*سِهَامُ الْحُبِّ..*
{ وَلَمَّا بَلغَ أَشُدَّهُ}.. وَصَلَ إِلَى مَرْحَلَةِ اِكْتِمَالِ رُجُولَتِهِ، وَأَصْبَحَتْ زَهْرَةُ شَبَابِهِ نَاضِرَةً{ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.
اُلْحُكم وَالْعِلْمُ فَلَا طَيْش وَلَا خِفَّة عَقْلٍ وَلَا اِسْتِجَابَة لِلْأَهْوَاءِ فَكَأَنَّهُ رُبِطَ بِرِبَاطِ الْعِلْمِ وَدُثّرٍ بِدِثَارِ الْحكْمَةِ..
وَالْعِلْمُ اللَّدْنِيُّ هِبَة مِنَ الرَّحْمَنِ يَهَبُهُ لِمَنْ صَفَّى قَلْبَهُ، وَزَكَّى لُبَّهُ..
وَالْحِكْمَةُ تِلْكَ الْأَحْدَاثِ وَالتَّجَاربِ وَالْخبرَاتِ الَّتِي مَرَّتْ عَلِيه كَسُحُبِ غَيْث اِرْتَوَى مِنْ قطرَاتِهَا فَأَصْبَحَ أُسْتَاذَا حَكِيمَا يُرْشِدُ الْحَيَارَى فِي دُرُوبِ الْحَيَاةِ..
ثُمَّ مَاذَا بَعْدَ هَذَا الْبُلُوغِ..؟!{ وَرَاوَدَتْهُ}..
مِنْ هُنَا بَدَأَتْ خُيُوطُ الشَّهْوَةِ وَكَأَنَّهَا رَاوَدَتْهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهَا وَفِي قَصْرِهَا..
*وَكَثْرَةُ الْأُلْفَةِ تُسْقِطُ الْكُلْفَةُ..*
وَجَّهَتْ إِلَيْهِ سِهَامَ حُبِّهَا لِتَخْتَرِق قَلْبَهُ.. وَتَعْبَث بِجَوْهَرَةِ عَفَافِهِ، وَتُمَزِّق رَوْحَهُ بَيْنَ عَبَاءةِ دَنَسِهَا..لكنْ هَيهات.
لِقَدَّ تَاهَتْ فِي فَتَاهَا بِهيَامِهَا فَأَضْحَى التِّيهُ بَيْنَ عَينِيهَا لِتَصِل إِلَى مَتَاهَاتٍ بِعِيدَةٍ..
اِقْتَحَمَتْ عَلَيْهِ سِيَاج الْحَيَاءِ وَنَثَرَتْ رَغْبَتهَا أَمَامَهُ بَعْدَ أَْنْ تَزَيَّنَتْ وَتَعَطَّرَتْ وَتَهَيَّأَتْ وَتَجَمَّلَتْ فَأَصْبَحَتْ فِي أَحْسَن حُلّة لِتُثِير شَهْوَتهُ الْكَامِنَة فِي جُبِّ عِفَّتِهِ..
كَانَ جَمَالُهَا كَافِيًا لِلْإيقَاعِ بِهِ دُونَ أَن تَتَزَيَّن فَهِي أَجْمَلُ امْرَأَةٍ فِي الْمَدِينَةِ لكنْ معَ هذا تزيّنت لِيَكُون أُدْعَى لِإغْرَاءِ هَذَا الشَّابِّ الَّذِي صُنِّفَ كَأَجْمَلِ شَابِّ وَجِدَ عَلَى هَذَا الْكَوْكَبِ..
وَلَفْظُ{ هَيْتَ لَكَ} يَدلُّ أَنَّهَا تَهَيَّأَتْ لَهُ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا لِبسَت جَمِيلَ ثِيَابِهَا وَسَرّحَتْ شعرهَا وملأت الْمَكَانَ بِرَوَائِحِ الْبُخُورِ وَالْعُطُورِ وَهَيَّأَتِ الْمَكَان عَلَى أَحسَنِ مَا يَكُون وَقَلْبهَا يخْفِقُ وَنَبْضَاتهَا تَتَسَارَعُ كَيْفَ لَوْ عَثرَتْ عَلَى مُتْعَةِ سَاعَةٍ مِنْ يوسف..
{ هَيْتَ لَكَ}.. تُنَادِيهِ فِي وَلَهٍ وَهيَامٍ وَغَرَامٍ وَقَدْ سَقَطَتْ قُوَاهَا فِي حُبِّ يوسف؛ وَمَلَاَمِحهَا تَسِيلُ عِشْقَا!
{ هَيْتَ لَكَ}.. تَعْزِفُ عَلَى كَلِمَةِ{ لَكَ} لِتُشُوقهُ فِي الْغَوْصِ لِلْعُمْقِ فِي بَيْدَاءِ اللَّهَبِ! وَسَعِيرِ الغواية.. وَكَأَنَّهَا مَلِك خَالِص لَهُ...
نَتَخَيَّل الْمَشْهَدَ وَأَحْدَاثَهُ الَّتِي تُرْسَمُ بِسُرْعَةِ مُذْهِلَةِ وَكَيْفَ أَنَّهَا اِنْفَرَدَتْ بِهِ بإغلاق الْأَبْوَاب... وَأَصْبَحَ الْمَكَانُ خَالٍ لَهَا وَلَهُ.. لَا أحَد هُنَا.... الْكلُّ خَارِج الْقَصْرِ..
السَّرِيرُ جَاهِزٌ..
السُّتُورُ مُرْخَاةٌ..
الْأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ..
فَقَطْ أَنَا وَأَنْتَ..
والمُتَأمِّلُ في لَفظةِ( وغَلّقتِ الْأَبْوَابُ) يَجِدُ أَنَّهَا بَالَغَتْ فِي الإغلاق وَالْإحْكَامَ لِئَلَّا يَفْتَحَ عَلَيْهمَا أَحَد قَبْلَ إِكْمَالِ الْمُتْعَةِ، وَلِئَلَّا يَرَاهُمَا أحَدٌ مِنْ شقٍّ مِنْ شُقُوقِ أَيِّ بَابٍ..
وَيَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بَابَا وَاحِدَا إِنَّمَا أَبوابَ كَثِيرَة غَلّقتهَا عَلَى عَجَلٍ ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَرْكُضُ وَخطاهَا تَتَقَافَزُ لإغلاق آخِر بَابٍ..
وَكَأَنَّهَا بِالتَّفَرُّدِ بِهِ سَتعَثرُ عَلَى مُلْكِ الدُّنْيَا وَكَنْزٍ ظَلَّتْ تَبْحَثُ عَنْهُ طوالَ حَيَاتِهَا..
اِقْتَرَبَتْ مِنْهُ وَشعر هُوَ بِالْفَخِّ الَّذِي وَقْع فِيهِ وَسَمِعَ هَمْس أنوثتها وَرَأَى جَمَال حُلَّتِهَا وَبَيْنَ يَدِيهِ طُوفَان شَهْوَتِهَا الْمُحْدِقِ بِهِ مَنْ كُلّ الْجِهَاتِ..
الْأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ فَلَا يُمكن أَْنْ يُفْلِت مِنْ بَيْن يَدِيهَا.. وَشَهْوَتُهَا ثَائِرَةٌ وَقَدْ حَانَ وَقْتُ سَفْحِهَا..
لَا شَيْء فِي الْقَصْرِ إِلَّا ضَجِيج الشَّهْوَةِ وتُعوذ يوسف..
وَلَا نَظَرَات تَخْتَرِقُ الْأَبْوَاب وَلَا أَنْظَار سِوَى نَظَرَاتِهَا إِلَى مَا تُرِيدُ منهُ وَتَقَلُّب نَظَرِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ..
يَا لله..
مَا الْخطب؟
مَا الْأَمْر؟
قِمَّة الْجَمَالِ يَلْتَقِي بِقِمَّةِ الْجَمَالِ فِي لَحْظَةِ هُدُوءٍ وَسُكُونٍ فَهَلْ سَيَسْقُطُ يوسف فَرِيسَةً لِهَذِهِ الْمُتْعَةِ؟
اِقْتَرَبَتْ مِنْهُ أَكْثَرَ وَيُكَادُ يَقْتُلُهَا الْفَرَاغُ الْعَاطِفِيُّ وَيُشدّهَا إِلَى جَمَالِهِ اِرْتِعَاشَتُهَا الْعَالِقَةِ بِهَا..
وَبِدُونِ حَيَاءٍ أَوْ خَجَل لِأَنَّهُ( فِي بَيْتِهَا) وَأَمَامَهَا طَلَب وَاحِد لَابدَ أَْنْ يُنَفِّذهُ يوسف وَلَا سِوَاهُ..
يَسِيلُ لُعَابُهَا فِي إِرْضَاءِ يوسف، تُبْرِزُ أَمَامَهُ وَدِيعَة بِزَيْنَتِهَا كَغَانِيَةٍ تَتَهَادَى فِي مَشْيَتِهَا تَفْتِنُ بِدَلَالِهَا أَلفَ عَابِد..
ويوسف الْآنَ أَمَامَ مِحْنَةِ الشَّهْوَةِ الْجَارِفَةِ الَّتِي تَعْصِفُ بِكِيَانِهَا وَيَرَى ذَلِكَ مَنْ خِلَالَ تَغَنُّجِهَا وَتَكَسُّرِهَا وَحِرْصهَا عَلَى تَخَليَةِ الْأَجْوَاءِ فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمَا أَحَد..
{ وَلََقَدَّ هَمَّتْ بِهِ} هَمَّتْ بِهِ بِكُلِّ مَا أوتيت مِنْ إقْنَاعٍ وَشَافِعُهَا بَيْنَ يَدِي يوسف حُسْنُ جَمَالِهَا، وَرَوْعَةُ دَلَالِهَا، وَغَدَائِرُ شَعرِهَا، وَاِمْتِشَاقُ قِوَامهَا، وَحَرَارَةُ أَنْفَاسِهَا..
هَمَّتْ أَنَّ تُوقعَهُ فِي شباكِهَا مُسْتَعِينَةً بِسُلْطَةِ الْقَصْرِ.. وَلِمَاذَا يَمْتَنِع وَهُوَ مَمْلُوكُهَا وَغُلَاَمُهَا وَلَا يعرفهُ النَّاسُ فَلَا يَخْشَى إِذَنْ مِنَ الْفَضِيحَةِ، وَمَادَامَ أَنَّهُ مُكْتَمِل القوة، وَمَفْتُول الْعَضَلَاتِ، وَوَسِيمَا جَمِيلَا وَلَيْسَ لَدَيْه زَوْجَة، فَلِمَاذَا لَا يُقدم عَلَى إِشْبَاعِ نَزْوَتِهَا..؟
{ هَمَّتْ} تَشْدِيد الْمِيمِ هُنَا يدل عَلَى شِدَّةِ رَغْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَرَاجُع.. وَشِدَّةُ عَزْمٍ لَيْسَ مَعَهَا تَرَدُّدٌ.. وَشِدَّةُ إقْدَامٍ لَا يُصَاحِبُهَا أَدْنَى مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْ إِحْجَامٍ..
{ هَمَّتْ} بَعْدَ أَْنْ غَابَ الرَّقيبُ، وَلَا إلَه تَعبد، وَلَا زَوْج مُكْتَمِل الرُّجُولَةِ تَخْشَى..
{ هَمَّتْ.. وَغَلَقَتْ..} حَرَارَةُ بَاعِثَةٌ عَلَى الْخَوْضِ فِي مُعْتَرَك اللَّذَّةِ الآثمة وَمُضَاعَفَة الْحَرْفِ يَدلُّ عَلَى مُضَاعَفَةِ جُهْدِهَا فِي الْاِسْتِمْتَاعِ بِتِلْكَ اللَّحْظَاتِ واهتبال فُرْصَة قَدْ لَا يُكَرِّرُهَا الزَّمَانُ
هَذِهِ مُفْرَدَاتُ الْقُرْآنِ فِي تَصْوِيرِ الْمَشْهَدِ لِأَنَّهُ أَعْظُمُ اختبَارِ أخْلَاقِيِّ فِي الْقُرْآنِ..
