25 يناير .. قفا نبكِ من ذكرى شهيد وحرية | تدوينة صالح عمر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

25 يناير .. قفا نبكِ من ذكرى شهيد وحرية | تدوينة صالح عمر

  نشر في 26 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

«شعب مصر الكريم، لا يفوتني في هذا اليوم أن أوجه لكم التحية، بمناسبة ثورة 25 يناير عام 2011، تلك الثورة التي عبرت عن تطلع المصريين لبناء مستقبل جديد لهذا الوطن، ينعم فيه جميع أبناء الشعب، بالحياة الكريمة» اكتفى عبد الفتاح السيسي بتلك الكلمات فقط في خطابه الأخير للحديث عن ثورة يناير، متجاهلاً أي ذكرٍ عن شهدائها وعن شعارها الأهم «الحرية» ليلخص الثورة في «الحياة الكريمة»، بينما جاءت جل كلماته للشرطة والاحتفال بشهدائها.

ليس غريبًا على قائد الثورة المضادة أن ينتقم بهذا الشكل من ثورة يناير، ولا أن يفكر في كونه يمن على الشعب المصري بأن يعيش «حياة كريمة» التي لا ترقى بالطبع «لحياة التضحية» التي يحياها قوات الشرطة والجيش، ولكن الغريب أني أبدأ اليوم مقالي بجزء من حديث لشخص مثل هذا، بعد ثماني سنوات من إسقاط «مبارك»!

في 25 من يناير 2011 كنت كغالبية «اللي ملهمش فيها» ذاهبًا لعملي الذي لا يعترف بالأجازات الحكومية، غير مبالٍ بما يحدث في قاهرة المعز وكبرى مدن مصر من انتفاضة ضد الفقر والترهيب والظلم الممارس من النظام الحاكم، في محاولة لاستنساخ تجربة تونس في إسقاط رأس النظام، مصدقًا ما ينقله الإعلام المصري على لسان حكوميين عن كون مصر ليست تونس، متيقنًا من قدرة النظام الأمني على وأد أي تحرك ضده، وهكذا كان الأمر في الـ26 و الـ27 من يناير، بينما اختلف الأمر طفيفًا في متابعتي عن كثب ما يجري يوم جمعة الغضب، لأستفيق يوم السبت 29 من يناير على شيء غير تقليدي، فالشرطة «فص ملح وداب» لأرى سائقًا يحطم إحدى كمائنها الخالية كنوع من الانتصار اللحظي على دولة الظلم، وهكذا استمر الأمر بين لجان شعبية يختلط فيها الحب بين الأهالي مع الخوف من مساجين «هُرّبوا» من سجونهم.

ذهبت لأقول «نعم» للتعديلات الدستورية في الـ19 من مارس 2011 ، جاعلاً من نفسي أحد القطيع الذي صدق أن الدين يقول لنا أن نقول «نعم» معتقدًا في صدق شيخ ملتح كان ينادي ليل نهار منذ أشهر قليلة بحرمة الخروج على الحاكم، وأننا الشعوب وجب علينا الطاعة لأولي الأمر حتى وإن كان هذا الوالي مغتصبًا للسلطة، ولم أسأل نفسي حتى كيف لدين خاتم أتى ليؤسس دولة أن يجعل من أتباعه قطيعًا لأي فرعون يأتي، فهو ابن الإله وإن «زنى» على الهواء!

خلال يوم هادئ في القاهرة في أبريل (نيسان) 2011، دخلت لأول مرة ميدان التحرير، لأتنفس تلك الأنفاس التي لم تفارقني لحظة «أنفاس الحرية» التي لم أتنفسها قبلاً، بينما يهتف في أذني صوت لا أميزه «لقد سفكت دماؤنا لنفس تتنفسه فلا تضيعه»، فلم أستطع الخروج قبل البكاء والوعد أني على نهجكم سائر، ولحقكم مطالب ولأنفاس الحرية محافظ!

سافرت إلى القاهرة في الـ15 من يونيو (حزيران) 2012، عشية ليلة التصويت لجولة الإعادة بين محمد مرسي وأحمد شفيق، هاربًا من أن أدعو الناس للتصويت لمحمد مرسي، بينما كنت منذ أقل من شهر أنتقد برنامجه الانتخابي وتكالب جماعة الإخوان المسلمين على السلطة، وصبغ ديكتاتوريتهم بصباغ ديني، ولكن خوفي من لوم نفسي حال نجاح شفيق، أعادني لأدلي بصوتي في اليوم الثاني للانتخابات.

مظاهرات موجهة، وشعارات تنادي العسكر للتدخل، هكذا كانت ملاحظاتي في يوم الـ30 من يونيو، حينما شاركت في مسيرة تطالب محمد مرسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن ضعفي أبى لصوتي أن ينطق برفض ما يرفعه «المواطنون الشرفاء» وفلول الوطني من شعارات، فوجب على التاريخ أن يفعل ما فعله «لأنك عندما تكون ضعيفًا أو مترددًا في اللحظات التاريخية الكبرى، فهذه خطيئة من وجهة نظر التاريخ».

غرد محمد البرادعي على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مستبرئ من الدم الذي سال بينما كان هو نائبًا لعدلي منصور رئيس الجمهورية المعين بعد عزل محمد مرسي، وتوالت «تويتاته» وتغريدات غيره، التي أقابلها بالسخرية، بينما حقيقة يسخر منا السجان الذي حبسني في موطني، وحبسه في منفاه، بينما احمر النيل من الدم المسال.

وسط مجموعة من المتصوفة أجلس مستمتعًا بمديح «خير البرية» محمد – صلى الله عليه وسلم – يحذرنا الشيخ من السياسة كأنها «رجس أو عمل شيطاني» متفقًا مع السلفية في كون معارضة الحاكم حرامًا حتى وإن كان مغتصبًا للحكم، ما دامت له الأغلبية، لينتقل بعدها في مدح الحسين بن علي – عليهما السلام – ويصف نضاله ضد حكم يزيد بن معاوية، الذي – بالمناسبة – بايعه الجميع إلا الحسين وصحبه.

طالب «امرؤ االقيس» الشاعر الجاهلي من صديقيه، قبل أن يذهبوا – جميعًا – للوقوف في طابور انتظار أن يمن القاتل عليهم بـ«حياة كريمة» أن يقفا للبكاء على «الذكرى» التي ارتحلت ولا يذكرها غيره، محاولاً أن يذكرهم بأنفاس الحرية التي أتت من رائحة ذكية بعدما استشهد حبيب كان يهتف «الشعب يريد إسقاط النظام» في التحرير، وعلى وعدهم الذي وعدوه بالقصاص والحرية.


  • 4

   نشر في 26 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا