفرصة لأبناء المحافظة لمشاهدة العروض المسرحية خارج نطاق المكان المنتج لهذه العروض والذي يضع القيود على هذه المشاهدة سواء بالنسبة للتواجد المكاني او التوقيت.. كما ان هذا الصندوق من الممكن ان يساهم في إنتاج عروض مسرحية للفروع المستقلة بناء على المشروع المقدم . وبالطيع هذا الصندوق لن يكون همه هو المسرح فقط ولكن سيمتد كما قلنا لكل عملة التدوير الفني والثقافي ؛ بحيث ستكون هناك مطبوعات مستنسخة للوحات كبار الفنانين في مصر والعالم ؛ وأخذ الأذن من المؤسسة الثقافية العامة بطيع اسطوانات موسيقية لإنتاج فرق وزارة الثقافة الموسيقية والغنائية ح ن ارتفاع الذوق العام في أي مجال فني او ثقافي هو مكسب للعملية المسرحية الذي ينعكس على حسن التذوق والتقدير لكل ما هو جيد وبذا نضمن استمرارية الفن الجيد الذي يكون المسرح فيه معبرا عه ككل نظرا لطبيعته الخاصة في احتضان كل أنواع الفنون.

الفرق المستقلة ومسرح الطفل

النقطة الآنية وهي نقطة لا بد منها وإن كانت ثمارها ستكون على المستوى البعيد ولكن النظر فيها يجب ان يكون من الآن وعدم إغفالها . تتمثل في ضرورة أن تكون هناك فرق من هذا النوع أي فرقا مستقلة تعني بمسرح الطفل . لأن طفل اليوم وهو مازال في العاشرة أو أقل هو الذي من المفترض بعد سبع سنوات أن يذهب طواعية ويدفع ثمن دخوله لمشاهدة أي عرض مسرحي ما سواء كان للفرق المستقلة أو الدولة .

وتحضرني هنا تجربة في مدينة بلقاس محافظة الدقهلية ؛ حيث قام محمد قطامش مهندس الديكور بتكوين فرقة اسماها ( الحالاتية ) هذه الفرقة تتنوع عروضها بين العروض المسرحية العاجية التي تقوم على الارتجال ؛ وأيضا على مسرح العرائس؛ وأصبحت عروضها مقبولة من الجميع كبارا وصغارا ؛ ولأنه فنن محترف فقد استطاع التعامل مع المدارس والجمعيات الأهلية ح وأصبحت الفرقة تقدم عروضها في هذه الأمكنة مع وجود مقابل مادي مناسب ؛ وربما يكون جديرا بالذكر ا بعض أعضاء الفرقة ينحصر دخلهم الشهري تقريبا فيما يتقاضونه من هذه الفرقة ؛ أي أن عنصر الاحترافية قد تحقق بالفعل ، ونتيجة ان قطامش مهندسا للديكور ؛ فقد قام بتصميم مسرحه الذي يمكنه الانتقال به لأي مكان ويحقق الظرف الموضوعي المناسب للمسرح آو ما سيقدمه في ليلة العرض المختارة سواء كان يقدم عرا بشريا أو عرضا للعرائس ؛ مسرحا قادر على البقاء في ركن في سيارته ؛ وفوقها ، ثم يجمع في المكان المختار .

لا أكون مبالغا لو قلت أن الفرق المستقلة التي تعني بمسرح الطفل هي أكثر الفرق عرضة بسرعة أكثر من عيرها للاكتفاء الذاتي والربح من هذا المسرح .

دور الجمعيات الأهلية في تحقيق الضرورة المجتمعية للمسرح وتدعيم المسرح المستقل.

إن الجمعيات الأهلية بحكم تكوينها مهتمة بأمر من الأمور الاجتماعية سواء كانت جمعيات تعتني بالأيتام أو الفقراء . لخ أو جمعيات تعتني بالبيئة أو الثقافة أو حقوق الإنسان .. الخ.

