كريم و أشياء أخرى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كريم و أشياء أخرى

  نشر في 06 يوليوز 2019 .

اليوم أيها القارئ أنت بين يداي، اترك كل ما يشغلك و ركز مع الكلمات التي دمي بدل الحبر ضاع فيها هدرا..

إن شعرت و لو بتردد بسيط فلا تواصل القراءة..

إن كنت سطحي التفكير فلا تواصل القراءة..

فأنا الآن سأقوم بعملية جراحية لما سبق ورأيته بالعنوان..

عند هذا السطر أعرف أنك على أتم الاستعداد و قد وقعت صك الدخول لعالمي الخفي..

تمسك جيدا سنعود للماضي، لكن احذر أن تحتجز هناك..فالكثير منا محتجز في ماضيه لم يغادره قط..

في تسعينات القرن الماضي..يوم الأحد مساءا..الشوارع فارغة إلا من نباح الكلاب..كان الجو عاصفا و ماطرا..

ماذا هنالك في الأفق ؟ يبدو كضوء ضعيف يأتي من أحد المنازل

استيقظ الزوج مفزوعا من نومه لصراخ زوجته الحامل في شهرها التاسع..إنه المخاض و يعني أنها ستضع الليلة لا محالة..

استيقظ أخ الزوج أيضا من صراخ زوجة أخيه..فتحرى الأمر و أسرع لطلب الإسعاف من هاتف المنزل الوحيد..لكن للأسف..لا توجد حرارة بالهاتف بسبب العاصفة في الخارج..

فاضطر إلى طلب أحد الجيران لديه سيارة لإيصالهم للمستوصف..

بعد ساعات من الانتظار خرجت ممرضة و أبشرتهم بازدياد مولود ذكر..فكانت الفرحة كبيرة لأنه أول طفل في العائلة..

لكن لم تدم البسمة بعد ما جاء على لسان الممرضة بأن الأم تحتاج نقلا إلى أقرب مستشفى لأنها فقدت من الدم الكثير..

رافقهم الزوج إلى المستشفى و عاد أخوه و زوجته و معهم الطفل للبيت..

بعدما بدأت الأم بالامتثال للشفاء عادوا للبيت..و العائلة مجتمعة بدأوا بنقاش اسم الطفل..بعد أخد و رد أخد عمه هذا الشرف و سماه عبد الكريم..

بالمناسبة العم غادرهم بعد سنوات لدار البقاء.

كانت هذه رحلتك الأولى لعالمي أيها القارئ..هل بإمكانك الإستمرار معي للنهاية..؟

ارتح قليلا لأنه ستزداد الصعوبة و التعقيد..و أحتاج منك أن تحظر حواسك كلها معي و تستعد لننطلق من جديد..

أنا إنسان بالأول ما يعني كتلة من الأخطاء..

أخطاء لا زال لبعضها الأثر في روحي لهذه اللحظة..

طفولتي مرت عادية جدا..من معرفة لما يتزوج الكبار وصولا إلى مطاردة العشاق و تكدير الجو عليهم..

لقد كان أحد أصدقائنا يكبرنا بالسن قليلا هو من شرح لنا لما يتزوج الكبار و نحن متحلقون حوله و المخاط يخرج من أنوفنا من شدة الخشوع..إنه يشرح ما كان يؤرق تفكيرنا..لقد كان الحكيم خاصتنا.

و لن ننسى تجربة الذهاب لحمام السيدات..كانت تجربة رائعة و في بعض الأحيان مخيفة و لا تسألني عزيزي القارئ لماذا..

و الخبز بالسمن و العسل الذي كانت تعده أمي لآخذه للمدرسة..لا يزال مذاقه في لساني للآن و لن يتفوق عليه مذاق أغلى سندويتشات اليوم..

و القمار في المدرسة على من يربح الأدوات..أتذكر جيدا ذلك التلميذ الجديد الذي خسر كل أدواته ..لم يبقى له سوى الطباشير..ليشكونا بعدها للمعلم..

أيام الشتاء حيث لن تقدر على لم قبضتك من شدة البرد..و في طريقك للمدرسة كل همك جدول ضرب أو إعراب لم تحفظه..و كيف ستنجو من الرفع الضرب..

أنواع و أساليب العصا و ضرب أبي لي الذي سيبقى وشما في الذاكرة..و بعضه موشوم بجسدي..كان كله لمصلحتي هذا ما جاء لسانه..لقد كان مبدعا حقا..فيتركك في عذاب نفسي بجملته سنتكلم في الليل..و أقول في نفسي يا أبي عجل العذاب لأنعم بالهناء..و لكن هيهات..لكن لن أنكر فضله فهو من علمني بعض القسوة و الاعتماد على نفسي..

