من أهم المعارك التي يخوضها الإنسان مع ذاته كل يوم دون انقطاع، هي معركة الوصول للسلام النفسي.

الأفكار التي تراود كل نفس إنسانية متزعزعة، مثل أنا لست جميلاً، أنا لست جيداً، أنا غير مرتاح، بيتي متواضع، أثاثي، ملابسي، راتبي، سيارتي، غيري أفضل مني، الناس سيئون، فلان يقصد أذيتي، فلان يزعجني، أنا لا أستحق هذا النصيب ، الناس كلها تفعل كذا لماذا أنا لست مثلهم، فلان سبقني سأسابقه ...إلخ

هذه الأفكار منبعها الوسوسة، والوسوسة هي الأفكار السلبية التي يلقيها الشيطان في النفس الإنسانية، وليس من صلاحيات الشيطان سوى الوسوسة، فهو ليس له تأثير غير أن يلقي تلك الخواطر السيئة، وهو نفسه يصرح بذلك في خطاب أهل النار المعروف في كتاب الله تعالى: 

(وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ ) [إبراهيم ٢٢]

 ويمكننا أن نقول إن الشيطان هو (أفكار سلبية) دون انكار وجود مخلوقات الجان، وليس هنالك دعوة صريحة في القرآن للعداء، أو أمر بعداوة أحد ما غير الشيطان:

(إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمۡ عَدُوࣱّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ) [فاطر ٦]

إذن فالأفكار السلبية هي العدو الذي ينبغي علينا أن ننازله.

ومن الجميل أن الله تعالى أمرنا في سورة الناس بالاستعاذة به من تلك الوسوسة مقرونة بكلمة الناس ، والاستعاذة هي طلب الحماية، والملفت ورود صفة الرب، والملك، والإله، في السورة، فالذي يملك الناس وعقولهم هو الله تعالى، والذي يربيهم هو الله تعالى، وهو الإله المعبود الذي ينبغي أن يفكروا به طيلة يومهم وبكل ما يوصل إليه من أفكار وخواطر ايجابية.

الاستمرار بالتفكير الايجابي، من طرق الاستعاذة بالله تعالى التي تربي الناس بالاتجاه الصائب، وهي جزء من عبادة الله تعالى، والافكار الايجابية نجدها في ذكر الله وتدبر القران وقراءة الكتب، وسماع المحاضرات الثقافية والعلمية، وكلها تطبع في العقول خواطر ايجابية تستبدل بها الخواطر السيئة . إن مواجهة الأفكار السلبية كل يوم وكل ساعة هي مواجهة حقيقية مع الشيطان، والوصول للسلام النفسي والتصالح مع الذات انتصار عليه.