غباء العصر، غباء تكنولوجي
غباء تكنولوجي
نشر في 06 فبراير 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أن تكتب شيئا في هذا العصر الرديء هو كالعزف لجمهور أصم، نحن نعاني الآن من ذوق سوقي رخيص أو بالأحرى تجاري . قديما كانت مناهل العلم من أدب وشعر وفلسفة لها الوقع الرصين في المجتمعات، فيتهافت الناس لدراستها وفك اسرارها، كانت مجتمعات ثرية بمخزون خصب أكسبها روحا ولونا وبصمة خاصة و خلدها بذلك التاريخ . أما عن عصر التكنلوجيا المتصحر إنسانيا وفكريا، كل شيء صار باهتا فقد بريقه وجماله بما في ذلك من علاقات إنسانية وصداقات. حتى "الحب" فقد نشوته قتلوا فيه لذة الاشتياق لهفة العاشقين فصار هو كذلك رخيصا يباع بثمن بخس على أرصفة فايسبوكية أو تويترية منمقة، "احصل على شريك حياتك من هنا بكبسة زر" وكما يأتي الحب يكبسة زر يذهب كذلك بائسا بلا لون أو رائحة كما الورود التي كانت تحكي قصص العشق المجنون، وتاريخ لحظات اللقاء وتنام بعد ذلك بين طيات رسائل المحبين صارت إلكترونية البراعم تبعث بها متى شئت وتمحوها عند الفراق . وقعنا في نمطية تكنلوجية خرساء فقدنا مايغذي الروح وداهمنا غباء عصري مترف مع أرواح قاحلة بلا معنى .
يقول فرويد "قبل ان تقرر أنك مصاب بالاكتئاب أو الاحباط تأكد انك لم تكن محاطا بالأغبياء "
الغباء معد، إنه وباء العصر ينهش مجتمعاتنا ويسري فيها كالمرض العضال، يمكن ان نكون قد أحرزنا تقدما تكنلوجيا لكن على حساب إلغاء ذكائنا الروحي كان الناس قديما يتنافسون لقراءة اخر الدواوين
وكتب الفلسفة لتتلاقح وجهات النظر والتوجهات السياسية والاديولوجية فأنتجوا وكتبوا وخلدوا هذه هي الثقافة! وما أسهل أن تدمر مجتمع لاثقافة له ولا انتماء ... أما الان فصار الناس يتهافتون لاثراء صفحاتهم الالكترونية بجمع اكبر عدد لليكات، عصر كل شيىء فيه للبيع مقترن بلغة العولمة والتسويق التجاري، فتخرس سطوة المال ثرثرة الفن الجميل يمكن ان يكون ذلك هو الهدف الاساسي لهذه الدمغجة الالكترونة.
جاءت التكنلوجيا لتقرب المسافات وتربط بين الشعوب والقارات فاذا بها باعدت بين اقرب الارواح وسرقة منا اجمل اللحظات التي يمكن ان نعيشها في عالم حقيقي الى عالم افتراضي أجوف و سخيف.
ااتينا الى هذا العالم السخي لنعيشه افتراضيا !! في جدران موصدة تطبق على أرواحنا وتزيد من فراغنا الفكري .
كل شيء أصبح بلا معنى ولالون أتساءل ماستشاركه هذه المجتمعات الافتراضية بعد الاف السنين ماهو الزخم الفكري الذي ستضيفه للمستقبل ...
أم أنها بداية حضارة الانهيار ..الخوف كل الخوف أن نتحول من بشر إلى آلات تأتــي وتغادر هذا العالم بسخف لعبة مبرمجة وتضمحل بكبسة زر تأتــي في صمت وتغادر في صمت .
لعل ذلك ما يجعلني اميل الى الوحدة والانتقائية في اختيار محيطي وللحديث شجون مع أولئكالذين يخاطبون الفكر فيمتلكونني بسعت المعرفة والثقافة الهادفة يسالونك عن فلسفة اغريقية واخر سنفونية موسيقية واخر يفاخر كم كلفته سيارته من ورقة نقدية وكم مرت من الغانيات على صدره في أيام العزوبية ..
"أن تعاني الم الوحدة بمبادئك خير لك ان تعيش غباء سعيدا بين قطيع بلا مبادئ "
خلود شعبان
-
خلود شعبانكاتبة و مدونة
التعليقات
لا أريد تبرير أفعال الصغار ووالمراهقين -بغض النظر عن الكبار والمسنين- الذين جعلوا جلّ أو معظم وقتهم يتطاير بلا رقيب ولا حسيب على مدمرات العقل والفكر، ولكن ما أريد تبريره هو طريقة وصولهم إلى هذا الحال .
لو انتشر العلم وبلغ الآفاق كما السابق لنهضت الإمبراطورية المسلمة العربية بقوة ونفضت غبار الجهل عنها تمامًا، لكن ليس بيدي بيد أن أقول لا حول ولا قوة إلا بالله . عذرًا أختي لم أتوقع طول تعليقي لكن الموضوع أثارني وكلماتك أحيت ما بداخلي من ثورة، بارك الله فيك مقالك مثالي وفكرك سامي .
الآن يُمكنك و أنتِ جالسة على الأريكة و بضغط خفيف على الزر أن تستضيفي أعلم العلماء ،كلٌّ في مجال إختصاصه،و أن تسبحي في فضاء أجمل و أرقى الأغنيات ،و أن تتعلّمي كيف تكونين زوجة ناجحة و طبّاخة ماهرة و أمّا مُتميّزة ،و زيدي على ذلك الكثير..لكلّ شيئ وجه سلبي و آخر إيجابي..فلْندع السّلبي لمن صمّمَ على ذلك، و لنُركّز نحن في الإيجابي لنتسلّق سُلّم الصلاح و العلم..أسلوب رائع و واعد حبيبتي..
وتبقى حروفك ملامسة لكثير من الواقع ..
نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتناله ..
تهتاف الناس - أرجو أن أكون صائباً
بالمناسبة، يبدو أن العالم أصبح بلا طعم أو لون لأنه من غير سبيستووون :-)