و لا أنسى ذكر حرب العصابات..كل حي يكوّن عصابته الخاصة نتدارس الخطط و استراتيجيات الدفاع و الهجوم..لو لم نتوفق في الدراسة لربما أصبح لنا شأن كجنود..و من يتم الإمساك به طبعا سيكون أسوء يوم في حياته..

كل هذا بعيدا عن عالم الكبار..لقد كانت لحظات الصفوة حقا التي لن تكفي لا الأوراق هنا و لا الجهد لذكرها كلها أو وصف الإحساس الذي ينتابك و أنت تتذكرها..

عزيزي القارئ انتهت رحلتنا الثانية و الوجهة القادمة تعرفها أتم المعرفة..نعم عالم الكبار..

ألم تثنيك كلمة كبار عن متابعة القراءة ؟ فلتفكر جيدا قبل إقدامك على هذه الخطوة فالأمر كما سبقت و ذكرت سيصعب و يتعقد..

عند هذا السطر أعرف أنك رسميا من ركاب الرحلة القادمة..فلتضع حزام الأمان فالجو سيتغيم و يضطرب، و الدنيا ستضرب ببعض الصواعق..

نعم كنت مراهقا و لكن كان عقلي يسبقني بقليل..كنت أفهم النوايا من وراء سلوكات الناس..و متفهم لدرجة كبيرة رغم أني كنت أدعي الغباء بشكل احترافي..لو كنت في ظروف أخرى لاخترت علم النفس..و لكان لي كتاب بعنوان "الإنسان المغربي"..

لقد جاء كله بثلاث ضربات كبرى..هي من سطرت طريقي بقلم من نار على حديد..

في بداية الثانوية العامة..أقرب الناس إليك و عندما أقول الأقرب أعني رابطة الدم أعني قدوتي أعني الذي أحترم..يا ليتني فقدت بصري قبل ذلك اليوم..كانت صدمة أكبر من عمري خلفت وراءها من الخيبة و الألم الكثير..اعذرني عزيزي القارئ فقد أبقيتها سرا بيني و بين نفسي كالجبل تثقل كاهلي..

وقتها لم أجد من أفرغ عليه ذلك الجبل فتركته في نفسي..أحدث به نفسي فقط و الأفكار تتضارب في عقلي بقوة مما خلق ازدواجية في تفكيري..أصبحت أضحك بهستيرية و أخلق جوا من الضحك من حولي..

هذه كانت طريقة لأتجنب الاكتئاب أو الانفجار و ربما الجنون..لقد كانت بداية ظهور شخصية جديدة تماما مستهترة كوميدية بطريقة مأساوية..

الضربة الثانية كان محورها امرآة و ليست أي امرأة..إنها تلك التي قال عنها نزار امرأة ليس لها أرض أو عنوان..بالمناسبة كانت ملهمتي الأولى لكي أكتب ..و إذا أردت معرفة شيئ بخصوص الأمر فارجع عزيزي القارئ لمقالي الأول "انقلاب قلب"..إنها الموناليزا.. في صورة أيقونية تحمل قوسا و به سهم مرصع يلمع تصوبه نحوي ..ذلك السهم به لعنة و ما أصعبها..إنها لعنة باسم لن تستطيع أن تحب من جديد..

الضربة الثالثة من صديق مقرب التمست له أعذارا كثيرة و لكن كان كل مرة يكسر الجرة..فلم يفهم الصداقة بمعناها الصحيح..فما كان مني إلا الانسحاب بهدوء..فرغم أني متفهم و لكن هناك خطوط حمراء عريضة تجاوزها محظور..

أشكره رغم ذلك فقد أخدت الكتب كأصدقاء و الكتابة كمتنفس ..و مع كل كتاب كنت أفهم شيئا جديدا و أعيش تجربة فريدة ..

أحييك أيها القارئ لمواصلتك حتى هذه اللحظة..طبعا أخذت فكرة عني الآن..لكن لا تتعجل بالحكم.. إن عرفت فكرة غابت عنك أفكار..

أنا الآن مزيج من شخصيات و مبادئ و تناقضات توجد في عقل واحد..تتصارع طول الوقت و ذلك الصوت برأسي لا يتوقف..عقلي يسبقني و قلبي بطيئ لا زال حبيس ذلك الزمن..

فيا ترى ما تخبئ الأيام ؟ و ما هي الصدمات القادمة ؟

فلننسى الأمر و لا نكسر المفاجئة..فكل شيئ بوقته ..

هاتي يا دنيا أقوى ما لديك فكريم ليس لوحده هذه المرة..بل معه أشياء أخرى.

تمت


  • 3

   نشر في 06 يوليوز 2019 .

التعليقات

اُسلوب جميل يجذب القارئ
يا ترى ما تخبئ الايام ؟!!
انها تخبئ المفاجآت السعيدة
0
عبد الكريم واكنيم
شكرا على مرورك الجميل..
إنما علمها عند الله ❤

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا