ضد مظلوم .. !
" قصة قصيرة "
نشر في 19 أكتوبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ثم اقترب الموعد و أنا على وجل .. بشرتي أصابها الاعياء الشديد من القلق و الأرق , و جسدي أصبح أكثر انهاكا و سقما .. و أنا بانتظار المصيبة أن تحدث و القاضية أن تقع .. أعيش الخوف ذاته كل يوم و أقف على تلك الحافة الآيلة للسقوط كل لحظة و أنتظر بفارغ الصبر أن أسقط لكي لا أعاني مئات المرات نفس الحدث ..
حدث و لا حرج .. عن كل دمعة تحجرت في عيني من الخوف .. عن كل نبضة خرجت خائفة قبل الموعد هروبا من الحدث .. عن كل ارتجاف صوت و رجفة جسد و انقباض صدر و حرقة قلب ..
تداخلت الأسباب العضوية و النفسية لتحكم قبضتها على حياتي .. لأظل بالأسر داخل عقدة الحب و الذنب ..
أن أنظر إليك من خلف القضبان .. أتحسس الحزن العظيم في نظراتك و القهر في حركاتك و سكناتك أرى معالم الكبت و الظلم في ملامحك المنكسرة و كلماتك الخجلة من عدم قدرتها وصف حالتك ..
اقترب ميعاد محاكمة النقض في جريمة لم تفعلها و ضحية لم تعرفها ..
ليتك لم تتبعني في تلك الليلة , ليتك لم تستمع الى صوت الخوف في قلبك .. ذهبت بحثاً عني فوجدتها غارقة بالدماء .. لماذا أمسكت السكين .. بسبب تلك البصمات الجائرة الصقت التهمة بك .. و لا أمل لك بالفرار من القضية ..الا أن يعترف الجاني بكل الحقيقة ..
ليتك لم تثق بي أكثر من اللازم .. ليتنا لم نلتقي ... لكنه قدرك الذي ستعيشه و نصيبك من الحياة الذي اقتسم لك .. عزاؤك الوحيد أنك تحاسب على جريمة لم ترتكبها .. احساسك بالظلم يهون عليك المسألة .. أما أنا فويلي مني أنا .. هي و أنت و أنا .. ثلاثة ينبغي علي أن أتحمل ثقل ذنبهم على قلبي .. أن أحرم من السعادة التي بين يدي .. ولديّ الغاليين بين يدي قاتلة .. و والدتهم هي السبب في غياب والدهم عن المنزل .. أنا سبب كل هذه الفوضى العارمة و الحزن العميق ..
أنا سبب التعاسة الملوثة لأجوائنا ..
محظوظة بما تبقى من احترامك لي و انتظارك بصبر زيارتي .. محظوظة أنك لا تعرف من هو السبب وراء اقامتك الدائمة في السجن .. لماذا أنت دون البشر .. لأعذب بك .. و برؤيتك تذبل شيئا فشيئا أمامي ..
كانت ستسجل ضد مجهول .. لكنها سجلت ضد مظلوم .. !
" محكمة " بهذه الكلمة تجلجلت قاعة المحكمة و تَضَعْضَعَتْ معها قلوبنا .. لنقف في أدب لاحترام العدالة الغائبة في قصتنا ..
و لأسمع حكم المؤبد الرحيم في وقت أصبحت فيه اراقة الدماء أسهل بكثير من زراعة الحب و المودة بين البشر ..
ها أنا وسط غرفة مليئة بالحزن و الشكوى احتضن ولدي بنفس جبانة تخشى فقدان احترام زوجها أكثر من خوفها فقدانه .. و ها هي شيئا فشيئا تفقده .. ثم ستنسى ذات يوم فمن استطاع حمل السكين بيده سيهون عليه كل شيء .
-
د . فاطمة الزهراء الحسينىلكي لا تختنق الكلمات .. هنا واقع اخر .. تلفظ فيه أنفاسها الأخيرة