وَقْف يوسف أَمَامَ ذَلِكَ الْمَشْهَدِ وَهُوَ يَرَى اِنْتِصَابَهَا بِجَمَالِهَا أَمَامَ شَبَابه وَفُحُولَته، وَقَفَ نَاظِرَا لَهَا وَهِي تَصبّ كُؤُوس الْمُتْعَةِ فِي أَقْدَاحِ الْحُسْنِ لِتَسْقِيهِ بِهَا فَيَسْكَر مدَى الدَّهْرِ.. أَرَادَتْ أَْنْ تُوقِدَ الْجَمْرَات بَيْنَ جَنْبِيهِ.. وَأَنْ تُسِيّلَ لُعَابهُ.. وَتَسْتَثِير رَغْبَتَهُ..
اِنْقَلَبَتْ إِلَى فَاتِنَةٍ تُرَغِّبهُ فِي نَفْسهَا وَأَنَّهَا لَهُ خَاتمٌ فِي أُصْبُعِهِ فَلَيَفْعَل بِهَا ماشاء، وَالْمُرَاوِدَةُ: طَلَبُ الشَّيْءِ فِي رِفْقِ وَلِينٍ.. فَهِي قَدِ اِنْخَلَعَتْ مَنْ عِزِّ سُلْطَانِهَا لِتَكُون سِلْعَة بَيْدِ مَمْلُوكَهَا،
فَمَا أَعْجَب أَمْر الشَّهْوَةِ كَيْفَ تهْبِطُ بِالسِّيَادَةِ إِلَى الْخِسَّةِ، وَتَرْتَقِي بِالْعُبُودِيَّةِ إِلَى السِّيَادَةِ.
أَزْلَفَتْ قِوَامُهَا إِلَيْهِ وَاِمْتَثَلَتْ بَيْنَ يَدِيِّهِ وَلَمْ تُصْبِحْ هِي السَّيِّدَة الَّتِي تَسُوس بِحَزْمِهَا الْقَصْرَ، الْمَنِيعَة اِمْتِنَاعَ الصَّخْرِ الْبَعيدَةِ بُعْدَ النَّجْمِ.
كَلَّا.... بَلْ سَقَطَتْ لِلْحَضِيضِ فَهِي أَمَامَ سَيلَ شَهْوَتهَا مُجَرَّد أُنْثَى تَخْطُرُ فِي أَثْوَابِ زَيْنَتِهَا همهَا إِرْوَاءَ عَطَشِ مَفَاتِنِهَا، ثَائِرَةً ثَوَرَانِ الْبُرْكَانِ الْمُتَفَجِّرِ، هَائِجَةً هَيْجَانِ مَجْنُونَةٍ لَا قُيُود عَلَيْهَا، تَمُوجُ فِي فَوْضَى الْجِنْسِ الْمَحْظُورِ..
رَغْبَاتُهَا الْمُشْتَعِلَة تتلمظ كَتَلَمُّظِ الصَّحْرَاءِ لِغَيْثِ الْحَيَاةِ.
{ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنَّ رَأَى ٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ}..
مَنْ يَمْنَعُ شَابَّا وَسِيمَا مُكْتَمِلَ الْخِلْقَةِ بَلَغَ قِمَّةَ الْجَمَالِ أنْ يَتَوَغَّلَ فِي حَمَأَةِ الْمَعْصِيَةِ ؟!
مَنْ يَحْمِي جَوَارِحَهُ مِنْ خَمْرِ الشَّهْوَةِ؟!
مَنْ يُمسِك بِتَلَابِيبِ ثِيَابِهِ فيحجزه عَنْ خَوْضِ وَادي الْمُتْعَةَ؟
مَنْ يَمْنَعُ يَدهُ أَنْ تَمْتَدّ لِأَقْدَاحِ سُكرِ الغواية الَّتِي إِنَّ رَشْفَ مِنْهَا جُرْعَةَ وَاحِدَةَ لَنْ يَسْتَفِيقَ بَعْدَهَا أَبَدًا..
*هِي لَحْظَةُ وَاحِدٍ فَقَطْ فَاُثْبُتْ*
إِنْ ثَبَّتَ الْيَوْمَ وَجُزْتَ الْاِمْتِحَانَ بِنجاحٍ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَر...
تِلْكَ اللَّحْظَةُ الْفَارِقَةُ كَانَتْ فَائِقَة الْجَمَالِ.. كَانَتْ لَامِعَة فِي حَيَاةِ يوسف وَلَوْ سَالَ لُعَابُهُ فِي مَفَاتِنِهَا لِغَرِقَ.. وَلَوْلَا أَنَّ يوسُف رَأَى بُرْهَان رَبِّهِ فِي حَيَاتِهِ.. لتَاهَتْ خُطْوَاته إِلَى الْمَجْهُولِ بَعْدَ تِلْكَ الْخُطْوَةِ، فَالسَّيِّئَةُ تَدْعُو أُخْتهَا وَلََانْغَمَسَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَحْرِ الْهَوَى وَتَلَطّخِ بِأوذار الْمَعْصِيَة!
كَانَ الْمَكَانُ صَاخِبًا بِحَرَكَاتِ الأنوثة الْمُثِيرَة لَكِنَّ يوسُف يَرَى بُرْهَانَ رَبِّهِ..
يَرَاهُ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ، كُلّ مَا اِلْتَفَتَ إِلَى هُدُوءِ الْمَكَانِ رَأَى عَظْمَةَ الْحَقِّ.. لَا لَسْنَا هُنَا لِوَحدَنَا.. فالله ثَالِثُنَا..
لَيْسَ هَذَا مَقَامِي..
سَأُسْقطُ بَعْدَهَا مِنْ مَعَارِجِ الْكَمَالِ، وَدَرَجَاتِ الْجَلَاَلِ..
سَأُهْبِطُ مِنْ عَلِيِّينَ إِلَى سِجِينِ.. مِنَ الرّوحَانِيَّةِ إِلَى الْجَسَدِيَّةِ..
مِنَ الْعَرْشِ إِلَى الْحَشِّ.
مِنَ الْمَلَاَئِكِيَّةِ إِلَى الْحَيَوَانِيَّةِ..
مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الرِّجْسِ..
لَنْ تَقُومَ بَعْدَهَا لِي قَائِمَةٌ..
سَيَكْبُو جَوَادُ عِفَّتِي..
سَيَنْقَطِعُ حَبْلُ العروجِ بِي..
لَنْ يَتَّصِلَ الْحَبْلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ حَاوَلَتُ..
الشَّهْوَةُ تَخْرِمُ مِنِّي عِزًّا لَا يُمكِنُ رَتْقُهُ..
مَا هَمّ يوسف بِهَا أَبَدًا لِأَنَّهُ رَأَى برهَانِ رَبِّهِ ف( لَوْلَا) حَرْفُ اِمْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ.. كَقَوْلِهِ تعَالَى عَنْ أَم مُوسى:( إِنْ كَادَتْ لِتَبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبْطَنَا عَلَى قَلْبِهَا).
رَأَى برهَانِ رَبِّهِ فَسَمى بِنَفْسه وَبَقِيَ مُتَعَلِّقَا بِمَوْلَاه فِي هَذَا الْخَطَرِ الدَّاهِمِ الَّذِي لَا يَقِلُّ عَنْ خُطُورَةِ ظَلَامِ الْجُبِّ.. فَظَلَامُ الْجُبِّ يَرَى مِنْ خِلَالَهُ بَصيصَ نُورٍ أَمَّا ظَلَام الشَّهْوَةِ لَا نُور مَعَهُ..
تَعَلَّقَ بِحَبْلِ مَوْلَاه كَمَا تَعَلَّقَ بِحَبْلِ الْوَارِدِ الَّذِي أَدْلَى دَلْوهُ فَنَجَى مِنْ سِهَامِ الْحُبِّ كَمَا نَجى مِنْ غيَابَةِ الْجُبِّ وهذا الحُبّ هو ظلامٌ وموصلٌ إلى قَعْرِ الظلماتِ سيّانَ ظلماتِ الجُبّ.
*سورة يوسف وتجليات الجمال*
عامر الخميسي
-
عامر الخميسيأعشق العزف على حروف الإبداع..أطير في سماء الفكر كطائر غريد..