وطبيعي ان القائمين على أمر هذه الجمعيات يدركون جيدا أن الوسائل غير المباشرة ، أكثر جدوى من المباشرة ذاتها ؛ ومن أهم الوسائل غير المباشرة المسرح بطبيعة الحال. فالجمعيات الخيرية التي تهتم بالأيتام وخلافه تستدعي بعض الفرق المسرحية المخصصة للأطفال ف الاحتفالات ؛ وذلك للتسرية عن الأطفال ؛ ولكن لو رعت أو أنتجت عروضا تدخل في روع هذه المجموعة أنهم ليسوا اقل حظا أو شأنا من أقرانه وأن ما يمرون هو ظرف طارئ فقط ، وان عليهم ان يثبتوا 1ذواتهم من خلال أمور معينة .... وجمعيات البيئة لو رعت عروضا تتحدث عن حسن التصرف مع البيئة ... الخ . وهذا من الممكن أن يكون عن طريق آن تقوم الجمعية بإنشاء فرقتها المسرحية التابعة لها . أو التعاون مع الفرق المسرحية المختلفة بإقليمها ؛ ولو أقيم اتحاد الفرق المستقلة الذي تحدثت عنه لكان التعامل أكثر سهولة ويسرا من حيث تحديد الرسالة المراد توجيهها ؛ ثم معرفة أفضل السبل للوصول إليها .

هذا بالنسبة للمسرح الموجه ؛ الذي لا بج ان تتغير نظرتنا عنه ونعرف انه بداية الضرورة وتأصيل المسرح لا نوعا اقل من المسرح. فهذا المسرح ، أي المسرح الموجه مجتمعيا هو القادر على وضع اللبنة الأولى في ضرورة المسرح التي نتحدث عنها ،ولو نظرنا حولنا لسلطنة عمان على سبيل المثال ح لعرفنا ان المسرح بدأ عندهم من خلال فرقة مسرحية في النادي الأهلي العماني . ثم استدعت الدولة المصريين مصفى حشيش ومنصور مكاوي ليقدما عروضا مسرحية عن المشكلات التي يعاني منها المجتمع العماني / وكانت النتيجة أن في محافظة من محافظات عمان ما يشبه المسرح القومي عندنا بالإضافة لمسارح الجامعات والمدارس .. الخ ؛ح وعلى سبيل المثال اذكر ان مسرحية المهر لمنصور مكاوي كتبت في عمان لمناقشة قضية ارتفاع المهور هناك : ثم عندما عاد لمصر كتبها بما نعرفها عنها الآن.

أما المسرح بشكله العام فمن الممكن أن تساعد الجمعيات الأهلية في شراء ليال عرض من اتحاد الفرق المستقلة هذا سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق تقديم الخدمات المتبادلة .

من الممكن أن يناقش اتحاد الفرق المستقلة مع اتحاد الجمعيات الأهلية فكرة إقامة مهرجان دولي للمسرح للفرق المستقلة وتكون كل دورة فيه تحت عنوان من العناوين التي تهتم بها هذه الجمعيات ؛ وبالطبع هذا سيمكن من الاستعانة بجهود ودعم المنظمات العالمية مل اليونسكو واليونيسيف وكل منظمات الأمم المتحدة , والمنظمات الإقليمية ,

يمكن للجمعيات الأهلية إنشاء صالات متعددة الأغراض تصلح لتقديم العروض المسرحية وتكون على سبيل الإيجار للفرق المستقلة لتقديم العروض او أجراء التدريبات ؛ كما يحدث الآن من فكرة إنشاء ملاعب للكره بمقابل ؛من بعض الإفراد والهيئات .

. أن يقوم اتحاد الجمعيات بإجبار وزارتي الشباب والشؤون الاجتماعية بوضع شروط تحدد المستوى الثقافي لمجالس إدارات مراكز الشباب والجمعيات التي لها علاقة برعاية النشء ؛ فلم يكن من المستغرب أن تكون كل مراكز الشباب التي أنشئت في الستينيات هي عبارة عن مسرح ملحق به غرفتين لإدارة المركز ككل ،ثم مساحة من الأرض لتكون ملاعب. ولكن الان لا يوجد مسارح بمراكز الشباب فمعظمها هدم أو تحول لصالات أفراح . أو تعود إدارة مراكز الشباب للدولة كما سبق أن كانت عليه وتنفذ خطة منجية موضوعة بدقة للرقي بالنشء والشباب كما كانت عليه في الستينيات ؛ وتكون خارجة عن نطاق الحكومة التي من الممكن أن تتغير اولوياتها الثقافة طبقا لمرجعياتها.


  • 1

   نشر في 08 يوليوز 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا